نفقات دراما رمضان الفلكية .. ثروة للفنانين و استنزاف للاقتصاد العربي

تزدحم شاشات الفضائيات العربية خلال شهر رمضان سنوياً بعشرات المسلسلات، التي تندلع بين أصحابها حروب غير معلنة لتسويقها واجتذاب المشاهدين؛ فذلك مصدرهم الوحيد لاستعادة مليارات كلّفتهم لإنتاج أعمالهم.

ولصناعة هذه المسلسلات تنفق شركات الإنتاج الفني العربية، خاصة المصرية والخليجية، ثروة طائلة اقترب مجموعها في السنوات الأخيرة من موازنات دول، ما يثير تساؤلات حول مصير هذه الأموال ومدى جدواها الاقتصادية.

– تكلفة باهظة وأجور فلكية

وبلغت تكلفة صناعة المسلسلات المصرية التي تُعرض خلال رمضان الحالي نحو مليار و800 مليون جنيه مصري (100 مليون دولار)، بحسب ما أفادت صحيفة “الوفد” المصرية، في تقرير نشرته في 19 مايو 2018.

وفي العام الماضي 2017، أنفقت مصر على صناعة المسلسلات الرمضانية ملياري جنيه (112 مليون دولار)، وفي 2016 كانت تكلفة المسلسلات المصرية التي عُرضت في رمضان الأعلى خلال العقد الأخير، فقُدّرت بـ 3 مليارات جنيه (167 مليون دولار)، أما في 2015 فلم تتجاوز التكلفة المليار جنيه (56 مليون دولار).

وطبقاً لما اوردت صحيفة “الخليج أونلاين”، لو أردنا الحديث في أرقام أكثر تفصيلاً لتكلفة الإنتاج الدرامي للموسم الحالي، فيحلّ في صدارة تكلفة الإنتاج العالية مسلسل “عوالم خفيّة” للمخرج رامي إمام، وبطولة والده الفنان عادل إمام، الذي يشاركه بالعمل مجموعة كبيرة من النجوم.

ووصلت تكلفة العمل إلى نحو 85 مليون جنيه (4.7 ملايين دولار)، يتقاضى منها بطل العمل 40 مليون جنيه (نحو 2.2 مليون دولار)، ما يعني أن أجره وصل إلى قرابة نصف تكلفة العمل.

وتخطّت مبيعات العمل لقناة “cbc” المصرية والتلفزيون السعودي أكثر من 200 مليون جنيه (نحو 11 مليون دولار).

وفي المرتبة الثانية يأتي مسلسل “أبو عمر المصري” بطولة أحمد عز، وبلغت تكلفة إنتاجه مبلغاً ضخماً وصل إلى نحو 75 مليون جنيه (نحو 4 ملايين دولار)، منها 20 مليون جنيه (1.1 مليون دولار) ذهبت أجراً لبطل العمل.

ويحلّ مسلسل “نسر الصعيد” بطولة الفنان محمد رمضان، ثالثاً؛ حيث تخطّت أرقام إنتاجه أكثر من 65 مليون جنيه (3.6 ملايين دولار). ويصل أجر بطل العمل إلى أكثر من 25 مليون جنيه (1.3 مليون دولار).

وفي المركز الرابع يأتي مسلسل “ضد مجهول” من بطولة غادة عبد الرازق، والذي وصلت تكلفة إنتاجه إلى 55 مليون جنيه (3 ملايين دولار)، تتقاضى منها بطلة العمل نحو 18 مليون جنيه (نحو مليون دولار).

مسلسل “بالحجم العائلي” يتصدّر المركز الخامس بتكلفة إجمالية بلغت 53 مليون جنيه (2.9 مليون دولار)، حصل بطل العمل الفنان يحيى الفخراني على 22 مليون جنيه منها كأجر (1.2 مليون دولار).

وجميع الأرقام والبيانات سابقة الذكر هي بحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام مصرية وعربية متخصّصة في الشؤون الفنية.

– المسلسلات الخليجية والسورية كذلك

ولا تتوفّر أرقام حول تكلفة إنتاج المسلسلات الخليجية، لكنها لا تبتعد كثيراً عن نظيرتها المصرية؛ فقبل عامين بلغت تكلفة إنتاجها ما يزيد عن 65 مليون دولار، بحسب تقرير نشرته مجلة “سيدتي” الخليجية، وهو أحدث رقم معلن.

وتقلّ ميزانية المسلسلات الرمضانية السورية عن نظيرتها المصرية إلى ما يقترب من 40 مليون دولار، كما تقلّ أجور الممثّلين بكثير عن الممثلين المصريين؛ حيث تتراوح أجور نجوم الصفّ الأول في سوريا بين 150 ألفاً إلى 200 ألف دولار، وهم من القلائل، من بينهم سلاف فواخرجي، وكاريس بشار، وبسام كوسا، والفنان عباس النوري.

تلك التكلفة الباهظة لإنتاج المسلسلات العربية، خاصة المصرية منها، التي بلغ مجموعها في السنوات الثلاث الأخيرة نحو نصف مليار دولار، تتوزّع على الفنيين، والديكورات، والأزياء والملابس والإكسسوار، ومواقع التصوير، إضافة للعنصر الأهم وهو أجور النجوم.

ويمثّل البند الأخير للنفقات نحو نصف تكلفة إنتاج أي مسلسل، حيث حصل نجوم أبطال الأعمال الدرامية المصرية خلال الموسم الرمضاني الحالي على ما يزيد عن 40% من إجمالي ما تم إنفاقه على المسلسلات.

– أموال مهدورة تنهك الاقتصاد

وفي قراءته للبعد الاقتصادي لهذه التكلفة الباهظة للمسلسلات الرمضانية، يرى المحلل الاقتصادي وليد سيف أن “قطاع الإنتاج الفني يعدّ أحد القطاعات المهمة التي يمكن أن تدعم اقتصاد الدولة، فهو يسهم بخفض معدلات البطالة لحاجته لأعداد كبيرة من الأيدي العاملة، إضافة للضرائب التي تجبيها الحكومات من هذه الشركات، وعائدات بيع المسلسلات”.

ويقول سيف لـ “الخليج أونلاين”: “لكن هناك إشكالية يمكن أن تدمّر مستقبل هذه الصناعة؛ فرغم أن الآلاف يعملون بها فإن نجوم العمل هم من يحصلون على أكثر من نصف أو 70% من الموازنة الإجمالية لأي عمل”.

ويضيف: “هذه القضية فيها مشكلة كبيرة؛ فأجور الفنّانين العالية تزيد من موازنة العمل أكثر من الضعف، كما أن هذه الأجور تعني منح الفتات لبقية فريق العمل من كتّاب وعمّال وممثّلين صغار (الكومبارس)، لنصل بالنهاية إلى زيادة ثروات النجوم، وزيادة فقر بقية المشاركين في إنتاج المسلسلات أو جميع الأعمال الفنية والتمثيلية الأخرى”.

ويوضح سيف أن الأجور العالية تعني احتكار فئة قليلة للثروة والموارد المالية لشركات الإنتاج لتتّسع بالنتيجة الفئات الفقيرة، ما يعود بالسلب على اقتصاد الدولة.

ويشير إلى أن ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب أجور الفنانين العالية ستؤدّي أيضاً إلى إغلاق عدد كبير من الشركات الصغيرة والمتوسطة لأبوابها وتعرّضها لخسائر كبيرة.

ولعل من أبرز الأضرار التي تلحقها أجور الفنانين العالية باقتصاد أي دولة، بحسب ما يرى المحلل الاقتصادي سيف، إهدار ملايين الدولارات دون أن يكون هناك عائد اقتصادي مجدٍ، وزيادة معدلات الفقر بصورة نسبية، واحتكار فئة محددة للثروة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

2 Comments

  1. المسلمين الحاليين تافهين وضايعين ولاقيمة لهم بين الأمم وانا منهم.

  2. اكثر هذه الاعمال المصرية تاتي من كثرة رفعهم للايادي(شحاتة) من دول الخليج وغيرها ولا ينكر ذالك وايظا تصبح هذه الاعمال حقيقة بسبب الناس الفقيره التي تقبل فتات الخبز لاجل العيش واما عن الاعمال في الخليج فحدث ولا حرج نهبوه جيب المواطن لصنع حثالة فنية رخيصة والباقي في جيوبهم ولكن يبدوا ان دول الخليج ليس كلها في هذا المجال تملك فاض كبير من المال لاجل انفاقه في هذه التفاهة وايظا لجل اعطائها للغرب الكافر كما يدعون