الرياض و طهران : شتان بين الجربا و سليماني !

في وسع المرء أن يبدأ معادلة التصارع الإقليمي الإيراني ـ السعودي من هذا المشهد المتناظر: احتضان المملكة لملتقى المعارضة السورية الذي عُرف باسم الرياض ـ 2، والذي بدأ في هيئة مسرحية ركيكة الإخراج، وانتهى إلى نتائج أشدّ هزالاً؛ مقابل مشاركة الرئيس الإيراني حسن روحاني في قمة سوتشي الثلاثية، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي المضيف فلاديمير بوتين، والتي انتهت إلى تفاهم متقدم حول مستقبل سوريا، الانتفاضة الشعبية والنظام معاً.

وليس الأمر أنّ التناظر كان فاضحاً بين فشل الرياض ونجاح سوتشي، فحسب؛ بل حقيقة أنّ الرياض ـ 2 بدا بمثابة تمرين أوّلي قوامه تأهيب هذه «المعارضة» السورية لمؤتمر سوتشي المقبل، الذي تنظمه موسكو أيضاً وتخطط لتحويله إلى منصة هائلة لتطبيق «التسوية السياسية» كما ترى عناصرها، أو كما توافقت عليها مع طهران وأنقرة؛ بعد تعهيد من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، و(كما تقول مؤشرات كثيرة) إيماءة رضا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

في عبارة أخرى، بدل أن يكون الرياض ـ2 ورقة ضغط سعودية في الملف السوري، أسوة بما امتلكت تركيا وإيران من أوراق، لا يلوح أنّ نجاح المملكة في جمع أشتات «هيئة التفاوض» والفصائل و«هيئة التنسيق» والمستقلين والمستقلات ومنصتَي القاهرة وموسكو… يمكن أن يُترجم إلى أيّ مقدار من فرض بعض عناصر الأجندة السعودية في ترتيبات المستقبل القريب ذات الصلة بالملف السوري، في جنيف وأستانة وسوتشي.

هذا بالرغم من أنّ زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، كان يُفترض بها أن تقرّب الرياض من المشروع الروسي حول سوريا، خاصة بعد «الانقلاب» الجذري في خيارات المملكة بصدد مصير بشار الأسد، والذي كان قد اتضح قبل شهرين خلال الاجتماع الشهير بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير والمنسق العام لهيئة التفاوض السورية رياض حجاب. واقع الحال أنّ طلب انتساب المملكة إلى النادي الذي تديره روسيا، لم يمنحها عضوية مكافئة لتلك التي تتمتع بها إيران، أو حتى تركيا.

وقد يساجل البعض بأنّ السعودية ليست موجودة عسكرياً على الأرض السورية، كما هي حال روسيا وإيران وتركيا؛ وهذا عامل مرجِّح وجدير بالاعتبار، غني عن القول. غير أنّ المملكة، وطيلة ستّ سنوات على الأقلّ من عمر الانتفاضة الشعبية في سوريا، نجحت في تجيير شرائح واسعة من هذه «المعارضة» السورية لصالح أجندتها، وبالتالي صارت الرياض رقماً تفاوضياً كلما توجب أن تشهد المحافل الدولية ومؤتمرات التفاوض حضوراً للمعارضة إلى جانب النظام. وليس ببعيد ذلك الزمن الذي كان فيه أحمد الجربا، رئيس الائتلاف الأسبق، رجل السعودية أكثر مما هو ممثل تلك «المعارضة»؛ وليس إقصاؤه اليوم عن صفّ «المعارضين» السوريين الموالين للمملكة إلا علامة بيّنة على انحسار نفوذ الرياض في هذه الورقة.

في المقابل، يمكن ـ مع حفظ الفوارق الكثيرة، بالطبع! ـ استدعاء مثال الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس»، وضابط الإيقاع كليّ الحضور في سوريا والعراق، وربما في اليمن أيضاً، في أيّ وقت قريب؛ والذي، لإنصاف حقائق التاريخ، استُقبل في الكرملين بأحسن مما استُقبل به الجربا في البيت الأبيض. صحيح، هنا أيضاً، أنّ سليماني إيراني الجنسية، وضابط في «الحرس الثوري الإيراني»؛ ولكنّ الجربا، في المقابل، قبل وخلال رئاسة الائتلاف، لم يفتقر إلى دعم السعودية الأقصى، سياسياً ودبلوماسياً ومالياً.

وهكذا، فضلاً عن مشهد المسرحية الركيكة في الرياض، مقابل النجاح الجلي في قمة سوتشي؛ ثمة عناصر كثيرة ترجح كفة التفوق الإيراني، راهناً بادئ ذي بدء، ثمّ لاحقاً كذلك. فالقادم أعظم… أغلب الظنّ!

صبحي حديدي – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. كلاهما استاذ في السقاطة سليماني يدافع ويقاتل عند قضيته الساقطة بشرف فهو لن يكل ولن يمل ولن يذود عن تحقيق اهداف دولته
    اما الجربا فله من اسم جده نصيب فهذا الاجرب باع القضية والثورة وباع شرفه عند حفنة من الدولارات
    ولكم المقارنة