مقال مطول لصحافية سورية في صحيفة ألمانية : وصل الخوف إلى سوريا بوصول حافظ الأسد إلى السلطة .. و هذا ما فعله نظامه بالسوريين
نشرت كاتبة وصحافية سورية، مقالاً مطولاً في صحيفة “دي تسايت” الألمانية، بعنوان: “وصل الخوف إلى سوريا بوصول حافظ الأسد إلى السلطة”.
وقالت الصحافية أمينة صوان في مقالها، الذي ترجم عكس السير أبرز ما جاء فيه: “لقد غادرنا والد السوريين”، هذه الكلمات استخدمت على شاشة التلفزيون السوري الرسمي، عندما تم الإعلان عن وفاة حافظ الأسد، في 10 حزيران عام 2000، وكان ذلك في يوم صيفي حار، في العاصمة السورية دمشق.
كان عمري 9 أعوام، لكنني كنت أعرف أن ما حدث كان شيئاً كبيراً وقد شعرت بالرعب، ركضت الى منزل عمي للعثور على ابنة عمي التي كانت على شرفة في الطابق الأول، وصرخت بصوت عال في الشارع : “لقد مات، مات حافظ الأسد .. إنه ميت”.
ابنة عمي التي كانت أكبر سناً مني ركضت بسرعة نحو الطابق السفلي لوضع يدها على فمي، وقالت إنها لا تصدقني، ثم طلبت منها تشغيل التلفاز والتأكد بنفسها.
كنا نشعر بعدم اليقين في تلك الحظة، بعد ثلاثة عقود من حكم حافظ الأسد للبلاد، كان السوريون خائفين مما قد يجلبه المستقبل، لقد كان حافظ الأسد رئيساً لسوريا منذ عام 1971، وقد تولى مسؤولية إنشاء حكومة استبدادية تحت سيطرة حزب البعث.
استلم الأسد الأب العديد من المناصب المهمة في الحكومة، وكان آخرها منصب وزير الدفاع، قبل الاستيلاء على السلطة عام 1970، بعد أن أطاح بصلاح جديد، ونصب نفسه زعيماً بلا منازع.
قام حافظ بزج صلاح جديد في سجن المزة في دمشق، وبقي هناك حتى وفاته في عام 1993، لقد بدا هذا للسوريين وللعالم الخارجي انقلاباً هادئاً وغير دموي، والدليل الوحيد على التغيير هو اختفاء الصحف الحرة والإذاعة والتلفزيون، وبعد ذلك، سيطرت “الدولة” على كل وسائل الإعلام.
أطلق حافظ الأسد على هذا الانقلاب العسكري اسم “الحركة التصحيحية”، وما يزال يحتفل به حتى اليوم باعتباره عيداً وطنياً في 16 تشرين الثاني، حيث يحتفل حزب البعث العربي بما يسمى بـ “الإنجازات”.
الإنجاز الحقيقي لحافظ الأسد، هو في الواقع كونه كان على استعداد دائم للتمسك بالسلطة بعد الانقلاب، ففي عهده حدثت واحدة من أكثر الحوادث المروعة، عام 1982 في مدينة حماة، في ذاك العام استخدم الإخوان المسلمون مكبرات الصوت في المساجد لحث الناس على النزول إلى الشوارع للاحتجاج ضد حافظ الأسد، وقتل أحد قادة حزب البعث، ورداً على ذلك، أمر الديكتاتور جيشه بالتحرك لسحقهم وأرسل قواته إلى حماة ودمر نصف المدينة وقتل أكثر من 10 آلاف شخص من المدنيين.
لقد ولدت في التسعينيات، ولم أعش في تلك الحقبة التاريخية التي شكلت سوريا اليوم، لقد نشأت في معضمية الشام، وهي ضاحية في الجزء الغربي من دمشق، في تلك الضاحية يجرؤ الناس على التحدث حول كل شيء ما عدا السياسة ويقومون بتغيير الموضوع فوراً عندما يتم ذكرها، ولم يكن يحدث هذا بين أفراد عائلتي فحسب، بل كانت كل الأسر كذلك.
فر كثير من السوريين بعد اندلاع الثورة التي بدأت في عام 2011 خارج البلاد، لقد بدأ كل شيء بمظاهرات سلمية، ولكن سرعان ما بدأ جنود ومليشيات بشار الأسد بقمع المظاهرات بوحشية، واعتقلت وقتلت العديد من المتظاهرين والنشطاء وأطلقت النار على الأبرياء في الشوارع، و مع تحول الصراع أولاً إلى حرب أهلية ومن ثم إلى حرب بالوكالة، قام كثير من الناس بالفرار إلى الدول المجاورة، وقد أصبح البقاء في سوريا خطراً جداً.
لذا اضطررت إلى ترك بلدي في نهاية عام 2013، حيث كاد أن يتم القبض علي من قبل النظام، وخرجت على الرغم من أنه تم القبض على أفراد آخرين من عائلتي.
بعد رحلة طويلة، انتهى بي المطاف في مدينة برلين، ولدي الآن الفرصة للمساعدة في أن تكون أصوات السوريين مسموعة.[ads3]
أقذر نظام عرفته البشرية هي نظام الأسد