هل اللبنانيون أكياس رمل للحرب الإسرائيلية ؟

ترتفع سخونة الساحة اللبنانية على وقع الرسائل العربية والغربية الموجهة إلى “حزب الله”. فبعد تغريدات الوزير السعودي ثامر السبهان والعقوبات الأميركية “الفضفاضة”، أطل وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان بتصريحات اعتبرت الأولى من نوعها في هذه الفترة، جمع فيها الجبهتين السورية واللبنانية واعتبر أن الجيش اللبناني جزء من منظومة “حزب الله”.

وعلى رغم حدة التصريح ومؤشراته السياسية الخطيرة، لم تتحرك الدولة اللبنانية، رئاسة وحكومة بـ”مسؤولية”، إلى حد اللامبالاة، وذلك بناء على معطيات غير ثابتة تقول أن “مؤشرات الحرب غير متوافرة”، فيما القضية تتجاوز ذلك بكثير وتدل على “أخطر ما وصل إليه لبنان، وهو اختفاء الحدود الفاصلة بين الجمهورية اللبنانية ومصالحها وحزب الله وعداءاته”. ويعتبر الدكتور فارس سعيد أن “حزب الله ولبنان أصبحا واحداً، إذ تؤكد الحوادث أن الاندماج بين الجمهورية اللبنانية وحزب الله يعرض لبنان إلى مشكلات كبيرة، لأن كل من يريد النيل من ايران والحزب، سينال من كل لبنان، وسيدفع اللبنانيون ثمن أسرهم ووضعهم في علبة يتحكم بها حزب الله”. ويستند في قراءته إلى أن “العقوبات الاميركية لن تقتصر على حزب الله أو المؤسسات التي تدور في فلكه، أكانت مالية أو استشفائية أو عقارية أو تجارية، بل سيتضرر منها لبنان وقطاعه المصرفي، وسيتحول الحزب يوماً بعد يوم إلى عبء يلمسه اللبنانيون من خلال المس بجيوبهم وحياتهم”.

 

ويتوقف سعيد عند تصريح ليبرمان، بالقول: “التهديدات الاسرائيلية لن تكون مثل عام 2006 باستهداف مواقع حزب الله العسكرية أو المدنية فحسب، انما وفق تصريح ليبرمان فإن الاعتداء المقبل سيكون على لبنان وكل اللبنانيين ومؤسساتهم”.

كلام ليبرمان لم يأت من عدم، فقد سبق وتحدث السيد حسن نصرالله عن مشاركته الجيش في معركة “فجر الجرود” وعن أن “حزب الله” والجيش سيواجهان أي حرب مقبلة بناء على معادلة “الجيش، الشعب، والمقاومة”، فضلاً عن كلامه الشهير عن دخول قوات أجنبية لمساندة الحزب، ويذكر نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي بكلام لنصرالله أن “أي عدوان لن يقتصر على الجبهتين السورية أو اللبنانية، بل ستكون الجبهة مفتوحة ولن يقف القتال عند حدود جغرافية”. يضيف: “ليبرمان ردد كلام نصرالله، لتأكيد التوازن الردعي، خصوصاً بعدما حسمت المعركة في الجنوب السوري، إلى التطورات الميدانية في سوريا والعراق”.

لا يشكك الفرزلي في رغبة اسرائيل بشن حرب على لبنان، لكنه يعتبر أن “ظروف المعركة غير متوافرة لأن الاسرائيلي إذا شنها ولم يحقق النتائج المرجوة ستكون انعكاساتها على اسرائيل كبيرة جداً. وتصريح ليبرمان هو جزء من حملة الضغط التي تمارس لتؤمن الحد الأدنى من التوازنات التي لا تسمح لـ”حزب الله” بأن يستثمر نتائج انقلاب موازين القوى في العراق وسوريا”.

العميد المتقاعد خليل الحلو يعبر عن استيائه من أداء الدولة تجاه تصريح ليبرمان الذي وصفه بـ”المخيف”، ويقول: “وزير الدفاع الاسرائيلي يتحدث بلسان حزب الله الذي ألصق نفسه بالجيش في معارك الجرود وفي معادلته، فيما نحن ننفي ذلك ونقول انه كان هناك حد أدنى من التنسيق كي لا تستهدف الجهات بعضها، لنستنتج من التصريح أن “حزب الله” واللوبي الصهيوني يلتقيان على تخريب لبنان”. ويذكّر بأن “العلاقة مع اسرائيل كدولة عدوة تحكمها قرارات دولية كالـ 1701 واتفاقية الهدنة (1949) والقرار 425”.

كيف سيكون الحال لو وقعت الحرب؟ يجيب: “كلنا نعرف قدرات اسرائيل العسكرية المدمرة، ونحن سنقاوم وحزب الله والنظام السوري ايضاً، لكننا سندفع الثمن 5 أو 6 الاف قتيل وخسائر بنحو 20 مليار دولار، لأن ميزان القوى لمصلحة اسرائيل التي تستعد لهذا اليوم منذ عام 2006، ولديها أدق التفاصيل عن لبنان وقراه الجنوبية، لذا يجب ان نتفادى الضربة ونتمسك بالامم المتحدة، لكن كيف يكون ذلك عندما يطل السيد نصرالله كل فترة ويهدد؟”.

وأمام سياسة الخضوع التي تحاصر الدولة، ما المطلوب أمام هذه التهديدات؟ يجيب سعيد: “المطلوب ن يتحمل الجميع مسؤولياته بدءاً برئيس الجمهورية الذي أقسم على الدستور والذي بدلاً من الدفاع عن وثيقة الوفاق الوطني والدستور والقرارات الدولية يجول في العالم ويبرر سلاح حزب الله لا بل يدافع عنه، والمطلوب من رئيس الحكومة الذي بدلاً من أن يتصرف وكأن حكومته مجلس بلدية بيروت الكبير أن يسعى إلى وضع الحدود الفاصلة الحقيقية بين مصلحة لبنان واللبنانيين وبين “حزب الله” ومشاكله مع العالم، وأن تتحمل القوى السياسية مسؤولياتها لأننا نتحول إلى وطن أسير في يد حزب الله يختبىء وراء لبنان وكأننا أكياس رمل بوجه اعدائه في المنطقة والعالم”.

في المقابل، يسأل الفرزلي: “هل المطلوب من رئيس لبنان أن يسلم بتوطين النازحين واللاجئين وأن يستسلم لارادة الاعتداء للاحتلال وأن يدخل في حرب فتنوية وفي صراع داخلي حتى ترضى إسرائيل؟ أمر لا نستطيع أن نفعله، ولا الرئيسين سعد الحريري ونبيه بري او أي زعيم سيجرون البلد الى فتنة داخلية تكون نتائجها كارثية لارضاء اسرائيل، فقط لأنه طرأ على باله ان البيئة التي ينتمي إليها “حزب الله” هي أحد المكونات الرئيسية للجيش اللبناني”.

ويأسف العميد الحلو لعدم طرح التهديدات الاسرائيلية على جدول أعمال جلسة الحكومة، مذكراً بأن “قرار الحرب والسلم لا يقتصر على الجيش بل الحكومة التي كان من المفترض أن تجتمع، وأن يتحرك مجلس الدفاع الاعلى ووزير الخارجية، ونشهد حركة باتجاه الامم المتحدة بتقرير أو موفد إلى هناك، فالجيش مستعد وينتظر عملا عدوانياً وسيرد بالامكانيات المتاحة، لكن التفاوض مع الامم المتحدة يتم عبر القنوات الديبلوماسية ومع سفراء دول كبرى يجمدون اي محاولة لنشوب الحرب”.

محمد نمر – النهار

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها