حزب الله ” متعقل ” .. و توقع فصل بين ” حزبين ” في لبنان و سوريا
تساءلت مصادر فرنسية متابعة مؤتمر «سيدر» الذي انعقد في باريس قبل أسبوعين لتقديم الدعم الدولي للبنان، عن سبب فشل كل المشاريع لإصلاح ملف الكهرباء وكيف لم تكن ممكنة زيادة الجباية حتى هامشياً منذ ٢٠ سنة.
واعتبرت أن الرد يكمن في تهديد مالكي مولدات الكهرباء الذين يسيطرون على ٥٠ في المئة من السوق اللبنانية ويمثلون مجموعة ضغط نافذة داخل البرلمان. مضيفة أن المستثمرين في «سيدر» يصرون على إصلاح الكهرباء لأنها ضرورية لتقليص المصاريف العامة والعجز العام ، وأيضا لأن إصلاح قطاع الكهرباء لن يكون سلبياً على المستهلك بل على مجموعة ضغط (لوبي) مالكي المولدات، إضافة إلى ذلك فإن زيادة إنتاج شركة كهرباء لبنان يمكنها تزويد ١٨ إلى ٢٤ ساعة من الكهرباء للمستهلك أينما كان.
ورأت المصادر أن البواخر مكلفة وهي حل قصير المدى إذا اعتبرت حلاً، وكانت باريس نبهت المسؤولين اللبنانيين إلى أن موضوع البواخر ملف مسموم لأن الحكومة ارتكزت إلى عرض واحد فكيف لا يصبح ذلك موضع شك بفساد بما أن هناك طرفاً واحداً فقط تقدم بعرض.
وقالت المصادر الفرنسية المتابعة لمؤتمر «سيدر»: «إذا تم فرض هذا الموضوع بقوة سيسبب أزمة سياسية، نظراً لما أثار من انتقادات وشكوك بفساد وباستطاعة باريس أن تقدم للسلطات اللبنانية حلاً دائماً يوفر زيادة إنتاج الكهرباء خلال 10 أشهر عبر مصنعين للكهرباء وبأقل كلفة من البواخر وباريس لم تثر الموضوع بعد لأن «التيار الوطني الحر» لا يزال متمسكاً بحل البواخر. ولكن باريس تعتبر أن حل البواخر لم يعد قابلاً للعيش سياسياً كونه أثار الجدل والشكوك والمماطلة في الحل.
إلى ذلك، توقفت مصادر فرنسية متابعة لمؤتمر «سيدر» عند معارضة «حزب الله» وبعض اللبنانيين مشاريع «سيدر» لأن تنظر بالشك إزاء خصخصة المشاريع وتسليم خدمات الدولة إلى القطاع الخاص. وقالت إن «حزب الله» يعتقد أن الإصلاح يعني إصلاح المالية العامة وتقليص عدد موظفي الدولة، إذ كان القطاع العام في لبنان قبل الحرب الأهلية يمثل ١٧ في المئة من الناتج الداخلي الخام وأصبح يشكل بعدها نسبة ٣٤ في المئة واستفاد الحزب بشكل كبير من زيادة هذه النسبة وكل ما سيؤدي إلى إصلاح الدولة باتجاه فاعلية أكبر وإعادة توزيع الأوراق يقلق الحزب. وباريس مدركة لذلك وتأخذه في الاعتبار.
وترى الأوساط الفرنسية أن أفضل طريقة لدفعهم إلى تأييد «سيدر» أن يتم تبني مشاريع منذ البداية على كل الأراضي اللبنانية، مشيرة إلى أنه «على رغم عدم تأييد «حزب الله» لـ «سيدر» فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري رحب بـ «سيدر» ولعب دوراً ناشطاً وبناء عبر تبني قانون موازنة 2018 قبل المؤتمر».
وتوقعت المصادر أن تكون إيران حذرة جداً إزاء افتعال أي تصعيد عبر «حزب الله» في لبنان لأنها مدركة أنها مستهدفة من الولايات المتحدة وربحت الكثير في سورية ولا تريد خسارة ذلك، لذا ترى أن «حزب الله» يتخذ مواقف متعقلة في اكثر من موضوع مثل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل بإشراف «يونيفيل» حول الخط الأزرق وبناء الجدار، إذ قال الحزب إنه سيتبنى موقف الحكومة. كما أنه اتخذ موقفاً متعقلاً إزاء الحوار حول الاستراتيجية العسكرية الذي أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون أنه ينوي إطلاقه في حين أن الحزب رفض ذلك من قبل الرئيس السابق ميشال سليمان. وباريس لديها حوار عبر سفارتها في لبنان مع أعضاء الحزب وهم يستمعون إلى ما تقوله الأوساط الفرنسية ليس حباً بالدولة الفرنسية ولكنهم مدركون خطورة الوضع ولا يتمنون أزمة مع إسرائيل وهم في حرب بسورية.
وتتوقع الأوساط أن يتحول «حزب الله» إلى «حزب الله» لبناني و «حزب الله» سوري، لأنهم يتوطنون في سورية حالياً مع الإيرانيين، وهناك عائلات قتلى للحزب في سورية كانت تتقاضى مالاً تحصل الآن على شقق سكن في حمص وغيرها، وهذا يجري تدريجياً.
وقالت المصادر إن «سيدر» عبارة عن مشاريع استثمار يتابعها من قرب الممولون، وعندما تمول مثلاً «وكالة التنمية الفرنسية» مشروعاً لا يمكن أن يكون هناك فساد لأنه ملاحق بدقة، والمشاريع كثيرة على هذا النمط ، ولكن هناك إصلاحات وإجراءات ينبغي أن تتخذها الحكومة لتبديد انطباع الفساد السائد وهي إجراءات قــصيرة المــدى بالنسبة إلى الأسواق العامة والإجراءات المتعلقة بها، وهي موجودة في برنامج رئيس الحكومة سعد الحريري.
وقالت المصادر الفرنسية إن هناك إجراءات يمكن اتخاذها مثل القيام بالتحقيق والملاحقة ولكن المشكلة أن ليس هناك قضاء يعاقب. فإذا أراد لبنان أن يوجد بيئة مرحبة بالأعمال والاستثمار وجذب شركات ينبغي تحسين البيئة. ونجاح «سيدر» ينبغي أن يرتكز إلى ملفات أساسية تمس حياة المواطن اليومية ومنها الكهرــباء. وقــــدمت شركة «جنرال إلكتريك» مع شركاء فرنسيين مشروعاً جيداً بإمكانه إلغاء مشروع البواخر الذي أصبح مرتبطاً بالفساد، والحكومة اللبنانية تدرك أنه يمكن التقدم بسرعة في هذا الملف.
رندة تقي الدين – الحياة[ads3]