هيومان رايتس ووتش : لبنان .. سنة مرت و لا إجابات حول وفاة محتجزين سوريين تحت التعذيب

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن على الجيش اللبناني نشر نتائج تحقيقه في وفاة 4 سوريين محتجزين منذ عام. رغم وجود أدلة حصول على تعذيب، أعلن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية (المدعي العام العسكري) في 24 يوليو/تموز 2017 أن التحقيق أظهر وفاة الرجال لأسباب طبيعية. لم يعلن الجيش النتائج الكاملة للتحقيق.

في 4 يوليو/تموز 2017، أصدر الجيش اللبناني بيانا قال فيه إن 4 سوريين توفوا في عهدته بعد مداهمات جماعية في عرسال، وهي منطقة في شمال شرق لبنان الوصول إليها مقيّد ويعيش فيها لاجئون سوريون عديدون. راجع طبيب خبير في توثيق التعذيب صور 3 منهم قدمها محامو أسرهم إلى هيومن رايتس ووتش وأظهرت كدمات وجروحا متعددة. قال إن الإصابات “تتسق مع ظروف ناتجة عن تعذيب جسدي” وأن “أي بيان حول أن وفاتهم أسبابها طبيعية غير متسق مع هذه الصور”.

قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “عندما يموت 4 رجال بعد أيام من اعتقالهم، وتُظهر الصور علامات على أجسادهم تتفق مع التعذيب، يستحق الناس معرفة ما حدث. لكن بعد عام على الوفيات، لا إجابات واضحة حتى الآن حول سبب وفاتهم أو الخطوات التي اتخذها الجيش لضمان عدم تكرار ذلك”.

دعت هيومن رايتس ووتش و”منظمة العفو الدولية” الجيش علانية إلى نشر نتائج تحقيقه. كما قدمت هيومن رايتس ووتش الطلب في اجتماعها مع قائد الجيش جوزيف عون في 24 يوليو/تموز 2017، وأثارته ثانية في رسالة إلى الجيش في 27 يونيو/حزيران 2018، لكنها لم تتلق أي رد. سبق للجيش أن صرح لـ هيومن رايتس ووتش ووسائل إعلام محلية أنه سينشر نتائج التحقيق.

كتبت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة إلى الحكومة اللبنانية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2017 تطلب فيها معلومات حول القضية. الخبراء من “الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي”، و”الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي”، والمقررين الخاصين المعنيين بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، واستقلال القضاة والمحامين، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ردّت الحكومة اللبنانية في 15 ديسمبر/كانون الأول 2017، لكنّ الردّ لم يُنشر للعلن بعد.

بعد الإعلان عن الوفيات، تحدثت هيومن رايتس ووتش مع شخصين مقرّبين من اثنين من السوريين: أحدهما من العائلة والآخر من المعارف، قالا إن المتوفين ليس لديهما أية ظروف صحية خطيرة معروفة، وإن الجيش لم يقدم أي سبب للاعتقالات ولم يُخطر عائلات المتوفين.

تدعم أدلة إضافية مزاعم الانتهاكات والتعذيب أثناء الاعتقالات في عرسال، ولاحقا في مراكز احتجاز الجيش. قال شاهد في عرسال لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى 34 رجلا اعتقلوا ثم أُطلق سراحهم لاحقا يحملون آثار تعذيب على أيديهم وأرجلهم وظهورهم، وفي حالة واحدة، على رأس أحدهم. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش مع 5 رجال اعتقلهم الجيش خلال المداهمة ثم أُطلق سراحهم لاحقا، قالوا إن عناصر الجيش ضربوهم وأساؤوا معاملتهم ومحتجزين آخرين.

يُلزم القانون الدولي لبنان بالتحقيق في الوفيات أثناء الاحتجاز. في إطار آخر مسودة لـ التعليق العام رقم 36 لـ “لجنة حقوق الإنسان” التابعة للأمم المتحدة بشأن الحق في الحياة، على الدول الأطراف في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، بما فيها لبنان، إعلان نتائج واستنتاجات وتوصيات التحقيق في وفيات المحتجزين.

يُلزم القانون الدولي لبنان بنشر نتائج التحقيق في الوفيات أثناء الاحتجاز. الوفاة أثناء الاحتجاز، خاصة عندما تكون مصحوبة بتقارير موثوقة عن وفاة غير طبيعية، تخلق افتراضا بحرمان تعسفي من الحياة على يد سلطات الدولة، لا يمكن دحضها إلا على أساس تحقيق سليم يثبت امتثال الدولة لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

لطالما وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوق الإنسان المحلية تقارير عن التعذيب وسوء المعاملة من قبل الأجهزة الأمنية، بما فيها الجيش. الإفلات من العقاب على العنف مشكلة متكررة في لبنان. حتى عندما يشرع المسؤولون في تحقيقات في حالات الوفاة أو التعذيب أو سوء المعاملة، فإن التحقيقات غالبا لا تنتهي أو لا تُنشر نتائجها. لا تعلم هيومن رايتس ووتش بحالات محاسبة أفراد عسكريين.

قالت فقيه: “إذا أظهر التحقيق حقا وفاة الرجال لأسباب طبيعية، فإن من مصلحة الجيش إعلام الجمهور بذلك. الدعوة إلى محاسبة عامة في مزاعم التعذيب ليست هجوما على الجيش اللبناني، بل ضمان للمساءلة وسيادة القانون”.

منظمة “هيومان رايتس ووتش” – الموقع الرسمي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها