استقبله اليمين المتطرف بحفاوة و اهتمام .. ألمانيا : عنوان مضلل عن اللاجئين لصحيفة شهيرة يتسبب بجدل كبير و ينتشر على نحو واسع

نشرت صحيفة “بيلد آم زونتاغ” الألمانية، معلومات خاطئة حول نسبة اللاجئين الذين تمكنوا من اجتياز امتحان اللغة الألمانية، بتقرير حمل عنوان: (4 من 5 لاجئين لم يستطيعوا تجاوز امتحان اللغة الألمانية).

الصحفي والمدون موريتز تشيرماك، نشر تقريراً في منتدى “بيلد بلوغ”، وهو منتدى مختص بنقد وسائل الإعلام، يصحح فيه الأخطاء التي تم نشرها في أكثر من منصة إعلامية، حول هذا الموضوع.

وجاء في التقرير، بحسب ما ترجم عكس السير، أن النسبة الواردة في المقال خاطئة، وهي أقل من ذلك بكثير.

وقال جوليان رايشلت، رئيس تحرير الموقع الإلكتروني لصحيفة “بيلد”، التي نشرت مقالاً بعنوان مشابه أيضاً، عن المقال بأنه ذو “صياغة سيئة”، أما بالنسبة للقوى اليمينية واليمينية المتطرفة، فقد اعتبرت هذا المقال نموذجياً ومناسباً لدعايتهم المعادية للاجئين.

وفي موقع “Bild.de” نشر المقال في القسم المأجور (يجب الاشتراك والدفع للقراءة)، لذلك فإن أعداداً كبيرة من زوار الموقع لم يتمكنوا من قراءة محتوى المقال، بل قرأوا فقط العنوان الخاطئ: “4 من 5 لاجئين لم يستطيعوا تجاوز امتحان اللغة الألمانية”.

وهذا العنوان يفهم منه بأن 80% من مجموع جميع اللاجئين لم ينجحوا في امتحان اللغة الألمانية، أما في النص، فإن هذه النسبة تخص اللاجئين الأميين فقط، الذين لم يستطيعوا الوصول إلى المستوى B1 في اللغة الألمانية.

وورد أيضاً في المقال، الذي نقل إحصائيات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف)، بأن نصف اللاجئين “من غير الأميين”، استطاعوا تجاوز مستوى اللغة B1.

وهذا يزيف المعلومة الحقيقية بشكل كبير جداً، فالأمر لا يتعلق بكل اللاجئين ولا بالسؤال التالي: “هل ينجح اللاجئون أم لا في اختبار اللغة الألمانية؟”، ولكن حول النجاح في مستوى معين من اللغة الألمانية وهو B1.

ووفقاً لإحصاءات “بامف”، فقد اجتاز حوالي 127 ألفاً، من أصل قرابة 167 ألف مشارك في دورات الاندماج، اختبار اللغة الألمانية للمهاجرين، وذلك في النصف الأول من عام 2017، ولكن بمستويات لغوية مختلفة، فقد حصل 53.9% على مستوى B1، و37.6% على مستوى A2، و8.5% على مستوى أقل من A2.

ووفقاً لذلك، فقد حصل نحو 76% من المشاركين في هذه الدورات على شهادة في اللغة الألمانية، وليس فقط 20% كما ورد في عنوان صحيفة “بيلد آم زونتاغ”.

ولكن بصرف النظر عن الأعداد الخاطئة التي وردت في “بيلد آم زونتاج” و “Bild.de”، فهل نسبة 17%، التي تخص المشاركين في دورة محو الأمية، والذين استطاعوا الوصول إلى مستوى B1″مخيبة للآمال”، كما ورد في مقال “بيلد آم زونتاج”؟.

إن هذا الوصف يخالف واقع دورات محو الأمية، فـ “الإطار الأوروبي المرجعي المشترك للغات”، يحدد مستويات مختلفة من الكفاءة في تعلم اللغات، فهناك ستة مستويات مختلفة: A1 (وهو مستوى دخول)، A2 (المستوى الأساسي)، B1 (المستوى المتوسط)، B2 (المستوى المتوسط المتقدم)، C1 (مستوى المعرفة المتقدمة)، C2 (مستوى المعرفة الممتازة).

