فرنسا : مشروع ميزانية لتحفيز الأغنياء و تشجيعهم على الاستثمار
يتضمن مشروع الميزانية الذي قدمته الحكومة الفرنسية الأربعاء فرض ضريبة على الأصول العقارية كبديل لضريبة الثروة، إضافة إلى فرض ضريبة معدل ثابت بنسبة 30٪ على دخل رأس المال (والتي كانت سابقا تصل إلى 60٪).
هذه التدابير الاقتصادية الجديدة ستفيد بشكل واضح طبقة الأغنياء، فهذان التدبيران يوفران لوحدهما حوالي 4.5 مليار يورو على دافعي الضرائب من فئة المستثمرين وملاك الأسهم.
ومن المقرر أن تستفيد الطبقات الوسطى أيضا من التدابير الجديدة، إذ أن مشروع الميزانية يتضمن خفض الضرائب على مستأجري المساكن بنسبة 30%، وهو ما يستفيد منه 80% من الأسر الفرنسية. كما أن إعادة تقييم المكافآت المالية المتعلقة بالعمل والمساعدات المقدمة لكبار السن من ذوي الإعاقة ستعزز على مدار السنوات المقبلة الاقتصاد بأكثر من 5 مليار يورو.
لكن المثير للجدل أن مليارات اليورو للأغنياء سيتم توزيعها على بضع مئات من آلاف الناس فقط. في حين خفض الضرائب للفئات محدودة الدخل تمس 80 بالمئة من دافعي الضرائب.
وفي الوقت الذي سيستفيد فيه الأغنياء من هذه التغييرات فور التصويت على الميزانية، يتوجب على الطبقات الأقل ثراء الانتظار لأن إيجابيات مشروع الميزانية ستعود عليهم بشكل تدريجي.
مشروع الميزانية هو “لصالح أصحاب الثروة المالية مثل المساهمين”
وقال نائب مدير قسم التحليل للمرصد الفرنسي للأحوال الاقتصادية ماتيو بلان لفرانس24، إن هذه الميزانية ستكون على حساب الأقل ثراء. فمثلا زيادة أسعار التبغ تؤثر بشكل رئيسي على الشعب الفرنسي من ذوي الدخل المحدود والطبقات الوسطى. ذات الشيء ينطبق على زيادة الضرائب البيئية، كحال ضريبة القيمة المضافة التي تؤثر بشكل أكبر على ذوي الدخل المحدود.
من جهته، اعتبر رئيس شركة “ستاسيان”، القاضي والخبير الاقتصادي جان تشارلز سيمون، أن مشروع الميزانية هو “لصالح أصحاب الثروة المالية مثل المساهمين”.
وأضاف بحسب تصريحه على إذاعة “أورب 1” أن حكومة إدوارد فيليب يبدو كأنها تريد القول “إنه من الجيد أن نعيش مرة أخرى في فرنسا، لكن عندما نكون أثرياء”.
رهان محفوف بالمخاطر
إيمانويل ماكرون يراهن على أن الأثرياء الذين سيوفرون أموالا بفضل التدابير الجديدة سيستثمرون في الاقتصاد الفرنسي. وأن مشروع الميزانية هذا يهدف إلى “جعل فرنسا أكثر قدرة على المنافسة وأكثر جاذبية للمستثمرين”، كما يقول ماتيو بلان. وبصورة أكثر تحديدا، تأمل السلطة التنفيذية الفرنسية أن هذه الثروات ستمول الشركات الناشئة، بحسب بلان.
ومن المفترض أن تساهم الضريبة الجديدة على الأصول العقارية وإلغاء ضريبة الثروة، وتطبيق ضريبة على دخل رأس المال في تطوير قطاع التكنولوجيا في فرنسا. ولكن الرهان يبقى محفوفا بالمخاطر، وبحسب بلان “لا شيء يجبر أصحاب رأس المال على الاستثمار. وإن لم يفعلوا ذلك، فإن الحكومة ببساطة جعلتهم المستفيد الأكبر”.
سياسيا، سيكون التأثير كارثيا لإيمانويل ماكرون الذي قام بحملة وعد فيها بالتوازن بين اليمين واليسار. وأشار بلان إلى أن “مشروع الموازنة هذا ليبرالي اقتصادي ولا يتناسب مع منطق إعادة توزيع الثروة”.
ويبدو أن للرئيس الفرنسي رغبة في إرسال رسالة قوية وواضحة للمستثمرين منذ بداية ولايته، حتى وإن اضطر إلى تصحيح الوضع في وقت لاحق واتخاذ إجراءات أكثر سخاء لذوي الدخل المحدود. إلا أنه يريد أن يظهر فقط كرئيس الأغنياء.
تبنت بدورها صحيفة “ليبراسيون” وجهة النظر هذه، وانتقدت رؤية ماكرون الاقتصادية حيث نشرت على صفحتها الرئيسية صورة الرئيس تحت عنوان “بطل الأغنياء”.(AFP)[ads3]