فايننشال تايمز : ولي العهد السعودي يبني دافوس على الرمال
نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريراً عن المدينة الجديدة التي تعرف باسم “نيوم” التي تقول السعودية إنها ستمتد على مساحة 26 ألفا و 500 كيلومتر مربع بالاشتراك مع مصر والأردن.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن البعض في مؤتمر الاستثمار الذي استضافته الرياض، بعنوان “مبادرة مستقبل الاستثمار”، وصف المدينة بأنها “دافوس في الصحراء” في إشارة الى مدينة دافوس السويسرية التي يقام فيها المنتدى الاقتصادي العالمي.
وأضافت الصحيفة أن الرياض كشفت خلال ثلاثة أيام في المؤتمر الذي ضم نحو 3000 من كبار المستثمرين والسياسيين عن خطتها لإنشاء منطقة الاستثمار الضخمة تلك، وتعهدت بمضاعفة حجم صندوق ثروتها السيادي (صندوق الاستثمارات العامة) ليصل إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020، كما أعلنت عن استثمار مليار دولار في شركة فيرجن غالاكتيك.
وكان ولي العهد السعودي قد أعلن أن أسهم مدينة نيوم ستطرح للاكتتاب في الأسواق المالية إلى جانب أسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة في إطار مسعى المملكة لتحديث اقتصادها وتخفيض الاعتماد على النفط.
وتشير الصحيفة إلى أن الأمير محمد وعد بنشر الإسلام المعتدل وثقافة التسامح في البلاد التي تصفها الصحيفة بأنها غالبا ما ترتبط في الذهن بشكل من الإسلام السني المتطرف.
وتنقل الصحيفة عن ولي العهد السعودي قوله “بأمانة، لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي افكار متطرفة”.
وتخلص الصحيفة الى أن الأمير يسعى إلى جذب البنوك والمستثمرين لدعم مشروعه ورؤيته التحديثية لاقتصاد بلاده، بيد أن التحدي الذي يواجهه معقد ومثقل بحالات فشل سابقة، بحسب الصحيفة التي تضيف أن “المملكة قد أعلنت سابقا خطط إصلاح جريئة لكنها فشلت في أن تتحقق كليا في الواقع وبضمنها إنشاء مناطق اقتصادية (استثمارية) تنهض في الصحراء لكنها لم تتجسد على الأرض”.
ونشرت صحيفة التايمز تقريرا على صفحتين في السياق ذاته تحت عنوان “مدينة على الرمال قد تنقذ مملكة”.
وتنطلق الصحيفة من استعارة لوصف مشهد المؤتمر الاستثماري الضخم الأخير، بالقول “في رمال المملكة العربية السعودية ثمة شيء يتحول” لتصف مشهدا غير معتاد سابقا في المملكة وهو جلوس النساء مع الرجال في الأماكن التي يخترنّها داخل قاعة المؤتمر، مشددة على أنه مشهد جديد على المملكة التي كانت تجبر النساء على الجلوس في مكان منفصل عن الرجال وخلف حاجز يصل ارتفاعه إلى 14 قدما.
ويصف التقرير المدينة المأمولة بحسب رؤية ولي العهد بأنها ستكون “مدينة الكترونية” واسعة، تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وستعتمد على الزراعة المائية (انتاج المحاصيل بواسطة محاليل معدنية مغذية بدلا من التربة)، كما ستتوفر على تغطية شاملة ومجانية للانترنت (واي فاي)، وتتولى شخصيات آلية (روبوتات) أعمال التنظيف في المدينة.
ويضيف التقرير أن أول الروبوتات التي سوف تعمل في المدينة قُدم للجمهور في الرياض هذا الأسبوع وحمل اسم فتاة (صوفيا) وكانت من دون حجاب.
وتتحدث الصحيفة عن عناصر دعم اقتصاد البلاد الأخرى غير النفط. وتضرب مثلا بالحج، حيث من المتوقع زيادة عدد الحجيج القادمين إلى البلاد من 8 ملايين في الوقت الحالي إلى 80 مليون شخص بحلول 2030، الأمر الذي يعني بناء مطارات جديدة في جدة والطائف واستثمارات ضخمة في قطاع الفنادق، وتوسع دور القطاع الخاص في هذه الخدمات.
ويتوقع أن يقود ذلك الى تخفيض معدل البطالة من 11.6 في المئة إلى 7 في المئة، بحسب الصحيفة.
وتقول صحيفة آي في تقريرها عن مؤتمر الاستثمار في الرياض إن الاقتصاديين يتفقون على أنه ينبغي التعامل بدرجة من الحذر والتشكك مع إعلان هذه الأسبوع.
وتضرب مثلا بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، التي تقول إنها واحدة من أربع مدن أعلن عنها الملك الراحل آملا في أن تكون مناطق اقتصادية خاصة. وكان من المتوقع أن تكون موطنا لنحو مليوني شخص في عام 2015، ولكن تفيد التقارير أن 5000 شخص فقط هم عدد سكانها الآن.
وتنقل عمن تسميهم مسؤولين في المملكة، لم تذكر اسماءهم، وصفهم لخطط الأمير محمد بأنها طموحة جدا، وتنقل عن أحدهم قوله “لو تمكنا من أن نفعل نصفها، سيكون ذلك شيئا جيدا”.
وينقل التقرير عن آدم غوغل، الباحث في مجال حقوق الإنسان في منظمة هيومن رايتس ووتش قوله “يرحب الكثيرون في المجتمع السعودي بإصلاحات محمد بن سلمان الاقتصادية، لكنها تترافق مع حملة اعتقالات جماعية ضد المنشقين المزعومين، وحملة قصف كارثية على اليمن قتلت الآلاف ودفعت البلاد إلى كارثة انسانية”.
كما تنقل عن جين كينينمنت، الباحثة في تشاتام هاوس، قولها إن أولئك الذين يعتقدون أن الإصلاح الاقتصادي سيقود إلى تحول ثقافي شامل من المرجح أنهم سيشعرون بالخيبة، فحرية التعبير في المملكة “قد ساءت بشكل ملحوظ” مؤخرا.
وتضيف أن ثمة تفكير متفائل لدى الحكومات الغربية بأن الانفتاح الاقتصادي سيقود إلى إصلاح سياسي، لكنه العكس: “ركز على الاقتصاد ولن يطالبك الناس بالتغير الاجتماعي”.
ويشدد تقرير الصحيفة على أن القضية الأساسية هي هل سيستطيع ولي العهد مضاعفة عدد الوظائف المتاحة لنحو 70 في المئة من الشعب السعودي ممن هم تحت 30 عاما، في الوقت الذي يقوم فيه بتخفيض الانفاق العام.
ويختتم التقرير بقول الباحثة كينينمنت :”بشكل عام، من الأفضل لمعظم السعوديين أن يسيروا مع محمد بن سلمان ووعوده بنوع من التغيير”. (BBC)[ads3]