سماء دمشق التي تزداد ظلمة
ولدت في مدينة #دمشق غريباً، لأبوين غريبين تقاذفتهما نكبة #فلسطين ليجدا نفسيهما مع خمسة أطفال في مدينة دمشق. لم يتعلم أبي درس النكبة ويتوقف عن الإنجاب، استمر في الإنجاب، وأضاف أربعة أولاد إلى العائلة، كنت آخرهم في الترتيب. لم أشعر يوماً أن دمشق مدينتي، ولطالما شعرت بجدار يفصلني عنها. كان حسد أصدقائي السوريين يُهوّن عليّ غربتي، فأعرف أنهم غرباء في بلدهم أكثر مني. كانت ذروة الحسد، في الأيام الكابوسية لاستفتاءات الرئاسة، حيث يقاد الجميع كقطيع لإعلان الإذعان للرجل الأول الذي امتهن إذلال البلد بكل الطرق التي يمكن عقلاً مريضاً أن يخترعها. أما في مسيرات التأييد للرجل «المعجزة» فكنا جزءاً من القطيع.
بعيداً من السياسة، كان أصدقائي السوريون يشفقون عليّ بوصفي الغريب الدائم في بلد يدعي أنه يُبقيني غريباً من أجل مصلحتي الشخصية والوطنية، حفاظاً على حقي بالعودة إلى بلدي التي يعرف أنها مستحيلة، لكنها تصلح كشعار لتوغل في سحق البلد وإخراسه.
«إذا خربت حياتك في هذه الزاوية من العالم… فأينما حللت ستكون خراباً»… منذ غادرت دمشق قبل خمس سنوات وكلمات الشاعر اليوناني قسطنطين كافافي تدق في رأسي طوال الوقت. نعم، لقد كانت حياتي خربة من قبل أن أولد. لم أعرف الطبيعي حتى أقيس عليه: كيف يعيش الإنسان العادي والطبيعي في وطنه في ظل شروط عادية وطبيعية؟ هذا ترف لم أعرفه. كنت واهماً عندما اعتقدت أن الآخرين (السوريين) يعرفون ما هو العادي والطبيعي. كان الطبيعي في ظل حكم البعث، أن يكون الاستثناء هو القاعدة، وكانت غربة السوريين في وطنهم أقسى من غربتي فيه. أنا والسوري الذي يجايلني، ممن ولدنا بعد حكم البعث وإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية في آذار (مارس) 1963، لم نعرف الطبيعي ولا العادي، عشنا حياتنا كلها في ظل الاستثنائي، لدرجة لم يعد أحد يذكر ما كان عليه البلد قبل البعث، وقبل الأسد الأب. لا تاريخ لسورية قبله، يبدأ التاريخ وينتهي بالعائلة بعد توريث الابن. وحد القمع الجميع في سورية، «مواطنين» وغرباء. لم ينل السوريون والفلسطينيون وحدهم حصتهم من القمع، فقد وسع ووزع النظام قمعه وشمل آلاف اللبنانيين والكثير من العراقيين والأردنيين وغيرهم أيضاً.
في كل مكان في سورية لم يكد أحد ينجو من مساءلة المخابرات، وزج مئات آلاف المعتقلين في السجون زمن الأسد الأب، ومجزرة بشعة في مدينة حماة العام 1982، نجح الأسد الأب من خلالها في إخراس البلد وتعميم الخوف على الجميع. أي وطن هذا الذي أولد فيه خائفاً؟! ما معنى أن أكون سورياً في زمن البعث والأسد، سوى أن أكون خائفاً من كل شيء؟! أفكر أحياناً، كم من العائلات ستهدم، إضافة لتلك التي هدمتها وحشية الأسد الابن، إذا سقط النظام وفُتحت ملفات المخابرات للعموم؟! كم من الأبناء والآباء والزوجات والأزواج والإخوة، الذين أجبرهم النظام على كتابة تقارير بعضهم عن بعض ستدمر مكانتهم عند بعضهم؟! ستبقى آثار النظام المدمرة فعّالة حتى في حال سقوطه، الخيال الإجرامي في أوسع حدوده. هذه الـ«سورية» التي عرفناها وخبرناها، شوهتني وشوهت كل السوريين، وحولتنا إلى معطوبين ومخصيين. هناك الكثير الذي دمر في سورية قبل سقوط البراميل المتفجرة التي أرسلها الأسد الابن لتسقط على رؤوس السوريين في المدن والقرى السورية، متمماً مهمة والده. هذه الـ«سورية» لا يضربني الحنين إليها على الإطلاق، ذكراها تشعرني بالخوف. ولا أحنّ إلى التاريخ التافه للبلد ولا إلى عمارة البلد القبيحة. أحنّ إلى الأصدقاء الذين هناك كانوا أجمل ما في تجربتي السورية، واليوم تكاد سورية تفرغ منهم تماماً، فهم ينقصون كل يوم، وتزداد سماء دمشق ظلمة.
سمير الزين – الحياة[ads3]
من أجمل ما قرأت في وصف (سورية) زمن عائلة الأهبلوف ومن أبلغ ما قيل في وصف حقد حافيييييييييييز الأسود الدفين بل لعل أسوأ نتيجة للقمع الرهيب طوال ما يربو على النصف قرن على السوريين هو ظهور ما يسمى (تناذر ستوكهولم) وهي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو مع من أساء إليه بشكل من الأشكال وهو ما نشاهده اليوم جلياً بدفاع غالبية السوريين الخاضعين لسلطة نظام الأهبلوف عن النظام الذي أذلهم وأفقرهم وقتلهم وأهان كراماتهم ودمر أكثر من نصف سوريا بل وفي عزوف وإعراض المغتربين أو المهجرين منهم حتى عن المشاركة في أي حديث أو نقاش يدور حول مستقبل بلدهم المدمر والمتخم بالسلاح واليتامى والأرامل والمعوقين والمقاتلين الأجانب من كل حدب وصوب وانصرافهم لحياتهم اليومية بكامل تفاصيلها وكأنهم يريدون فقط إسدال الستائر بعد أن بلغ التتار حديقة القصر كما فعل آخر خلفاء بني العباس ؟؟؟
نعم هكذا أصبحت (سورية) وهكذا أصبح (السوريون) بمعظمهم زمن البعث وآل الأهبلوف وللأسف ستزداد سماء دمشق وسورية حلكة وظلاما فوق ظلامها فقد بدأت الريات السود بغزو دمشق وسوريا والقادم أعظم.
لا تمثل الا نفسك اخي العميل …حياتنا في سوريا كانت الافضل تحت حكم الاسد و البعث و كان لنا نفس الحقوق و الواجبات و هذه حقيقة و ليست راي…الاسد كان امن و امان رغم كل الاخطاء و سيندم السوريون كثيرا على ايامه و ( خربو بيتهم بايديهم )
لم أصادف توصيفاً لسوريا و السوريين أفضل من هذه الأسطر اللتي اختصرت اكثر من ٥٠ عاماً من الخوف و الفساد و الخراب حتى اصبح الشواذ بجميع أصنافهم هم صفوة البلد في كل بلدة و قرية و (زنقة)، ما قتله النظام العلوي في السوريين كان اسوء بكثير من براميله، دمر كل ما هو جميل حتى أصبحت سورية بقعة ارض مقيتة تجوبها اشباح جبانة منافقة دبيكة و شحادة، منذ اكثر من ٢٠ سنة قلت لأحد اساتذتي اللذي نبهني ان اقصر من العلاك السياسي كونه صديق العائلة و طلب مني ان امشي مثل الجميع جنب الحائط، قلت له لماذا انت معهم؟ من اجل بعثة الجزائر و اليمن! قلت له الم تقل انت نفسك في احدى السهرات ان جميع البعثات المدهنة للساحل فرنسا الإمارات قطر أمريكا السعودية!؟ لماذا كل هذه العبودية، الم يحولوا هؤلاء الخنازير و مربعاتهم الأمنية حياتنا الى مفرزة؟ لليوم لم يتغير شيء في اخلاق الكثير من السوريين يبدو ان الڤيروس العلوي اسوء من الإيدز. ربما يحتاج لعقود للتعايش معه حتى يفعسك كالصرصور.
اول ما عرفت انك فلسطيني وتنتقد البلد توقفت عن قراءة المقالة يحق النا نحن السوريين ان نعارض النظام اما اخواننا الفلسطينين فهم في ظل النظام كان وضعهم افضل من غيرهم في بقية البلدان العربية فلهم الحق في الدراسة والعمل في الدولة والتملك والسفر والكثير منهم كانوا مع النظام فمقالتك للاسف نكران للجميل
و هل دفع الاسد من جيب والده ام من خرجية العيد، اليست أموال السوريون!؟ هو يتكلم عن ظلم طال الجميع و حضرتك مشغول تضاريسياً!؟ غريب امر هالامة!؟
مقال رائع موصف أعجبني كله إلا عباره واحده و هي:
“لم يتعلم أبي درس النكبه و يتوقف عن الانجاب”
كان ما فعله أبوك هو الصواب و انظر إلى فلسطين الآن لتعرف لماذا؟؟
اسرائيل احتلت كل الدول العربيه و لم تسنطع أن تحتل فلسطين
أقل نسب الطلاق و العنوسه بين كل البلاد العربيه موجوده في فلسطين …
وو الله أقول ذلك و أنا سوري و لست فلسطيني و لكن لن ننجح إلا إذا عملنا مثل الفلسطينيين و خصوصا المقدسيين منهم…
تذكر دائماً :
اسرائيل احتلت كل الدول العربيه و لم تسنطع أن تحتل فلسطين
بخ بخ بخ خن خن
لك من العنوان أفتكرا زادت ساعات التقنين….طلع الأخ عم ينق…..صحيح راح كتيير ..اي بس ولله على هل الأشكال”المعارضة” اللي شفناها….لأ أخي خليه لبشار اشرف.