توقعات بموجات حر تجتاح المدن الضخمة نتيجة للتغير المناخي
ما فتئت درجات الحرارة العالمية ترتفع محققة أرقامًا قياسية، وخاصة خلال العام 2017 الذي كان عامًا زاخرًا بالأعاصير والأمطار الغزيرة، وعلى خلفية تلك التطورات أبدى المنتدى الاقتصادي العالمي تخوفًا من أن تشكل الظواهر المناخية الشديدة أكبر التهديدات خلال العام 2018.
حلل فريق من باحثي جامعة كاليفورنيا، إرفاين بيانات أكثر من 90 ألف محطة أرصاد جوية حول العالم، فاكتشفوا ارتفاعًا في درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.19 درجة مئوية لكل عقد على مدار الخمسين عام الماضية، وكان الارتفاع أشد حدة خلال الأعوام الثلاثين الماضية، والتي ازدادت درجات الحرارة خلالها بمعدل 0.25 درجة لكل عقد بين العامين 1986 و2015.
ونشرت الدراسة في مجلة “إيرثس فيوتشر” وزعمت أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يزيد من مخاطر حدوث موجات حر قصيرة الأمد في أوروبا وآسيا وأستراليا، وأن تلك الموجات ستؤثر بدرجات متفاوتة على المدن الضخمة في كل قارة.
ووفقًا لإحصائية الأمم المتحدة للعام 2014، يقيم 54% من سكان العالم في مناطق حضرية، وتتوقع ارتفاع هذه النسبة إلى 66% بحلول العام 2050، وفق ما اوردت شبكة “مرصد المستقبل”، ويعني هذا أن مليارات البشر أصبحوا عرضة لمخاطر موجات الحر، وخاصة الفقراء منهم.
وقال سايمون مايكل بابلكشو مؤلف الدراسة والباحث في قسم الهندسة المدنية والبيئية في الجامعة خلال مقابلة مع مؤسسة طومسون رويترز “يعيش أكثر من مليار شخص في فقر مدقع، ويقيم الكثير منهم في مدن ضخمة ومراكز حضرية، وليس لديهم ما يحميهم من أجهزة تكييف أو بدائل أخرى.”
موجات حر مدمرة
دعى سايمون وفريقه ظاهرة موجة الحر باسم “تأثير الجزيرة الحرارية” ويبقى الهواء ساخنًا في البيئات الحضرية لفترات زمنية أطول، بالإضافة إلى أن الأسطح الأسفلتية والخرسانية والزجاجية وحتى المعدنية تعكس أشعة الشمس.
وُثّقت الحوادث الناجمة عن موجات الحر المدمرة، إذ أشار الفريق إلى موجة حر حلت في أوروبا عام 2003 وتسببت في وفاة نحو 70 ألف شخص، وموجة أخرى اجتاحت روسيا في العام 2010 وأدت إلى وفاة 55 ألف شخص تقريبًا.
وأشار مؤلف مشارك للدراسة يدعى أمير أغاكوشاك أن موجة الحر التي حدثت عام 2003 دفعت فرنسا إلى اعتماد سياسة جديدة تتطلب من دور الرعاية والأماكن التي يقطنها المرضى تركيب أجهزة تكييف هوائي في المناطق المشتركة، وصرح أمير لمؤسسة طومسون رويترز “لا تمتلك جميع الدول الموارد الكافية لتنفيذ هذه السياسات.”
وقال سايمون أن جعل المدن أكثر خضرة سيساهم كثيرًا في خفض درجات الحرارة في المناطق الحضرية ويقلص مخاطر تعرضها لموجات الحر، ويساعد الغطاء النباتي على توزيع الحرارة على النقيض من الأبنية والأسفلت اللذين يفاقمانها. وبدأ معماريون بتصميم منشآت أكثر خضرة كبرج الغابة البيضاء في باريس والمغطى بألفي شجرة وشجيرة، وصمموا أيضًا مواقف سيارات مقاومة للفيضانات ومغطاة بالنبات.
تعتمد مكافحة التغير المناخي على جهود البشرية، ولا بد من بذل الجهود لتخفيف وطأة موجات الحر القادمة ودرجات الحرارة المتطرفة، وقال سايمون “والسؤال المطروح الآن هو: هل ستستمر الحرارة بالارتفاع مستقبلًا؟ وإن استمرت، فلا مفر من العواقب الوخيمة المؤثرة على مجتمعاتنا.”
[ads3]