ألمانيا : صحيفة تروي قصة نجاح ممثلة سورية في الحصول على مقعد في جامعة الفنون ببرلين .. و على دور رئيسي في عمل تلفزيوني

على خشبة المسرح، تحمل الطالبة السورية زينب السواح قصتها معها.

صحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية قالت، بحسب ما ترجم عكس السير، إن ابنة مدينة حمص، الطالبة اللاجئة زينب السواح، والتي تدرس المسرح في السنة الثانية بجامعة الفنون في برلين، تنتظر أن تؤدي أول دور تلفزيوني لها، الخريف القادم.

“بينما كنت أقف وأتابعه بعيني كيف يعبر الشارع نحو الماء.. لم يبد هو أية التفاتة”، هكذا يبدأ المونولوج (المخاطبة الذاتية) في المسرحية التي تشارك بها زينب السواح في الوقت الحالي.

تجسد زينب شخصية امرأة عجوز، تستعيد ذكريات ذلك اليوم الذي فقدت زوجها فيه، في الخليج الأعمق في النرويج “فيورد”، حيث من السهل على المشاهد أن يتلمس آلام هذه الشخصية.

توجه المرأة نظرتها إلى مكان غير محدد، تتحرك ببطء على المسرح، لكن صوتها قوي وثابت على غير المتوقع.

وتقول الصحيفة إنه من العجيب أن يتم اختيار طالبة سورية لأداء مسرحية من تأليف كاتب نرويجي (يون فوسَّه).

ربما هو الحزن الذي ربط زينب السواح بفوسَّه، فالفتاة تعرف ما الذي يعنيه الخوف من عدم عودة أحد أفراد أسرتها، لقد تعرض حي الخالدية للدمار في عام 2012، وهو الحي الذي يقع في مدينة حمص، مسقط رأسها، وزوجها أيضاً ينحدر من المدينة ذاتها.

لقد كان حي الخالدية من أوائل الأحياء التي تعرضت للقصف، والذي شهدت فيه زينب أفظع ليالي حياتها، حيث قالت الفتاة: “لقد كنا نسمع أصوات القصف، وكنا نعرف اين تسقط القذائف، من خلال الأخبار التي تصلنا بسرعة، لكن فقدنا الاتصالات بعد ذلك ولم يعد بإمكاني التواصل مع زوجي”.

نجا زوجها أنيس حمدون، المخرج المسرحي والناشط السوري، من الهجوم، لكنه فقد في تلك الليلة إحدى عينيه وصديقه الأعز.

اختارت التمثيل منذ الطفولة

تعرف الشابة البالغة من العمر 27 عاماً معنى الفراق بشكل جيد، فعائلتها تفرقت منذ اندلاع الحرب في العديد من الدول.

عام 2013 ودعت المرأة الشابة زوجها الذي سافر إلى مصر، وغادر والدها إلى الصين وأخوها إلى لبنان، في النهاية غادرت هي أيضا وحطت الرحال مع زوجها في ألمانيا، وكان ذلك في تشرين الثاني من عام 2013، وكانت إقامتها الأولى في مدينة أوسنابروك.

تقول زينب: “لقد كان لدي تطلع آخر، فقد فكرت بأنني حين أتقن اللغة، سوف أختار مستقبلي”، وما يزال شغف زينب متقداً لتحقيق حلم الطفولة، وهو بأن تصبح ممثلة.

وعلى الرغم من حصولها على إجازة في الأدب الإنجليزي، اختارت دراسة المسرح، واستطاعت الحصول على مقعد من أصل عشرة، تشهد منافسة كبيرة، في جامعة الفنون في برلين.

زينب قامت بالتحضير لامتحان القبول، إلى جانب أعمال تشيخوف، مونولوجاً لامرأة اضطرت إلى الفرار عبر البحر المتوسط.

إن الشخصيات التي تحمل صراعات داخلية عميقة هي من تثير اهتمام زينب السواح، مثل “دوريان غراي، أو فيدرا”، فهي تجسد هذه الأدوار بعاطفة كبيرة، وعلى حد قول زينب فإن أساتذتها يقولون لها بأنه حين تقف على المسرح، يمكن أن يرى المشاهد معاناتها الشخصية من خلال الدور الذي تؤديه، في الواقع هي تعرف نقل الأحاسيس بشكل جيد للغاية، ويبقى لدى الطالبة دروس تقنيات الجسد التي ستتعلمها لاحقاً.

وتشعر الطالبة بالكثير من الامتنان لحصولها على فرصة للتعلم والعمل على نفسها كل يوم، بما في ذلك تعلم التحكم بإظهار التكنيك بشكل أكبر من العاطفة، كما تصف ذلك بلعب الشخصية “من الخارج إلى الداخل”.

تقول زينب ضاحكة: “لقد كان الأداء مخالفاً للمنطق تماماً”، حين لعبت دور آكلة لحوم البشر من المجتمع الراقي على المسرح، وأضافت “التعلم ينصب على الجانب الجسدي”، مشيرة إلى أنه “يجب التدرب على تقنيات التمثيل بشكل مكثف، حتى في عطلة نهاية الأسبوع، إلى أن تستوعب ذاكرة الجسم ذلك”.

دور تلفزيوني

وقالت الصحيفة، بحسب ما ترجم عكس السير، إنه من غير المتصور تقريباً، قبل عشر سنوات، أن يقوم شخص ما بدراسة التمثيل في ألمانيا، إذا كانت لغته الأم ليست الألمانية، حتى إن بعض الكليات لا تجيز لمن تكون لهجاتهم أجنبية عن البلاد بالدراسة حتى يومنا هذا.

بالمناسبة، في حالة زينب، بالكاد يلحظ المرء لهجتها الأجنبية، فنطقها واضح وصوتها راسخ عميق، تستطيع تركيب جملها وسردها.

وستظهر زينب السواح في تشرين الثاني القادم، في دور رئيسي لأحد أعمال الإنتاج التلفزيوني العام، وسوف تقوم بدور شابة سورية لاجئة في ألمانيا.

ومن الغير المفهوم، كيف وافقت جامعة برلين للفنون على مثل هذا الدور، والذي تنتجه مؤسسة خارجة عن مجال الدراسة، وكيف أجازت للطالبة فترة الغياب الطويلة اللازمة للعب دورها، إن حصول زينب على هذا الدور المهم، يعد أيضاً أمراً غير عادي، فهي لا تزال في بداية دراستها.

لكن قصة ومشاعر زينب قد تبرر ذلك، حيث تقول حول العمل: “هناك مشهد في العمل يجب أن تتحدث فيه الشخصية مع والديها اللذين ما يزالان في سورية عن طريق برنامج سكايب، هنا وبدون أن يكون هذا نوعاً من التمثيل، تنهمر دموعي من تلقاء نفسها”.

حلم زينب أن تعمل في المستقبل كممثلة لحسابها الخاص في المسارح، كبيرها وصغيرها، وأن تؤسس فرقة مسرحية مرة أخرى مع زوجها أنيس حمدون، الحائز على جائزة مسرحية في ألمانيا، وأن تقدم هذه الفرقة أعمالاً تمس القضايا السياسية.

لقد اضطروا عام 2011 في سوريا للتوقف عن العمل بسبب منع المواضيع الثورية، ورأت المجموعة بأنه من الترف عرض مسرحية مثل “روميو وجولييت” في خضم الثورة.

وختمت زينب بالقول: “نحن نملك الفرصة الآن في ألمانيا للاستمرار في أحلامنا ومشاريعنا، ولكن من المهم بالنسبة لي أيضاً ألا أنسى وطني، فمن خلال الفن يمكن محاولة تغيير شيء ما”.

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها