كم هو السعر المناسب للمسكن في السعودية ؟

أكد كاتب اقتصادي سعودي أن متوسط سعر الوحدة السكنية المناسب للمواطن السعودي تتراوح بين 354 ألف و442 ألف ريال (94.4 ألف و118 ألف دولار) للمسكن الواحد لمن كان راتبه 7372 ريالاً شهرياً بينما يكون سعر المسكن بين 144 ألف ريال و180 ألف ريال كحد أعلى لمن كان راتبه حوالي 3 آلاف ريال شهرياً معتبراً أن السعر المناسب للمسكن يجب أن يكون أربعة أو خمسة أضعاف متوسط الدخل السنوي للمواطن.

وفي مقال بعنوان “ما الأسعار المناسبة للأراضي والمساكن؟”، قال الكاتب والمحلل الاقتصادي السعودي عبدالحميد العمري “دائماً ما نقرأ ونستمع في التصريحات الصادرة عن وزارة الإسكان إلى عبارة (نستهدف توفير مساكن للمواطنين بأسعار مناسبة)، تبدأ الإشكالية من كلمتي (أسعار مناسبة) التي يختلف جذرياً تفسيرها حسب الطرف المتلقي لها، وحيث إنه يغيب عني تفسيرها المقصود حسب رؤية وزارة الإسكان، إلا أنها ستكون مفهومة ومعلومة إلى حد بعيد بالنسبة للمواطن الباحث عن تملك مسكنه، حسب قدرته من حيث مستوى الدخل ومن حيث قدرته الائتمانية، وستكون عبارة (أسعار مناسبة) مفهومة ومعلومة تماماً بالنسبة للتاجر العقاري، سواء كان من ملاك الأراضي أو من المطورين”.

وأضاف “العمري” في المقال الذي نشرته صحيفة “الاقتصادية” السعودية اليوم الأربعاء “المؤكد هنا؛ أن الفارق بين ما هو (سعر مناسب) للمواطن الساعي لتملك مسكنه، وما هو (سعر مناسب) للتاجر العقاري الساعي لبيع أرضه أو منتجه العقاري، فارق كبير جداً حسبما هو مشاهد الآن في السوق، ووفقاً لما سيأتي هنا من إيضاح أكثر تفصيلاً لهذا الفارق الكبير (الفجوة السعرية الكبيرة)”.

وأوضح أنه “يمكن تحديد (السعر المناسب) لتملك المواطن مسكنه، الذي سيسهم في تحقيق الهدف التنموي والحيوي بتوفير مساكن بما يناسب المواطنين، بالاعتماد هنا على مضاعف سعر المسكن إلى دخل المواطن السنوي، الذي يراوح بين أربعة وخمسة أضعاف، المتمثل في عدد السنوات اللازمة لامتلاك الفرد مسكنه، بقسمة السعر السوقي للمسكن المستهدف بالشراء على إجمالي دخله السنوي كاملاً دون أي خصم منه، وحال ظهور قيمة الناتج لتلك العملية المحاسبية بأرقام تبدأ من خمسة أضعاف “سنوات” فما دون، فذلك يعني أن الأسعار مناسبة وعادلة أيضا، فيما ستعد أسعاراً غير مناسبة إذا ما تجاوزت معدل خمسة أضعاف سنوات فأكثر”.

وتابع أنه “بالنظر إلى المضاعف الراهن في سوقنا العقارية حسب أحدث بيانات السوق العقارية، ووفقاً لنتائج مسح التوظف والأجور (الهيئة العامة للإحصاء)، فالمضاعف يتحرك بين 15 و20 ضعفاً، علما بأنه كان يستقر خلال 2014 وما قبله من أعوام قليلة في مستويات أعلى من 25 ضعفاً، إلا أن التصحيح المحدود للأسعار المتضخمة (بنحو 30%) خلال الفترة 2014 ـ 2018، أسهم في خفض ذلك المضاعف لما دون 20 إلى 15 ضعفاً حسب اختلاف المواقع والمدن، إلا أنه ما زال مرتفعاً جداً مقارنة بقيم المضاعف المناسبة والعادلة للأسعار، وهي القيم التي تبدأ من خمسة أضعاف سنوات فأقل”.

وقال “بناءً عليه؛ ووفقاً للنتائج الأخيرة لمسح التوظف والأجور 2017 الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الذي حدد المتوسط العام لأجور السعوديين (الذكور، الإناث) العاملين في مختلف القطاعات عند 7372 ريالاً شهرياً (88470 ريالاً سنوياً)، فالحديث هنا عن أسعار مناسبة للمساكن تراوح بين 354 ألف و442 ألف ريال للمسكن الواحد. وبالنظر إلى متوسط الأسعار الراهنة للوحدات السكنية (الفلل) في سوق العقار، على الرغم من انخفاضها بمتوسط 30 بالمئة خلال 2014 ـ 2018، إلا أنها تعد أعلى من تلك المستويات المناسبة والعادلة بمضاعفات تتأرجح بين ثلاثة وأربعة أضعاف تلك الأسعار، وهو ما يعني للوصول فعلياً بالأسعار المتضخمة الراهنة للمساكن إلى مستوياتها المناسبة أمام الشريحة الأكبر من المواطنين، أن يحدث انخفاض في أسعار المساكن بنسب تراوح بين 60 و70 بالمئة، التي سينتج عنها انفراج مهم في أزمة تملك المساكن بالنسبة للمواطنين”.

وأضاف “في هذا السياق؛ يجب الأخذ في عين الاعتبار شريحة ذوي الأجور الأدنى، مقارنة بذلك المتوسط العام للأجور المشار إليه أعلاه، الذين يمثلون شريحة كبيرة في منشآت القطاع الخاص، حيث كشفت بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنهاية 2017 عن وجود 843.1 ألف عامل سعودي (47.4% من إجمالي العمالة السعودية بالقطاع الخاص)، أن أجورهم الشهرية تبلغ ثلاثة آلاف ريال شهرياً فما دون (36 ألف ريال سنوياً)، وهو ما يعني أن الأسعار المناسبة للمساكن الملائمة لهذه الشريحة من المواطنين وفقاً للمضاعف المشار إليه أعلاه”.

وتابع أنه “ووفقاً لمستوى أجورهم السنوية، يجب أن تتحرك تلك الأسعار المناسبة للمساكن بين 144 ألف و180 ألف ريال كحد أعلى، وهي الوحدات السكنية غير المتوافرة بتلك المستويات السعرية المتدنية في السوق خلال الفترة الراهنة، الذي يقتضي بدوره وأهميته من وزارة الإسكان، أن تعمل على ابتكار وتصميم برامج إسكان خاصة جدا تستهدف هذه الشريحة الكبيرة من المواطنين، تختلف تماما عما هو موجود حتى تاريخه، وتتطلب اهتماما أكبر من لدن وزارة الإسكان، وهو الأمر الممكن تحقيقه متى نجحت الوزارة في إحداث تغيير شامل لبرامجها الراهنة، التي تم التركيز فيها بدرجة أكبر على آراء القطاع الخاص، عبر برامج الشراكة مع منشآته (شركات التطوير العقاري)، دون النظر بدرجة كافية إلى مستويات دخل الأفراد الباحثين عن تملك مساكنهم، وهل ما تقوم به من عقد لمئات الشراكات مع القطاع الخاص، تعد أسعارها مناسبة لشرائح المواطنين حسب مستويات دخلهم أم لا؟”.

وقال “آتي الآن لمستوى (الأسعار المناسبة) من وجهة نظر تجار الأراضي والعقارات والمطورين، التي لا عجب أبداً أنها تفوق حتى المستويات الراهنة للأسعار، التي تعرضت للانخفاض في المتوسط بنسبة 30 بالمئة خلال 2014 ـ 2018، ولا عجب أن قرأت أو سمعت منهم أنها يجب أن تتنامى سنوياً حسب وجهة نظرهم، المستندة طبعاً إلى تحقيق أهدافهم الربحية دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، بمعدلات 10 إلى 15 بالمئة سنوياً، أي أن ما سعره في الوقت الراهن يبلغ 1.0 مليون ريال، يجب أن يصل إلى 1.15 مليون بعد عام من الآن، ويصل في منظور نهاية عقد زمني قادم وفق معدلات الربحية تلك إلى أعلى من 3.5 مليون ريال”.

وأوضح أن “الخلاف الكبير جداً هنا بين الأطراف كافة (وزارة الإسكان، المجتمع، تجار الأراضي والعقارات)، يقوم على اختلاف التفسير للارتفاع (التضخم) الراهن في أسعار الأراضي والعقارات، أي ما الأسباب الفعلية التي أدت إلى تضخم الأسعار وارتفاعها؟ وهو ما سبق الحديث عنه بصورة أكثر تفصيلاً وإيضاحاً في تقارير ومقالات سابقة، وأنه في الأغلب إن لم يكن كله، نتج عن ترسب تشوهات هائلة في سوق العقار المحلية (احتكار، مضاربة)، أقرت الدولة -أيدها الله – لمحاربتها نظام الرسوم على الأراضي البيضاء، كأول أداة لردعها ومحاربتها. عدا الممارسات الفاسدة الأخرى التي اقترنت بها تلك التشوهات، من استحواذ غير مشروع على مساحات شاسعة من الأراضي، والتلاعب بالأسعار عبر كثير من المساهمات العقارية والمزادات المقترنة بها، بدأت الدولة بالضرب على رأسه خلال الأعوام الأخيرة بصورة حازمة وصارمة”.

وأضاف “أشير إلى هذه الأسباب هنا، كونها العامل الأكبر والأهم الذي وقف خلف التضخم العقاري الراهن، والتأكيد للأطراف كافة (الإسكان، المجتمع، التجار) أن الدفاع عن مستويات الأسعار المتضخمة الراهنة كنتيجة، يعني الدفاع عن تلك التشوهات العقارية والممارسات الفاسدة التي صاحبتها كأسباب وقفت خلف تلك النتيجة! ومتى ما شهدنا جميعنا سقوطاً حقيقياً لتلك النتائج مماثلاً لسقوط الأسباب التي أدت إليها، فإننا بكل تأكيد سنصل إلى أدنى اختلاف حول الأسعار المناسبة للأراضي والمساكن”.

يذكر أن وزارة الإسكان السعودية كشفت اليوم الأربعاء في تغريدة على موقع تويتر قالت فيها “نبشر أهالي العيينة -أحد شوارع المدينة المنورة- بإتمام 316 وحدة سكنية جاهزة للبيع بسعر 500 ألف ريال، وبأقساط شهرية ميسرة تبدأ من 1.665 ريال، تقع الوحدات ضمن مجمع متكامل الخدمات لتلبي كل احتياجاتكم”، في إشارة إلى أن سعر المسكن المناسب من وجهة نظر الوزارة هو 500 ألف ريال. (arabianbusiness)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها