ابتكار كلية صناعية قابلة للزرع
يمثل اختراع كلية صناعية قابلة للزرع تقدماً في مجال الطب، ويوفر حلا ناجحا لمشكلة النقص المزمن في التبرع بالكلى اللازمة لعملية الزرع.
وواصل الباحثون التعاطي مع هذه المشكلة عبر عشرات السنين الماضية، وكانت مشكلتهم شديدة التعقيد، وتتمثل بكيفية الحفاظ على تدفق الدم، دون أن يتجلط، خلال مثل تلك الأجهزة الصناعية.
وتستجيب الصفائح الدموية للقوى الميكانيكي بتلك الأجهزة، فيكون لديها ميل طبيعي للتجلط، مما يتسبب في حدوث خلل في الأجهزة، بحسب ما نشره موقع المعهد الوطني للتصوير الطبي الحيوي والهندسة الحيوية NIBI، التابع لوزارة الصحة الأميركية ومقره في ميريلاند.
وللتغلب على هذه المشكلة، تم الجمع بين الخبرات النادرة في مجال تطوير الكلية الصناعية وأولئك المتخصصين في المحاكاة بالكمبيوتر الكمي لإجراء محاكاة لعملية تدفق الدم، في إطار دراسة تم نشر نتائجها في دورية “Biomechanics”.
وفي حين أن الغسيل الكلوي ينقذ حياة الآلاف وليس ملايين كل عام، إلا أنه ليس الحل المثالي لعلاج مرض الفشل الكلوي. وبدلا من ترشيح الدم المستمر، والتي تحافظ على كيمياء الدم ضمن نطاق صحي، فإنه ينتج عن الغسيل دما بالغ النظافة، وخاليا من أيضا من المغذيات، كما أنه يصبح تدريجيا أكثر سمية حتى يتم إجراء جلسة علاج غسيل الكلى التالية.
وتوفر الكلية الصناعية ميزة ترشيح الدم المستمر، وهذا من شأنه أن يقلل من الآثار المترتبة على مرض الكلى، ويخفف على المرضى، وفق ما اوردت قناة “العربية” السعودية، إلى ذلك، أحرز الباحثون تقدماً في نماذج الأجهزة القابلة للارتداء حول الجسم، إلا أن تحويل الجهاز ليكون قابلاً للزرع بداخل الجسم صادف عراقيل، بسبب مشكلة تدفق الدم في الجسم بسبب تخثر الدم.
وتقول روزماري هونزيكر مديرة برنامج معهد NIBIB في مجال هندسة الأنسجة والطب التجديدي: “إن خطورة تجلط الدم تكمن في أن الجلطة يمكن أن تتحرك لتصل إلى القلب وتصيب المريض بأزمة قلبية، بل يمكن أن تسبب سكتة دماغية إذا وصلت إلى المخ”.
إن الكلى الصناعية القابلة للزرع، عبارة عن جهاز تمت هندسته بيولوجيا، وهي تجمع بين فلتر من السليكون عالي الكفاءة، وهو عبارة عن مفاعل حيوي للكلى، أنبوب صغير من الخلايا، في إطار مشروع طويل الأجل، عكف على تنفيذه بروفيسور شوفو روي من جامعة #كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) أستاذ الهندسة الحيوية والعلوم العلاجية، وبروفيسور وليم فيسيل من كلية طب جامعة Vanderbilt.
وتم تصميم الجهاز التجريبي ليستوعب حتى لتر من الدم في الدقيقة، وترشيحه من خلال مجموعة من الأغشية السليكونية، ويحتوي السائل المفلتر على السموم والماء والشوارد والسكريات. ثم يخضع السائل لمرحلة ثانية من المعالجة في مفاعل حيوي من الخلايا التي تزرع في المختبر من النوع الذي يبطن عادة أنابيب الكلى.
كما تستعيد هذه الخلايا استيعاب معظم السكريات والأملاح والمياه مرة أخرى إلى مجرى الدم. وأما ما يتبقى فيصبح بولا موجها إلى المثانة ليخرج من الجسم.
وتوجد الكثير من التقنيات لتنفيذ هذه العملية المعقدة، لكن بقيت أمام الباحثين إحدى التحديات، وهى تجميع مختلف الابتكارات في جهاز واحد يقوم بكافة الوظائف وقابل للزرع بجسم الإنسان.
وجرى تعاون بين فريق جامعات سان فرانسيسكو وفاندربيلت بولاية تنيسي من جانب، والمؤلف المشارك بروفيسور داني بلوشتاين أستاذ الهندسة الطبية الحيوية في جامعة ولاية نيويورك، ستوني بروك.
كما تمت الاستفادة من منهجية بروفيسور بلوشتاين في تحديد أنماط التدفق، والضغوطات التي تحدث أثناء جريان الدم. وخلال شرح لجهاز المحاكاة بالكمبيوتر حول ميل الدم إلى الالتقاء بمواد لتكوين الجلطة DTE، وأدرك روي وفيسيل على الفور إمكانية تطبيق نظرياته على تصميم كليتهما الصناعية.
كذلك تم تنفيذ محاكاة بالكمبيوتر الكمي المتطور لاختصار سنوات طويلة من التجارب والأبحاث في تصميم جهاز يعطي نتائج جيدة يمكن تحليلها بدقة، ويمكن اختباره بشكل آمن، فيما يتعلق بتنشيط الصفائح وما يترتب عليه من تكوين الجلطة.
وأسهمت تلك الخطوة في قطع أشواط طويلة من المشروع في أقصر وقت ممكن، حيث تعد بديلا لحيوانات التجارب وتمهد الطريق لبدء التجارب السريرية خلال العام الجاري.[ads3]