هولندا : مهاجر سوري قديم يفتح مطعمه أمام اللاجئين السوريين الجدد الراغبين بالعمل و يساعدهم على الاندماج

نشرت صحيفة “إن آر سي هاندلسبلاد” الهولندية مقالاً بعنوان “سوريا أكثر من مجرد حرب”، في الأول من شهر أيلول الجاري، تناولت فيه آثار الحرب على السوريين اللاجئين.

وبدأ مقال المجلة، الذي قام عكس السير بترجمته، من مطعم سوري يقع في “فارموس سترات” في العاصمة أمستردام، حيث يتعلم اللاجئون الطبخ، ويشعرون بالسعادة لتمكنهم من العمل من جديد.

و قالت المجلة إن بعض الشبان الذين يعملون في المطعم دخلوا المعتقلات في سوريا، وهناك تعرضوا للتعذيب، ويمكن ملاحظة ذلك من سرعة غضبهم وفقدانهم لثقتهم بالناس من حولهم.

صاحب مطعم شام مؤمن الزهار (45 عاماً)، يبدو الحزن في عينيه، وفي مطعمه يمكن سماع موسيقى فيروز والمطربين المشهورين، وعلى الجدران تجد صوراً معلقة عن الأطعمة السورية والمناظر الطبيعية لحدائق المنازل في سوريا، إلى جانب النباتات البلاستيكية والكراسي ذات الجلد الأحمر.

وفي المطعم تجد 14 موظفاً منشغلين بتحضير الأطباق، ويتكلمون العربية مع بعضهم، من مساعد الطباخ وحتى الشيف، جميعهم هربوا من سوريا، الشرط الوحيد الذي يضعه رب العمل لأي طباخ جديد، أن يكون سورياً حاصلاً على إقامة في هولندا، وأن يتأكد مؤمن من أنه بحاجة للعمل.

ويقدم المطعم وجباته الشرقية الشهيرة، ومنها بابا غنوج، والحمص، والمحمرة، حيث يعمل الزهار على تعليم قسم كبير من زبائنه الهولنديين، كيف تؤكل الأطعمة، وتراه يقسم قطعة خبز ويغمسها في الحمص ويقول: “إذا اكل الجميع هذه اللقمات نفسها، يشعر تماماً كأنه في بيته”.

خارج المطبخ يظهر الطباخ الشيف رضوان الكوسا (30 عاماً) بقبعة على رأسه، وبابتسامة عريضة لصاحب المطعم قائلاً: “أنا أحب هذا الرجل”.

ومضت سنتان على رضوان الكوسا في هولندا، وقال بلغة هولندية متواضعة إنه سافر من سوريا إلى ليبيا، ومن ثم غادرها إلى اليونان حيث دفع 6 آلاف يورو، من أجل أن يقطع البحر مع 200 آخرين في قارب صغير.

ولا يرغب رضوان بالعودة إلى بلاده، حتى لو هدأت الأوضاع فيها، لأنه يخاف من نظام الأسد، وعناصر أمنه الذين قتلوا الملايين هناك.

صاحب المطعم مأمون الزهار قابل الكوسا في شارع الدمراك بالعاصمة الهولندية أمستردام، تماماً كبقية عمال المطعم، وجيران المطعم قالوا إن أكبر أعداد من اللاجئين، وصلت إلى المنطقة بين عامي 2013 و 2015، حيث كان الناس يأتون من المحطة المركزية في أمستردام، إلى قلب المدينة، ويمكن، بحسب الجيران، مشاهدتهم متسخين ومضطربين وشبه ميتين، وكان الجيران يشيرون إلى مأمون: “هناك رجل سوري يعمل يمكن أن تعملوا لديه”.

ولاحظ الزهار أن عدداً من اللاجئيين الذين قابلهم هناك يستطيعون الطبخ، ودعاهم لاختبار، حيث قال: “يجب أن يكون العمال لطفاء لينجحوا بالاختبار”.

والآن لدى الزهار خمسة عمال دائمين، والبقية يقوم بطلبهم عند ضغط العمل، ويحصل الشخص المثبت على 1200 يورو كحد أدنى راتباً شهرياً، لكن الجميع سعداء كونهم قادرين على العمل.

بدوره، قال الطباخ جومر بقبونسي (41 عاماً): “أجده رائعاً، أنا أقوم الآن بنفس العمل الذي كنت أقوم به في سوريا، لكن هناك كنت أعمل 16 ساعة في اليوم، أما هنا فأعمل لتسع ساعات، أحصل خلالها على استراحة”.

وقالت الصحيفة الهولندية، بحسب ما ترجم عكس السير، إن الطباخ يحب العمل في هولندا، لأنه يحب جو الحرية في العمل، إضافة لأن عائلته نجحت في الوصول إلى هولندا.

ويعتبر إيجاد فرصة عمل للكثير من السوريين في هولندا أمراً صعباً، حيث لا يملكون سوى القليل من الخبرة، وغالبيتهم لا يتحدثون إلا اللغة العربية.

أثناء الحديث، تسأل إحدى الزبائن (بانيرميل)؟، وهو نوع من الطحين، ويصحح لها الزهار اللفظ (بانييرمييل).

ويقول الزهار متنهداً إنه في كثير من الأحيان، يجب عليه أن يطلب المواد بنفسه، بسبب الاختلاف اللغوي، وعلى سبيل المثال، لا يمكن للهولنديين والرومانيين فهم اللغة العربية.

ويعيش الزهار في هولندا منذ عشرين عاماً، ويعلم الثقافة واللغة الهولندية بشكل جيد، وجميع الموظفين في مطعمه من السوريين، ولكنهم مضبوطون على القيم الهولندية، وكان ذلك تحدياً بالنسبة لهم.

وقال الزهار: “في سوريا كان هنالك أيضاً مطاعم جيدة ونظيفة جداً، ولكن المطاعم الشعبية كانت فوضوية، وهكذا أراد الموظفون أن تكون البداية هنا، ولكن قلت لهم: لا يا شباب، يجب أن يكون كل شيء أنيقاً، نحن في هولندا”.

وأضاف الزهار: “بعض الموظفين كانوا في وطنهم من أبناء الطبقة الراقية، وهم ينظرون للتنظيف أو العمل مساعداً للطباخ على أنها مهن متدنية”.

وتابع: “لقد حللت ذلك بنفسي من خلال القيام لمرة واحدة على سبيل المثال، بتنظيف المرحاض، أحرص على أن يروا ذلك بأعينهم، ليتعلموا أن ذلك ليس سيئاً”.

ويتمنى الزهار في مطعمه لو أنه يستطيع أن يرى الجانب الآخر من سوريا، غير صور الحرب في التلفزيون، ابنته لم تزر سوريا أبداً، وهو يرى أن ابنته يجب أن تعلم أن سوريا أكثر من مجرد حرب”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها