محلل سياسي روسي : ” بأي ثمن يبيع بوتين الأسد ؟ “

أحيانا ما يصادف المرء في الصحافة العربية، وخاصة صحافة الخليج مناقشات حول السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط

وتدور تلك المناقشات من باب أن موسكو تساوم، بغرض رفع سعر موقفها السياسي، حتى تبادله في وقت لاحق بأموال أو مصالح مادية أخرى.

لدينا مثل شائع في روسيا: “كلٌ يحكم على الآخرين بما يمليه عليه أصله”، لذلك فمن الصعب لمن تعوّد المساومة على مواقفه وشراء أوضاعه السياسية أن يتخيل وجود دوافع أخرى للمواقف السياسية، من هنا تأتي أهمية تحليل دوافع روسيا في سياستها الخارجية.

لو كان حل جميع قضايا السياسة الخارجية ممكنا بواسطة الأموال وحدها لهان الأمر، إلا أن تاريخ روسيا على مدار ألف عام مضت، مع الأسف، يملأه صراع مع أعداء لم تكفهم الأموال وحدها، بل أرادوا ويريدون كل شيء، فروسيا لم تحارب يوما من أجل الثروة، بل حاربت من أجل حقها في البقاء، وصارعت من أجل الوجود. لذلك كانت نشأة الإمبراطورية الروسية مبنية على صدّ روسيا للعدوان الأجنبي، وليس على احتلال الأراضي والسطو على المستعمرات كما كانت تفعل الإمبراطوريات الأوروبية، حيث كانت روسيا تضمّ إلى امبراطوريتها أراضي الأعداء الذين انتصرت عليهم، ممن بادروها العداء وحاولوا تدميرها من المغول والتتر والبولنديين والأتراك والسويديين والفرنسيين والألمان. أمّا الأعداء الذين حاولوا القضاء على روسيا، فقد كانوا من الكثرة بحيث أصبحت روسيا أكبر دولة في العالم، كما كان إنشاء المعسكر السوفيتي في أوروبا رد فعل لعدوان هتلر على الاتحاد السوفيتي. أما دعم البلدان العربية في صراعها من أجل الاستقلال، فقد كان مبنيا على الأيديولوجية السوفيتية، وعلى الحفاظ على الأمن القومي والبحث عن حلفاء.

لقد كانت روسيا دائما على استعداد لتقديم أي تضحيات من أجل صدّ العدوان ودرء المخاطر، لذلك كانت الكلمة السحرية التي كانت ولازالت على رأس الأولويات إبان عصر الإمبراطورية الروسية، والاتحاد السوفيتي، واليوم في روسيا وسوريا هي “الأمن”. فروسيا دائما ما تحارب دفاعا عن أمنها القومي، وليس من أجل المال أو الثروات، لم يتغير شيء منذ قديم الأزل وحتى اليوم.

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فقد صنعت القاعدة وأسامة بن لادن في أفغانستان من أجل مواجهة الاتحاد السوفيتي هناك، ثم عادت فصنعت الدولة الإسلامية في سوريا من أجل التخلص من الأسد. ونسّقت الولايات المتحدة الأمريكية انقلابا فاشيا في أوكرانيا، وبدأت هناك حربا أهلية وخلقت تهديدا وجوديا لروسيا. والآن تطفو على السطح أزمة “روسيا غيت” Russia-gate في بريطانيا، باختلاق أزمة حول تسميم العميل المزدوج، وهناك الاستفزاز الخاص بما يسمى الأسلحة الكيميائية في سوريا، والحصار على روسيا الذي يضيق يوما بعد يوم، ليصبح من الواضح تصاعد وتيرة الهجوم الغربي على روسيا، وتجد روسيا نفسها من جديد مضطرة للدفاع عن وجودها.

تعاني الولايات المتحدة الأمريكية من أضخم أزمة اقتصادية في تاريخها وتاريخ العالم، وتتحرك بسرعة نحو انهيار هرمها الائتماني وعملتها الدولار، ما يهدد بانهيار الولايات المتحدة جراء تلك الأزمة، كما انهار الاتحاد السوفيتي في أعقاب أزمته الاقتصادية. وبينما لازالت أمريكا تتربع على عرش قوتها العسكرية والاقتصادية فلا يوجد لديها سوى هدفين رئيسيين: تدمير عدويها المنافسين المباشرين روسيا والصين، وكذلك الدفع بالكوكب نحو الفوضى الشاملة، حتى لا يجني أحد أي مكاسب من انهيار الولايات المتحدة، ولكي توفر لنفسها ظروفا جيدة لمرحلة ما بعد الفوضى الشاملة، وحتى لا يصبح لأي أحد أفضلية عليها حتى عقب انهيارها، بل على العكس بحيث يصبح الجميع في حال أسوأ من حال الولايات المتحدة الأمريكية. إن يد المخابرات المركزية الأمريكية في نشر الفوضى عبر الشرق الأوسط واضحة للجميع، أما روسيا فهي مهتمة بالعكس تماما، مهتمة باستقرار المنطقة، فنجاح الخلافة الإرهابية يعني أن تصدير عدم الاستقرار يمكن أن يطال روسيا.

إن سوريا ليست سوى ركن صغير من العالم، تواجه فيه روسيا تلك الفوضى وذلك الدمار، لكن ليس لروسيا، مع الأسف، عدد كبير من الحلفاء في حربها ضد الفوضى والدمار، حتى في الشرق الأوسط، الذي كان من المفترض أن يكون به أكثر الأطراف حرصا على استقراره! على العكس، نحن نرى كيف تشعل بعض الدول العربية الأخرى الحرائق على أعتاب جيرانها، دون أن تفكر في إمكانية أن تمتد تلك الحرائق لتطال أوطانها. ربما يظن بعض الزعماء أن بإمكانهم المخاطرة، طالما امتلكوا الثروات والطائرات التي تمكنهم من الهروب من الحريق ساعة الخطر. لكنني لا أظن أن أحدا منهم سيتمكن من الطيران ساعتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية…

من الصعب إقناع أحد بأن روسيا لا تخون حلفاءها التزاما بالمبادئ والقيم النبيلة، حيث أن النبل في حد ذاته، من وجهة نظر المتشككين، قد يحمل قيمة وفائدة. على الجانب الآخر فقد خانت الولايات المتحدة أقرب حلفائها: مبارك والأكراد، فلا يوجد لها حلفاء في الشرق الأوسط سوى إسرائيل، لكن حتى في هذا التحالف فإن أحدا لا يستطيع أن يحدد من الرئيسي ومن الفرعي منهما. إن الولايات المتحدة على استعداد لأن تضحي أو تخون أو تستبدل أيا من “حلفائها”، بينما روسيا التي لم تخذل الأسد في أحلك أوقاته، لا تحصل بذلك على حليف حقيقي فحسب، وإنما تضرب مثالا للعرب على الفرق بين علاقاتها بحلفائها وعلاقات الولايات المتحدة بحلفائها. لعل هذا هو السبب الذي يدفع مأجوري الولايات المتحدة الأمريكية في الصحافة العربية لمحاولة التقليل من هذا الفرق الشاسع بين النوعين من العلاقات.

لكن هناك بالتأكيد رشوة يمكن تقديمها لروسيا من أجل التخلي عن سوريا، ومن أجل أن تخرج روسيا من هناك بكل طائراتها، وألّا تشارك في المعارك مع الإرهابيين. هذه الرشوة هي ألّا تتدخل أي دولة أخرى في الشأن السوري، وأن تتخلى الولايات المتحدة عن العدوان الذي تشنه على العالم بأسره، وأن يلتزم الغرب بالمواثيق والأعراف الدولية، وأن تتوقف الاستفزازات والغارات غير المشروعة على الأرض السورية. باختصار، لكي تتوقف موسكو عن دعم الأسد، يتعيّن أن يتوقف الباقون عن دعم من يريدون عزل الأسد. في نهاية المطاف كانت روسيا دائما تحث جميع أطراف الأزمة على الحوار من دون شروط مسبقة، وبلا تدخل خارجي، فالموقف الروسي يتلخص بمراعاة مصالح جميع الأطراف.

وبينما يتحقق ذلك الشرط، فإن ثمن تخلّي روسيا عن دعم التسوية العادلة في سوريا يساوي تقريبا ثمن تخلّي روسيا عن أمنها القومي. تلك حقيقة واضحة وضوح الشمس، لكنها أبعد من إمكانيات خيال أولئك الذين يكتبون عن الأموال..

ألكسندر نازاروف / محلل سياسي – روسيا اليوم

* النص كما ورد في النسخة العربية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫12 تعليقات

  1. الكاتب نازاروف لم يخرج عن سياق المحللين الروس بمواقفهم الخشبية وتحليله يعكس السياسة الروسية وليس الواقع فروسيا دعمت الحكومات الديكتاتورية ولم تحترم حقوق الانسان يوما وتفتقر لروح الديموقراطية الحقة ونظامها لايختلف كثيرا عن نظام الأسد وقدفقال الكاتب أن روسيا تدافع عن نفسها وهذه مغالطة فحكام روسيا يدافعون عن نظامهم المتهالك الشمولي بلباس ديموقراطي وانهيار روسيا هو الأقرب بسبب عزلتها وقمعها للشعوب في الاتحاد الروسي.دعم الديكتاتور مؤقت لأن الشعوب هي التي تنتصر في النهاية وسينحسر الاستعمار الروسي ويتقوقع في بلاده االى أن ينقلب الشعب عليه ويعود الروس دولة فاعلة في أحداث العالم

  2. طلعت روسيا حمامة سلام وأمن وعدل ….. ما كنا عارفين
    بس مين عم يحرق الأرض والبشر والحجر في سورية ؟؟
    أما شو تحليل !؟؟ متل الأخبار بالتلفزيون العربي السوري أيام الحركة التصحيحية و 8 آذار

  3. حكي سليم بس للاسف العرب والاكراد ماعم يفهمو انو امريكا وايران بدهم الخراب.
    جربو روسيا عالاقل شي مرة….

    1. وروسيا شو عم تعمل برأيك بسوريا غير تهجير السكان وتدمير المدن نفس الدور الأمريكي بشرق وشمال شرق سوريا لم يختلف بشيء فكلاهما محتل يريد مصالحه

  4. نفاق رخيص
    لطالما كنتم دولة كذب ونفاق و ديكتاتورية
    انتم تعبثون بسوريا لملئ الفراغ الغربي فقط و بالحجم المسموح لكم به فقط . ماعلاقة سوريا بامنكم فهي ليست شبه جزيرة القرم قريبة لتبلوعها و تزعمون كذبا بامنكم . طردتم من اوربا الشرقية وانهارت بلادكم من كثرة فسادكم و تسلطكم . تريدون العودة من الى واجهة العالم من اي مزبلة كبشار الاسد او مايشابهه . انتم مملكة الشر

  5. حبيبي روسيا لا تصدر سوى العاهرات اولا وثانيا لا تبرز عضلاتها الا على المدنيين العزل كما فعلت في الغوطه لم تترك سلاح الا وقصفت به المدنيين العزل وبوتين يريد ترسيخ حاكم ديكتاتور وفق نظرية بوتين مدفيديف بوتين مدفيديف بقى حاجه علاك وسعر الروبل بالحضيض من هذه اللغه الخشبيه الستالينيه القميئه اترك الشعب السوري بحال كفاكن قتل وتشريد وتهجير قسري يا اوباش

  6. أستغرب من روسي تعمل أغلب نساء بلده بالدعارة ليبيعو أجسادهم وشرفهم بأبخس الأسعار في أغلب دول العالم ليقول أنهم أصحاب مبدأ ولايساومون على السعر
    الأحق أن يقول أن بنات روسيا تقبل بأرخص الأسعار لتبيع جسدها لأي شخص يعرض أن يدفع القليل من الأموال، هكذا شعب لايمكن أن يكون صاحب مبدأ أو حق، مجرد كلام فارغ تستطيع أمه أو أخته أو زوجته أو بته أن تكشف زيفه.

  7. نقرأ ان روسيا دولة شريفة!!!!!!!!!!! فمن أين لها هذا الشرف وهي تبيع كل شيء من نسائها وجررررررررررررررررررررررررر. تاريخها أسوأ من تاريخ بريطانيا التي كانت عظمى وتريد روسيا أن تصبح عظمى وهيهات أن تصبح!!!! فقد دمر الروس الاتحاد السوفييتي الذي بقي فترة كقوة عظمى والآن فان روسيا لا تذكر أمام الصين فما بالكم أمام أمريكا وترسانتها التي لا تقهر وعقل الكاوبوي الذي يحكمها اللا الآن!!!. الاتحاد السوفييتي باع صدام حسين مقابل بضعة دولارات وروسيا اليوم لا تختلف عن سابقتها فكل شيء بثمن وأمريكا اليوم تلعب بالعالم كما تشاء فوول ستريت في نيويورك وليس في موسكو واذا انتقل الى موسكو!!!!!!!!!!!!! عندئذ يكون للحديث بقية!.

  8. روسيا باعت حلفاءها صدام حسين عام 1991 و القذافي عام 2011 . فالعالم كله مصالح تباع و تشترى ، و لكنها لم تقبض الثمن بعد في سورية.

  9. الكاتب ساوا من روسيا بلد الخوف والرعب والدعارة والمافيا المدينة الفاضلة
    فمجنون يحكي وعاقل يسمع

    روسيا لن تقل سوء عن أمريكا بل هي أسوأ فهي دولة بلا مبادئ قامت على الكذب والشعارات الجوفاء
    فيكفي الغرب أحوال شعوبهم وبلدانهم المزدهرة بشكل عام بعكس روسيا التي يعاني شعبها من الفقر والإضهاد
    بينما في الخارج فالسياسات الأمريكية والروسية متكاملة للسيطرة على الشعوب المقهورة وذلك بمساعدة ودعم حكام هذه البلدان للبقاء وتسليم ثرواتها لهم