ألمانيا : مركز لتعاطي المخدرات لأغراض علاجية في ” هامبورغ “

عندما يقترب أي شخص من نزل “دروب”، الذي يقع بالقرب من محطة هامبورج الرئيسية، يتم على الفور عرض المخدرات عليه.

وفي أوقات معينة من اليوم، يتسكع المئات من الأفراد في المنطقة العشبية خارج النزل، حيث ينتظر كثير منهم دوره للوصول إلى مركز النصح والمشورة.

ويقدم لهم نزل “دروب” ،الذي يحتفل بالذكرى السنوية الثلاثين لتأسيسه في سبتمبر المقبل، وجبة دافئة ومشروب لقاء بضع سنتات فقط.

ولكن هناك ما بين 300 إلى 400 شخص يأتون لسبب مختلف تماما: إنهم يريدون الحقن بالهيروين، وتعاطي الكوكايين أو تدخينه.

ومنذ عام 2000، تم اعتبار تعاطي المخدرات قانونيا في المركز الذي يقع في المدينة الساحلية التي تقع شمالي ألمانيا.

وعند مكتب الاستقبال في غرفة تعاطي المخدرات، يقوم بيتر مولر مدير نزل “دروب” بتسليم المحاقن النظيفة ومسحات الكحول والشرائط الطبية اللاصقة (بلاستر) وغيرها من المعدات للمتعاطين عن طريق الوريد.

ويقول مولر: ” الشيء الوحيد الذي لا نملكه هو المخدرات”.

ويمكن لما يصل إلى 15 مدمن حقن أنفسهم في وقت واحد على طاولة معدنية طويلة في الغرفة المكسوة بالبلاط الأبيض. إنها ليست مكانا جذابا، ولكن مع حوالي 520 شخصا يتم حقنهم هناك كل يوم، لم يعد التسكع حول المكان خيارا على أي حال.

ما يهم هنا هو تعقيم الغرفة والإشراف من قبل الأخصائيين الاجتماعيين – إنهم ينقذون الأرواح، تقريبا كل يوم.

ويقول مولر إنه لم يتوف شخص واحد في غرفة تعاطي المخدرات، على الرغم من أنه كان وزملاؤه غالبا ما يتعاملون مع حالات الطوارئ،و بلغت 217 حالة في العام الماضي وحده.

وعادة ما تكون حالات الطوارئ تلك نتيجة للجرعات الزائدة، والنوبات المرضية والاضطراب الذهني.

ويوجد عند مكتب الاستقبال جهاز تنفس وأسطوانة أوكسجين جاهزة للاستخدام . ويقول مولر :”لقد قام كل واحد من العمال الاجتماعيين هنا بتقديم التنفس الاصطناعي لرواد المكان مرات لا حصر لها”.

ويقول مولر إن عدد الوفيات المرتبطة بالمخدرات فى هامبورج قفز العام الماضى بنحو إلى 75 25% ، حيث توفى 18 شخصا على الأقل من بينهم بسبب أمراض لها علاقة مباشرة بتعاطي المخدرات مثل إلتهاب الكبد الوبائي نوع سي .

ويضيف مولر إن عدد الوفيات الفعلية المرتبطة بالمخدرات كان 45 حالة وقبل عشرين عاما، كان هذا العدد يقارب 160.

ويقول مولر إن متوسط عمر الزبون الدائم في نزل دروب هو 40 عاما ، وسن كبير بالفعل .وفي الماضي، كان من النادر أن يأتي أي شخص فوق سن الـ 50.

وثلاثة أرباع العملاء من الرجال وحوالي 70 في المائة أصولهم من المهاجرين، مع العديد الذين قدموا من أوروبا الشرقية وأفغانستان وشمال أفريقيا، فضلا عن اللاجئين من مختلف البلدان.

ولأن الفهم المتبادل يمكن أن يكون صعبا في كثير من الأحيان، فإن جلسات المشورة تعقد في أسرع وقت بمساعدة المترجمين الفوريين عن طريق الفيديو.

ويحرص مولر وكريستين توجيل، رئيسة مجلس الأمناء، المسؤولان عن النزل على الإشارة إلى أن المركز ليس خارج نطاق القانون تماما.

يقول مولر: “نحن مركز نصيحة حقيقي. أما أخذ وبيع المخدرات في مقصف المركز فهو ممنوع منعا باتا، وأولئك الذين يرغبون في استخدام غرفة التعاطي يجب أن يسجلوا بياناتهم.

وهناك قواعد داخلية صارمة، فقد أصدر الموظفون 1200 حظر لرواد المكان في العام الماضي.

وكل ما يحدث في الساحة الواقعة خارج المركز، الذي كان فيما مضى مكتب تأمين، هو مسؤولية الشرطة، وليس نزل “دروب”، لأنها ساحة عامة. كما أن النزل ليس مسؤولا عن تنظيف القمامة والأدوات الخاصة بالمخدرات التي يتركها المدمنون خلفهم.

وحتى منتصف الثمانينات، كانت المشورة متاحة فقط لمتعاطي المخدرات، وهذا يعني أن معظم المدمنين لا يمكن الوصول إليهم من قبل موظفي الخدمات الاجتماعية.

وتعني غرفة التعاطي أنه أصبح بإمكان العمال الآن التواصل معهم.

ونزل “دروب” ليس الوحيد من نوعه في هامبورج، لكنه بالتأكيد الأكبر، حيث تبلغ ميزانيته السنوية 3ر2 مليون يورو ( 7ر2مليون دولار) ويتم تمويل معظمها من قبل سلطات المدينة.

وخلال الأسبوع، يوجد به مقصف يظل مفتوح حتى الخامسة صباحا.

ولا توجد أية أوهام لدى مولر/ 60 عاما/ بشأن عمله ويمضي قائلا :”تتملكنا السعادة بكل شخص يمتنع عن التعاطي”.

ولكن في غالب الامر ما هو إلا مجرد تحسين لحياة الناس بطرق بسيطة – حيث يمكنهم تناول شيئا من الطعام والاستحمام بالدش، أو حتى تفقد صناديقهم البريدية وقراءة رسائلهم الإلكترونية.

وفي غالب الأحوال لا يكون لدى المتعاطين أوراق هوية أو تأمين صحي.

وتقول توجيل إن :” الخطوة الأولى هي تحقيق الاستقرار للناس لأن العديد من مدمني المخدرات يكونون في حالة بائسة حقا”.

ويمكن لمستخدمي غرفة المرضى بالمركز، الحصول على العلاج دون ذكر أسمائهم وبدون تكلفة ، حيث تمكن 550 شخصا من الاستفادة من هذا العرض في العام الماضي، وتم استدعاء الأطباء وغيرهم من مقدمي الرعاية نحو 5000 مرة.

وتمكن بعض عملاء “دروب” من التعافي من الإدمان أو بدء العلاج. في حين ينتهي أمر آخرين بالسجن – وتقول تويجيل إن حوالي 80 في المائة من أولئك الذين يأتون للحصول على المشورة كانوا من أرباب السجون.

وبسبب عملهم مع هذا النوع من العملاء، يجب على موظفي المركز أن يكونوا واثقين من أنفسهم ويحتاجون إلى خبرة في كيفية تخفيف حدة المواقف.

وتقول تيجيل: “نحن نتعرض للتهديد أحيانا”.

ويقول مولر إنه لا يوجد رجال أمن في المبنى ولكن التعاون مع الشرطة بشكل عام جيد للغاية. (DPA)

 

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها