“حكم الشيخَين” في لبنان

في معرض تأكيد التزام الدولة اللبنانية و”حزب الله” القرار 1701 قدّم الرئيس ميشال عون الى المجتمع الدولي تبريرَين يؤكدان العكس، أي عدم التزامه فعلياً. إذ تنص الفقرة الأهم في القرار على: “التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006) التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية، عملاً بما قرره مجلس الوزراء اللبناني المؤرخ 27 تموز/يوليو 2006”. ويعزو عون تبريره الأول الى نقص في السلاح وعجز مالي يحولان دون تولّي الجيش اللبناني السلاح وحيداً. أمّا التبرير الآخر فهو أن “الحلّ في الشرق الأوسط يؤدي الى حلّ مسألة حزب الله”.

هذه مبادرة أخرى من عون، في عامه الرئاسي الأول، لإضفاء “شرعيته” على جيش خارج سلطة الدولة (موازٍ ومنافس لجيش الدولة) ولا عجز مالياً لديه أو مشكلة في استيراد سلاحه غير الشرعي، ولا في تفريخ الميليشيات. وهذه فرصة جديدة استغلّها الرئيس لتغطية قتال “حزب الله” في سوريا، مكرّراً أن هناك 83 دولة في سوريا “والصراع ليس عندنا”. لكن حرصه على “الوحدة الوطنية” وعلى “ألا يدخل لبنان لعبةً أكبر منه”، فإن مجاملته لإيران تُساهم في إدخال لبنان الى تلك اللعبة. ومن الواضح أن “التسوية الداخلية” التي أوصلته الى الرئاسة لم تعفِه من ديون سياسية مترتّبة عليه لـ “حزب الله”، بعضٌ منها يسدّده صهره وبعضٌ ثانٍ يتولّاه هو مباشرة، ومن أهمها وأخطرها الاعتراف برضوخ لبنان للمشروع الايراني، بحجّة أن “لا أطماع لإيران في لبنان”. وكيف تكون لديها أطماع طالما أنها حاصلة، من خلال أداتها “حزب الله”، على أكثر مما تريده من إحدى “عواصمها الأربع”؟!

كان لافتاً أن عون، وهو القيّم على “السيادة”، لم يردّ على الرئيس الايراني الذي قال إن القرار اللبناني يُصنع في طهران، وعدم الردّ يعني أنه لا يستطيع نقضه أو تكذيبه، وأن لبنان بات مُستتبعاً لإيران. عدا أن هذا يراكم “ذرائع الحرب” عند اسرائيل والولايات المتحدة، ما الذي يستطيعه الرئيس مثلاً اذا قرر “الحرس الثوري” في أي وقت إدخال ميليشياته العراقية والأفغانية والباكستانية، وهذا خيارٌ مؤكّد بلسان الامين العام لـ”حزب الله”، فهل يمكن الرئيس (أو الجيش، أو الحرص على “الوحدة الوطنية”) أن يمنعه؟

مضى عام أول على “حكم الشيخَين”، على غرار تونس، مع فارق أنه هناك يؤمّن جانباً مهمّاً من الاستقرار الداخلي، أمّا في لبنان فيستدرج مخاطر خارجية لإدامة التوتّر الداخلي. وإذ يقول عون إنه لتأمين الاستقرار كانت الأولوية للأمن ثم لقانون الانتخاب ثم للتشكيلات القضائية والديبلوماسية، فإنه يرفض “إدخال حزب الله في كل مشكلة داخلية”، مع علمه بأن “الحزب” يتدخّل في كل “انجازاته”، و”الحزب نقيضٌ” لأيّ استقرار.

عبد الوهاب بدر خان – النهار اللبنانية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. سوريا لبنان العراق ليبيا هذه الدول تحكمها عصابات المافيا المربوطة بالملالي