ويشارك في “دورات الاندماج للأميين” الأشخاص الذين لا يعرفون القراءة والكتابة بلغتهم الأم، أو الأشخاص الذين لا يجيدون القراءة والكتابة بالأحرف اللاتينية، وبالتالي فإن الهدف من هذه الدورات ليس الوصول إلى المستوى “المتوسط” B1 بأي حال من الأحوال.

وهذا يؤكده وصف المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في “هدف دورات محو الأمية على الصعيد الاتحادي” في الشرح التالي: بالنسبة لنسبة كبيرة من المشاركين في هذه الدورات، يعتبر مستوى اللغة A2.2 هدفاً واقعياً.

وبالنسبة للمشاركين من الأميين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة أبداً، فإن الوصول إلى مستوى اللغة A2.1 يعتبر هدفاً واقعياً، وبالنسبة لبعض المشاركين، فإنه من الممكن الوصول إلى مستوى لغوي أعلى من المستوى A2.2.

وهذا يعني بأنه بالنسبة لـ “بعض” المشاركين في هذه الدورات، فإن الوصول إلى مستوى B1 وفقاً للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين “بامف”، ونسبة الـ “4 من أصل 5، أو 17% من عدد اللاجئين”، التي وردت في تقرير “بيلد آم زونتاغ” (الورقية)، والموقع الإلكتروني لصحيفة بيلد “Bild.de”، تنطبق فقط على المشاركين في هذه الدورات، من الذين استطاعوا الوصول إلى مستوى B1، في النصف الأول من عام 2017.

وهنا يظهر خطأ العنوان الوارد في وسيلتي الإعلام هاتين: “4 من 5 لاجئين لم يستطيعوا تجاوز امتحان اللغة الألمانية”، وقد تصدر هذا المقال في الموقع الإلكتروني لصحيفة “بيلد” قائمة الأكثر قراءة.

وقد انتشر هذا العنوان بشكل كبير دون مراجعة من وسائل إعلام ألمانية كثيرة، مثل “فرانكفورتر آلغماينه تسايتونغ”، و “B.Z”، والموقع الإلكتروني “برو زيبين”، والموقع الإلكتروني “Sat1”.

أما موقع “إيبوخ تايمز” اليميني، فقد نشر مقالاً تحت عنوان: “4 من أصل خمسة مهاجرين لا ينجحون في امتحان اللغة، ولن يستطيعوا الحصول على فرص عمل”.

وأيضاً ظهر هذا العنوان في موقع مجلة “فوكوس”، و “nordbayern.de”، قبل أن يقوما بتصحيحه.

وجاء العنوان في الموقع الإلكتروني لصحيفة “فيلت” على الشكل التالي: “واحد فقط من أصل خمسة أميين يجتازون اختبار اللغة الألمانية”، وهذا العنوان أيضا خاطئ، فالصحيح هو أن حوالي واحد من كل خمسة مشاركين في فصول محو الأمية، يصل إلى مستوى B1، ولكن هناك مشاركون آخرون يتجاوزون مستويات أخرى من اللغة الألمانية.

وقد تمت المشاركة والتعليق على هذه المقالات من قبل شخصيات كثيرة بشكل متسرع، فغرد الصحافي هوغو مولر فوغ، على حسابه على “تويتر”، مرفقاً مقال صحيفة “بيلد”، تعليقاً يظهر سقوطه في فخ جهله: لماذا تخطر في بالي الكلمات الرئيسية التالية: “إثراء”، “أكثر قيمة من الذهب” و “الأساس لمعجزة اقتصادية جديدة”.

وكما هو متوقع، فقد استغل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني وجماهيره، هذه العناوين الخاطئة لوسائل الإعلام كـ “بيلد” و “فرانكفورتر آلغماينة تسايتونغ”، و “فيلت”، فنشر صورة كتب فيها: “إنهم ما يزالون غير مناسبين، لا لعمل ولا لتدريب مهني، 4 من 5 لاجئين لم يستطيعوا تجاوز امتحان اللغة الألمانية”.

وقد غير الموقع الإلكتروني لصحيفة “بيلد Bild.de” العنوان الخاطئ إلى العنوان التالي: “اللاجئون لديهم مشاكل في اختبار اللغة الألمانية”، وعلق رئيس تحرير الموقع، جوليان رايشلت، على ذلك، بأن ما واجه النسخة الأولى من المقال، هو مجرد “سوء في الصياغة”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها