فينغر ” الثوري ” الذي غير وجه أرسنال و الكرة الإنكليزية
لم يكن أرسين فينغر، معروفا جدا في عالم التدريب، عندما تولى الإشراف على تدريب أرسنال الإنكليزي عام 1996، قادما من ناغويا غرامبوس أيت الياباني، ما دفع السير أليكس فيرغوسون بالقول “أرسين مَن؟”، عندما سئل رأيه بالمدرب الجديد.
وتوقعت له الصحف الصفراء أن يعيش جحيما، وربما يمكث أسابيع عدة أو موسما على أبعد تقدير قبل أن يعود إلى بلاده.
بيد أن المدرب الفرنسي، الذي يطلق عليه لقب “البروفسور”، قاد ثورة حقيقية في صفوف أرسنال ليضعه في القمة مطلع الألفية الثانية، قبل أن يتراجع مستوى فريقه في السنوات الأخيرة.
وبحسب ما اوردت قناة “سكاي نيوز”، نجح فينغر الفائز مع موناكو بلقب الدوري الفرنسي عام 1988، في نقل أرسنال من حقبة كان فيها أسلوب الفريق مملا للغاية بإشراف جورج غراهام حيث كان يكتفي بالفوز بهدف وحيد، إلى فريق هجومي بامتياز يقدم عروضا خلابة المفعمة بالأهداف.
ولم يتردد في التدخل في الحياة الشخصية لكل لاعب لا سيما من ناحية مراقبة تناول وجبات كل لاعب والتي كانت شائعة في التسعينات، حيث كان معظمهم يتناول السمك والبطاطا المقلية ويسرفون في شرب الكحول خصوصا قبل فترة قصيرة من خوض المباريات.
كما أن فينغر كان أحد المدربين الأوائل الذين تجرؤا على التعاقد مع لاعبين أوروبيين يملكون مهارات عالية، بعد أن دأب المدربون المحليون على الحصول على خدمات لاعبي الجزر البريطانية والدول الإسكندنافية لتناسب ميزاتها أكثر مع الكرة البريطانية التي تعتمد على اللياقة البدنية العالية.
حصد فينغر، الحاصل على إجازة في الاقتصاد، النجاحات في سنواته الأولى وتحديدا بعد قيادة فريقه إلى اللقب المحلي أعوام 1998 و2002 وخصوصا عام 2004 عندما خاض فريقه الموسم بأكمله من دون أي خسارة وكان يضم آنذاك الهولندي دينيس برغكامب، والفرنسيين تييري هنري، وباتريك فييرا، وايمانويل بوتي، والحارس ديفيد سيمان.
ووصف نائب رئيس أرسنال السابق، ديفيد دين فينغر، بأنه “صانع المعجزات الذي قاد ثورة حقيقية في النادي”.
ولم يتردد حارس مرمى أرسنال السابق والمعلق التلفزيوني بوب ويلسون في وصف فينغر ب”أنه أفضل مدرب في تاريخ نادي أرسنال. أنه يتفوق على هربرت تشابمان وجميع الآخرين الذين أحرزوا الألقاب”.
وأضاف لإذاعة “بي بي سي”: “أرسين هو ليس فقط أعظم مدرب في تاريخ أرسنال، بل إنه المدرب، الذي غير وجه اللعبة في هذه الدولة”.
وامتلأت خزائن نادي شمال العاصمة الإنكليزية، تباعا حتى عام 2006 عندما بلغ نهائي دوري أبطال أوروبا وخسره أمام برشلونة.
ويعود السبب في ذلك لأن إدارة الفريق اللندني وضع سقفا لأجور اللاعبين ولعقد الصفقات في حين لم تتردد الأندية المنافسة في دخول سوق الانتقالات ودفع مبالغ طائلة لتعزيز صفوفها.
كما أن عملية الانتقال من ملعب “هايبري” الذي كان يتسع لقرابة 40 ألف متفرج فقط إلى ملعب الإمارات الذي يتسع لحوالي 65 ألف متفرج كبد النادي مبالغ طائلة، انعكست على تعاقداته.
وخلافا لنظرائه في مجال التدريب، لم ينفق فينغر أموالا طائلة لتعزيز صفوف فريقه بل بناه من خلال البحث عن صفقات مغرية حتى أن أغلى صفقة عقدها كانت مطلع الموسم الحالي بعد تعاقده مع مواطنه مهاجم ليون ألكسندر لاكازيت مقابل 45 مليون جنيه إسترليني (48 مليون يورو)، في حين أنفق مانشستر سيتي على سبيل المثال ما يزيد على 50 مليون جنيه للتعاقد مع مدافع.
أدى اتباع فينغر هذا التوازن المالي إلى خسارة الفريق لعدد من أبرز نجومه على رأسهم الهولندي روبن فان بيرسي والإسباني سيسك فابريغاس والفرنسي سمير نصري، الذين سقطوا أمام إغراءات الأندية الغنية.
بيد أن الألقاب بدأت تجف في السنوات الأخيرة، باستثناء إحرازه كأس انجلترا ثلاث مرات في السنوات الأربع الأخيرة، لترتفع الأصوات مطالبة برحيل المدرب الفرنسي.
لكن فينغر صمد بعناد في وجه الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها والتي كانت شخصية في بعض الأحيان مؤكدا دائما بان مستقبله لا يهمه بقدر ما تعني له المحافظة على هوية النادي.
يترك فينغر أرسنال في نهاية الموسم الحالي بعد 22 عاما على رأس الجهاز الفني، وفي جعبته الدوري الإنجليزي ثلاث مرات، وكأس انجلترا 7 مرات، وربما يضيف إليها لقب بطل الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) علما بأن فريقه سيواجه أتلتيكو مدريد الإسباني في ذهاب نصف النهائي الخميس المقبل، لتكون بذلك أفضل هدية لوداعه.[ads3]