لماذا أرجأ ترامب نقل السفارة الأميركية الى القدس ؟
بتباهٍ شبهته صحيفة “نيويورك تايمز” بشعور جون هانكوك خلال توقيعه وثيقة الاستقلال الاميركي، وقع الرئيس الأميركي دونالد #ترامب اعلان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وبهدوء، وقع وثيقة أخرى تؤجِّل نقل السفارة الأميركية إلى المدينة 6 أشهر على الأقل، وربما فترة أطول كثيراً.
واليوم، قال وزير خارجيته ريك تيلرسون إن نقل السفارة من تل ابيب الى القدس لن يتم على الأرجح قبل عامين على الاقل، متذرعاً بخطوات نقل السفارة من تل أبيب للقدس التي تتضمن العثور على موقع، ووضع خطط، الحصول على موافقة من الكونغرس على المصاريف المتوقعة “ثم بناء السفارة فعليا”.
أوحى تيلرسون، على غرار مسؤولي البيت الأبيض أنَّ قرار ترامب تأجيل نقل السفارة كان مدفوعاً باعتباراتٍ عملية ولوجيستية، لا سياسية. وقالوا إنَّ وزارة الخارجية لا يمكنها فتح سفارة عاملة بالقدس وفق الجدول الزمني الوارد في قانون 1995 والذي يقضي بتوقيع الرئيس على قرارٍ بتأجيل التنفيذ لأسباب متعلقة بالأمن القومي كل 6 أشهر من أجل إبقاء السفارة في تل أبيب.
ومع ذلك، لا شيء كان يمنع واشنطن من تحويل قنصلية جديدة لها في القدس الى مقر موقت لسفارتها، ولا شيء في قانون 1995 يمنعها من ذلك. ويذكر قانونيون بأنه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، أقامت الولايات المتحدة، سفارات في مقراتٍ موقتة في عواصم الجمهوريات السوفياتية المستقلة حديثاً.
لذلك، يقول السفير الاميركي السابق في اسرائيل دنيس روس إن تأجيل نقل السفارة يُجنِّب البيت الأبيض سلسلةً من القرارات -مثل تحديد مكان السفارة في المدينة- بما فيها تحديد الحدود الجغرافية الذي تعمَّد الرئيس الاميركي تركه غامضاً حول القدس.
وقال في مقال كتبه في الصحيفة الاميركية إنَّ “تجنُّب نقل السفارة يُمثِّل طريقة لتفادي تحديدٍ جغرافي. وتجنُّب أي تحديد جغرافي في اعترافهم بالقدس يبدو كأنَّه جهد منهم للإبقاء على عملية السلام حية”.
إذا، ما فعله ترامب هو ببساطة الاعتراف بواقعٍ يتقبّله المجتمع الدولي بغالبيته، ألا وهو أن قسماً من المدينة على الأقل سيبقى دائماً عاصمةً لإسرائيل، أياً كانت حدود هذه المدينة ووضعها النهائيين، علماً أن واشنطن وحكومات اخرى تجري محادثات في القدس مع الحكومات الإسرائيلية منذ سميت المدينة العاصمة الجديدة للبلاد بعد فترة وجيزة من حرب عام 1948. فقد ألقى الرؤساء الأميركيون – الديمقراطيون والجمهوريون على السواء – خطاباتهم في مبنى البرلمان الواقع في القدس، واعتاد وزراء الخارجية الأميركيون عقد لقاءاتهم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في مكتبه الكائن هناك أيضاً، شأنهم شأن نظرائهم الدوليين.
وفي حرب عام 1967، سيطرت إسرائيل على النصف الشرقي من المدينة ووسعت بشكل كبير حدودها البلدية. وبدءاً من معاهدة كمب ديفيد في أيلول 1978، وافقت الحكومة الإسرائيلية على التفاوض بشأن المكانة النهائية لمدينة القدس في إطار المفاوضات على الوضع النهائي. ولكن الادارات الاميركية التي تعاقبت على السلطة مذذاك، أعلنت أنها لن تتخذ أي موقف بشأن الوضع النهائي للمدينة إلى أن يتفاوض الإسرائيليون والفلسطينيون حول القضية بأنفسهم. وحين أصدر الكونغرس الأميركي في عام 1995 قانوناً يقضي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فاوضت إدارة كليتنون على إدراج بندٍ في القانون يخوّل الإعفاء من تطبيقه لدواعٍ خاصة بالأمن القومي الأميركي.
ويقول ديبلوماسيون أميركيون إن الإدارة الأميركية هدفت من خلال تلك الخطوة لا الى الحفاظ على سياسة قديمة وطويلة الأمد لدى السلطة التنفيذية فحسب، وإنما السماح للرئيس الاميركي أيضاً بتحديد ما إذا كان من شأن خطوة كهذه أن تخدم مصلحة الولايات المتحدة المتمثلة بتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
ومذذاك، طلب الكونغرس من كل الإدارات الأمريكية اللاحقة التزام هذا البند كل ستة أشهر، وأصبحت هذه المدة تجدَّد في كل مرة حيث كان كل رئيس – بما في ذلك ترامب – يقرر أن إسقاط هذا الإعفاء سيفتح المجال أمام أعداء السلام باستغلال اعتراف الولايات المتحدة الرسمي بالقدس، والتحريض على العنف بسبب هذه المسألة المثيرة للعواطف، وتعطيل جهود السلام الأميركية.
ومع ذلك، كان قرار تأجيل نقل السفارة أقل أهمية من بيان ترامب حول القدس. ويقول دانيال كورتزر، الأستاذ في جامعة برنستون والسفير الأميركي السابق لدى إسرائيل ومصر إن ” تلك محاولة للتذاكي. إذا كانوا يعتقدون أنَّ أحداً سينخدع بأنَّ قراراً كهذا يجعل ديبلوماسيتهم موثوقة، فإنهم يخدعون أنفسهم”.
وفي المقابل، كتب ديفيد ماكوفسكي، الزميل البارز في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”: “لا أريد التقليل من الجرح الذي يشعر به الفلسطينيون. لكن كان هناك جانب آخر في رسالة ترامب لم يتم استيعابه”، معتبراً أن “ترامب لم يغلق باب التفاوض على الحدود والسيادة”.
فعلاً، قال ترامب إن إعلانه لا يتعلق بتحديد الوضع النهائي للقدس أو حدودها، وأن هذه القرارات يجب أن تتم عن طريق المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب، ولكن عن أية مفاوضات كان ترامب يتحدث؟
موناليزا فريحة – النهار[ads3]
مقال فارغ الهدف و غير واضح المعالم
هذا كان ثمن ربح ترامب الانتخابات واستلامه للسلطة وهاهو يدفعه الآن