ألمانيا : الجرذان تجتاح ” حي الجنس ” في هامبورغ !
إذا كان في وسع دينيس كالف أن يعمل مثل “زمار هاملين”، الذي تقول الأسطورة عنه إنه كان يجذب الجرذان بقوة سحر ألحان مزماره إلى خارج بلدة هاملين الألمانية ليخلص السكان من شر هذه الحيوانات التي كانت تسبب الطاعون، ويقودها إلى النهر لتغرق، لكان كالف قد استطاع أن يجمع حوله بالتأكيد قطيعا كبيرا من الجرذان في غضون دقائق، ولكن هذا الحشد هذه المرة سيكون في حي سان باولي الكائن بمدينة وميناء هامبورغ، وهو حي يشتهر بمنطقة مخصصة للترفيه وبائعات الهوى.
وفي هذه الحالة فإن كالف سيستطيع مثل “زمار هاملين” الذي تقول الأسطورة إنه كان يعمل في صيد الجرذان والتخلص منها، أن يقودها إلى نهر إلبي القريب لإغراقها.
غير أن مكافحة الحشرات والحيوانات الصغيرة الضارة ليست بهذه البساطة وإنما هي على درجة كبيرة من الصعوبة، وهو ما يستطيع كالف الذي يعمل في هذا المجال أن يخبرك به، فالشركة التي يرأسها تتعقب الفئران والجرذان والخنافس وبق الفراش والصراصير وحشرات السمك الفضي والنمل والدبابير، كما تقاوم “الجرذان الطائرة” التي تعرف باسم الحمام.
ويقول كالف إنه منذ العام الماضي تحول القطاع الأوسط من هامبورغ وحي سان باولي بشكل خاص، إلى منطقة جذب ساخنة بشكل حقيقي للهوام.
ويقول كالف “يمكنك أن تطلق على هذه الحالة اجتياح للجرذان ، وهذه القوارض تجد تموينا كبيرا للغاية من الأطعمة، فالأشخاص يلقون بدون تفكير ما يتبقى من طعامهم من الكباب والبريجر”.
ويضيف كالف (40 عاما) ، الذي خبر هذا المجال خلال عمله كقاتل محترف للقوارض على مدى 20 عاما ، إن هذه المنطقة صارت جنة الجرذان ، فهي تسترخي في أماكن وثيرة تستمتع فيها بالراحة وسط الأشجار وتعيش كالأمراء.
وتقول سلطات الصحة العامة بهامبورغ إنه تم رصد أعداد قياسية من حالات غزو الجرذان في عام 2016، وبلغت 1640 حالة مقارنة بنحو 1281 حالة عام 2015.
ومكافحة الأعداد الكبيرة من الجرذان ليست عملية سهلة على الإطلاق، فيمكن لأنثى الفأر أن تضع ما يصل إلى 600 مولود في العام، بينما تصل الجرذان إلى مرحلة النضج الجنسي خلال حوالي خمسة أو ستة أسابيع من العمر، كما أنها تنقل العديد من الأمراض.
ويشير متحدث باسم مكتب الصحة وحماية المستهلك إلى أنه “لكي تتم مكافحة الجرذان في مختلف أنحاء مدينة هامبورغ، وأيضا في المناطق الأخرى خارج نطاق الممتلكات الخاصة للأفراد تم إصدار أمر يتعلق بالجرذان من جانب السلطة التنفيذية بهامبورغ، ويطلب الأمر من المواطنين أن يبلغوا على الفور المكتب بأية حالة من غزو الجرذان أو علامات على هذا الغزو”.
ويقول كالف الذي لا يستطيع منع نفسه من التكرار “حيث أن حي سان باولي منطقة جذب للسياح فينطبق عليه هذا الأمر بالطبع، وإمدادات الغذاء المتاحة لهذه الحيوانات لا تنضب، فالغذاء إما أن يلقيه الزبائن في الشوارع، أو أن الجرذان تصل بنفسها إلى فضلات الطعام التي لا يمكن معالجتها والموجودة داخل الأكياس البلاستيكية”.
واشتغل والد كالف وجده بمهنة القضاء على الجرذان قبله، وكان جده يقاومها باستخدام شبكة وجاروف،ويتم اليوم اجتذاب الجرذان والفئران إلى داخل أفخاخ يتم تشغيلها بأجهزة لاسلكية، ويمكنها أن تعطي بطريقة آلية إشارة تدل على اصطياد جرذ أو فأر.
ويعمل بالشركة التي تمتلكها الأسرة وتسمى (كالف جي.إم.بي.إتش) 12 عاملا، ويطلب خدماتها الأفراد والشركات إلى جانب مجالس بلدية، وتزدحم هامبورغ بزبائن الشركة . فالكثير من المتاجر الكبرى والمخابز ومطابخ الكافتيريات، والفنادق والمطاعم يتصلون بكالف بانتظام حتى تكون هذه الأنشطة قادرة على كفالة مكافحة مستمرة للحشرات.
وأحيانا تصادف كالف اكتشافات كريهة، فعلى سبيل المثال عثر ذات مرة على هيكل عظمي لجرذ تحت ثلاجة بمطعم.
ويقول وابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه”إن هذا يحدث، وهو مفيد بالنسبة لي، فأنا على الأقل أصبحت أعلم ما هو المكان الذي يمكنني فيه تناول الطعام وما هو المكان الذي أتجنبه”.
وفي الفنادق يكون العدو الرئيسي هو بق الفراش الذي يأتي مع تدفق الضيوف، ويشير كالف إلى أن “مكافحة هذه الحشرات شاق للغاية ومكلف إلى حد ما أيضا”.
ويقول إنه يبدو إنه مارس عمله في منزل من كل اثنين في سان باولي، ويضحك عندما يتذكر مهمة منذ بضعة أعوام في قبو للممارسات الجنسية الشاذة، حيث شكا زبون من وجود فئران.
ويضيف “إن هذه الواقعة هى الأكثر غرابة من نوعها بالطبع، ووضعت أفخاخ صيد الفئران وغادرت المكان”.
وعندما يتم دعوة كالف هذا الرجل المعروف بانتمائه الأسري إلى بيت للدعارة لمكافحة الفئران فيه، يتم عادة تقديم كوب من القهوة له بعد الانتهاء من عمله، كما سبق له أن قام بالتخلص من الحشرات والفئران في السجون والسفن.
وهناك خط ثان من النشاط التجاري لشركته وهو تنظيف وتطهير عربات الإسعاف وسيارات الشرطة وزنازين السجون، أو الشقق التي مات بداخلها شخص ما أو عاش فيها شخص يحب تخزين الأشياء، ويقول كالف “إنك في هذه المهنة تحتاج إلى شجاعة ، ولا يجب أن تكون سريع الغثيان في حالة رؤيتك للدماء أو المخلفات البشرية”.
ولكن هل يمكن مقارنة قليل من الدماء والمخلفات البشرية بعش للدبابير أو مجموعة من الجرذان ذات الأسنان الحادة ؟. (DPA)[ads3]