ألمانيا : مبادرة تدعو لـ ” تعامل عادل مع الإسلام “
حذرت مبادرة أطلقتها شخصيات بارزة غير مسلمة في ألمانيا من مناخ معاد للمسلمين بعموم البلاد، وحثت السياسيين وقادة المجتمع على التعامل بأسلوب عادل مع الإسلام، ودعت وسائل الإعلام الألمانية للالتزام بالموضوعية والحياد وتجنب التعميمات الخاطئة بتقاريرها عن أوضاع الأقلية المسلمة.
وحملت هذه المبادرة التي أعلن عنها في العاصمة الألمانية برلين اسم “بلا تمييز”، وضمت قائمة مؤسسيها ممثلين للكنائس وشخصيات يهودية وسياسيين ومسؤولين حاليين وسابقين بأجهزة أمنية وأكاديميين وقضاة.
وأعلن هؤلاء المؤسسون أن الهدف من إطلاق مبادرتهم هو مواجهة انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا بالمجتمع، والدعوة لتعامل عادل مع مسلمي ألمانيا.
وانتقدت مبادرة “بلا تمييز” في بيانها الأول تعاطي السياسيين والتغطيات الإعلامية في ألمانيا مع المسلمين بمعايير مغايرة لما يجري مع المجموعات الدينية والمجتمعية الأخرى، واعتبرت أن الحقوق المتساوية للجميع في ألمانيا وعدم السماح بازدواجية المعايير يستوجب الحديث مع المسلمين وليس فقط الحديث حولهم.
ورأى الموقعون على البيان التأسيسي للمبادرة أن الإنصاف يفرض على المؤسسات السياسية والإدارة ووسائل الإعلام مواجهة التطورات الحرجة والقضايا الحساسة المتعلقة بمسلمي ألمانيا، والحديث مباشرة مع مسؤولي المساجد والمؤسسات الإسلامية وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن مواقفهم وتصوراتهم بشأن ما يثار حولهم.
وأشار رئيس المبادرة الفرنسسكانية الكاثوليكية الدكتور توماس شيميل إلى أن تأسيس مبادرة “بلا تمييز” جاء بعد ملاحظة المشاركين فيها وكلهم من غير المسلمين لفترة طويلة، أن مسلمي البلاد باتوا يوضعون بإطار الاشتباه العام وتحت ضغط تبرير الأحداث السلبية المرتبطة بالإسلام حتى لو جرت خارج ألمانيا ولم يكن لهم علاقة بها.
وقال شمييل في تصريح للجزيرة نت، إن هذا الاشتباه والضغط أصبح يمثل سما للتعايش السلمي في المجتمع المتعدد، وأوضح أن مؤسسي المبادرة أرادوا من خلالها مطالبة السياسيين وقادة المجتمع في ألمانيا، بالتعبير عن معارضتهم للأحكام النمطية السلبية تجاه الأقلية المسلمة، ومكافحة الإسلاموفوبيا مثل مكافحة العداء للسامية وكافة صيغ تمييز وعزل الأقليات.
وشدد مطلقو مبادرة “بلا تمييز” على أن مسلمي ألمانيا ليسوا فوق مستوى الانتقاد، لكن توجيه أي نقد لهم إذا دعت الحاجة يتطلب مراعاة الإنصاف والابتعاد عن التجريم العام، ووضع التجاوزات الفردية في سياقها الصحيح.
ورأوا أن “إسقاط كل شيء سيئ على أقلية صغيرة بسبب انتمائها الديني يتعارض مع المبادئ الأساسية للدستور الداعية لحماية حرية الأقليات والمخالفين، ويقود المجتمع بطريق خطر”.
وطالبت المبادرة وسائل الإعلام الألمانية بالالتزام في تقاريرها حول الإسلام والمجتمع بالدقة والتمييز والابتعاد عن التعميمات الخاطئة، وضرورة تقديم صور للتطورات الإيجابية داخل المجتمع المسلم في ألمانيا.
ولفتت إلى إطلاق مسلمي ألمانيا العديد من المبادرات المجتمعية المهمة التي لم تجد لها صدى يذكر بالتغطيات الإعلامية، وضربت مثالا على هذه المبادرات الفعاليات المحفزة على المشاركة بالانتخابات، وانفتاح المساجد وسعيها الحثيث للحوار الديني وتنديدها في مناسبات مختلفة بالعنف والعداء للسامية.
وخلص مؤسسو مبادرة “بلا تمييز” لحث وسائل الإعلام على الاستعانة في مناقشاتها لقضايا الإسلام بالباحثين المؤهلين لعرض رؤاهم الموضوعية، بدلا من الضيوف المتكررين من “خبراء الإسلام” أصحاب التصورات المنحازة.
خالد شمت – الجزيرة[ads3]