ألمانيا : ما هو سبب فشل الآلاف من عمليات ترحيل للاجئين ؟
في عام 2014 حصل جون على رسالة تفيد بأن طلب لجوءه رُفض. والرجل البالغ من العمر اليوم 41 عاما ينحدر من نيجيريا ويعيش الآن منذ ثلاث سنوات في ألمانيا. لكن إدارة شؤون الأجانب تعتزم الآن ترحيل جون. ولكن بما أنه يقول بأن جواز سفره سُرق، فإن هذا لا يحصل، فبدون وثائق سفر ليس هناك عودة من بفاريا العليا إلى نيجيريا. ويقول رجل القانون لوتار بانتسير الذي يقدم المشورة القانونية لجون بأن “رخصة إقامته يتم تمديدها في كل شهر”. وأضاف بانتسير:” يجب عليه التوجه في كل شهر إلى الإدارة لتمديد الإقامة”.
وجون هو واحد من بين مئات الآلاف من الأجانب الذين يعيشون كطالبي لجوء مرفوضة طلباتهم في ألمانيا. هم لا يتعرضون للترحيل، لأنهم مرضى ولا يوجد طريق آمن في اتجاه بلدانهم الأصلية حيث تسود الحرب أو أنهم بدون هوية، أو كما هي الحال بالنسبة إلى جون لا يتوفرون على جواز سفر أو هوية شخصية.
وتفيد وزارة الداخلية الألمانية بأنه وجب في السنة الماضية ترحيل 65.000 شخص، لكن تم تمديد إقامتهم(مؤقتا) بسبب عدم توفر الوثائق. وهذا العدد هو ضعف ذلك المسجل في السنة قبلها. وارتفاع العدد يعود جزئيا إلى قدوم العديد من اللاجئين في 2015 و 2016 ، كما يقول إرنست فالتر، رئيس نقابة الشرطة الاتحادية. والشرطة الاتحادية هي المسؤولة عن ترحيل الملزمين بالرحيل. ويقول فالتر في حديث مع DW:” إن هذا له ارتباط بكون الكثيرين يحاولون إخفاء هويتهم لتفادي مواجهة خطر الترحيل، ونحن كإدارة موجودون لضبط الوضع القانوني. فلا يمكن بالطبع أن يحصل الذي يتلف جواز سفره أو يخفي هويته على حق البقاء، فيما يتم إعادة الصادق”.
وعليه فإنه من المهم توضيح البلد الأصل والهوية لدى طالبي اللجوء المرفوضين وإصدار جواز، كما يقول فالتر. والشرطة الاتحادية مخولة للقيام بذلك، لأنها تتوفر على اتصال بمؤسسات الشرطة في بلدان أخرى مثل المغرب. إلا أن وثيقة لوزارة الداخلية الألمانية تفيد بأن التعاون مع مؤسسات الشرطة الأجنبية تتم في الغالب في تعثر. ففي الهند يوجد “تعامل بطيء مع طلبات إصدار جوازات بديلة” وفي باكستان هناك “تعثر” وفي لبنان تبقى “الأجوبة على الطلبات جد نادرة”.
وتعتزم وزارة الداخليةالألمانية الرفع من مستوى الضغط على الدول التي لا تبدي تعاونا، ومن بين وسائل الضغط يمكن اعتماد “سياسة المساعدة الإنمائية، وقد تكون أيضا سياسة التأشيرات”، كما يقول المتحدث باسم الوزارة يوهانس ديمروت الذي أفاد أن هناك نية لاستنفاد “جميع الإمكانيات في العلاقة الثنائية”. وفي نهاية الأمر تكون دول الأصل ملزمة باستقبال رعاياها.
إذن ألمانيا ستقلص المساعدة الإنمائية للدول التي لا تصدر جوازات لمن وجب عليه مغادرة ألمانيا؟ هذه الأفكار لا تجد الترحيب في وزارة التنمية، حيث يُراد التركيز أكثر على حوافز إيجابية، إذ يُراد توظيف مبلغ يصل إلى 500 مليون يورو سنويا لتمويل مواطن عمل وتكوين لصالح العائدين في العراق ونيجيريا وأفغانستان وبلدان أخرى. وبهذا الإجراء يريد وزير التنمية الألماني غيرد مولر إقناع 20.000 إلى 30.000 طالب لجوء سنويا باختيار درب العودة طواعية إلى بلدانهم.
ولا يعني أن كل أجنبي لا يتوفر على جواز سفر بأنه قام بإتلاف هذا الأخير. فغالبا ما يقوم المهربون بمصادرة الوثائق الشخصية من اللاجئين، كما يقول كلاوس أولريش برولس، مدير مجلس اللاجئين في كولونيا. كما أنه خوفا من الشرطة والجيش في الوطن يقوم البعض بإتلاف الوثائق في بداية مباشرة رحلة الهرب، مثلا في اريتريا.
ويقول برولس:” بالطبع يجب تقديم الجواز إذا كان الشخص يتوفر عليه لتوضيح الهوية منذ البداية، لكن الجواز لا يكفي لترحيل شخص ما، إذ هناك أسباب أخرى”. ويحذر برولس طالبي اللجوء من الإبلاغ عن معلومات خاطئة حول الهوية الشخصية لدى السلطات الألمانية، فهذا قد تكون له انعكاسات سلبية لاحقا إذا اندمج الشخص فيما بعد وأصبح له حق الإقامة. “ثم يأتي الناس في الغالب إلى مؤسسات المشورة ويقولون بأنهم غيروا حرفا في الاسم أو تاريخ ميلادهم. وهذه إشكالية، لأن تحريف الهوية الشخصية في كثير من الحالات يمثل سببا في الاستثناء من حق الإقامة”.
وفي حال ضياع جواز السفر، وجب على طالب اللجوء المساعدة في إصدار جواز جديد لتوضيح هويته. وفي حال عدم التزام الشخص بهذا الواجب في التعاون، فبإمكان السلطات أن تلجأ لمصادرة الهاتف النقال وتفتيش السكن أو فرض عقوبات. وفي حال جون صدر أمر جنائي ” بسبب النقص في التعاون لإصدار الوثائق”. ورغم أنه قدم استئنافا، إلا أن قرار المحكمة الإدارية صدر الأسبوع الماضي، وقضى بدفع 700 يورو غرامة، وهذا مبلغ مالي مرتفع بالنسبة إلى اللاجئ من نيجيريا الذي سبق وأن اتصل بالسفارة النيجيرية وطلب الحصول على جواز سفر جديد.
بيتر هيله – دويتشه فيله[ads3]