علماء : مواليد الصيف أكثر ميلاً للرشاقة

يمكن لعملية الجماع الجنسي في الشتاء، بمعنى ولادة الجنين في أشهر الصيف، ان تحمي الوليد من البدانة ومن امراض الاستقلاب التي ترتبط بها. إذ ان برودة الجو في الشتاء تؤثر في تركيبة المنى الوراثية بما يؤدي إلى زيادة عدد الخلايا البنية في الجسم قياساً بالخلايا البيضاء.

معروف في العلم ان الخلايا البيضاء مسؤولة عن تخزين الشحوم الزائدة في الجسم، في حين ان الخلايا الدهنية السمراء مسؤولة عن حرق هذه الدهون، وعن حرق السعرات الحرارية الزائدة التي يتناولها الإنسان.

ويتمتع البشر الذين تحتوي أجسدهم على خلايا دهنية سمراء أكثر من غيرهم بمناعة أكبر ضد البدانة وأمراض اضطراب الاستقلاب، وفق ما اوردت صحيفة “إيلاف”، وتتواجد هذه الخلايا السمراء بكثرة عادة تحت اللسان وتحت عظم الترقوة وتحت العمود الفقري. ويبقى الانسان رشيقاً، رغم تقدم السن طالما بقيت هذه الخلايا نشيطة ولم تخمد.

ومعروف أيضاً ان الخلايا البنية تكثر وتنشط في الأطفال الرضع كي لا يبردوا بشدة، ولكنها تكاد تكون معدومة لدى البالغين. ويعتقد الباحثون أن الدهون البنية، التي تحرق السعرات الحرارية، قد تستخدم يوماً ما لمساعدة من يعانون من السمنة على التخلص من كميات الدهون الزائدة لديهم. ويبدو ان هذا يتحقق اليوم من خلال اكتشاف فريق العلماء الدوليين.

خلايا دهنية بنية أكثر

توصل العلماء، بقيادة البروفيسور كريستيان فولفروم من جامعة زيورخ السويسرية، إلى ان علاقة فترة الجماع بنشوء أطفال رشيقين تنطبق على الفئران كما تنطبق على البشر.

ويعد هذه الاكتشاف بتنظيم عملية الجماع بغرض الانجاب بما يسلح الوليد القادم ضد العديد من الامراض التي تتعلق بالبدانة مثل السكري وأمرض القلب والدورة الدموية.

وذكر فولفروم ان جعل الفئران المختبرية تتناسل في جو بارد مختبرياً أدى إلى بقاء الخلايا الدهنية السمراء في أجساد الأجنة إلى ما بعد بلوغها فترة النضوج الجنسي.

واضاف ان هذا لايعني سوى ان البيئة تترك تأثيرها على بنية الحيامن، ولكن من الممكن مستقبلاً استخدام هذه الظاهرة في معالجة البدانة.

فحص فريق العمل اجساد 8400 إنسان بالغ بواسطة جهاز اشعة التموغراف وتوصلوا إلى أن أجساد المواليد بين شهري يوليو ونوفمبر تحتوي على خلايا دهنية سمراء ناشطة أكثر بكثير من أجساد البشر من مواليد يناير إلى يونيو. وكان مواليد الصيف أقل بدانة واقل عرضة لضغط الدم والسكري من مواليد الشتاء.

فئران تتناسل بدرجة 8 مئوية

لأجل التأكد من هذه النتائج، عمد فريق العلماء إلى التجارب على الفئران في مختبرات جامعة زيورخ، وجعل الباحثون هذه الفئران تتناسل في جو بارد (8 مئوية) واخرى تتناسل في جو دافيء (23 مئوية).

وكانت النتائج هنا متطابقة، وتظهر في صغار الفئران التي تناسلت في البرد وجود نسبة عالية من الخلايا الدهنية البنية النشطة في أجسادهم، استمرت إلى ما بعد فترة النضوج. والمهم في هذه النتائج انها لم تتأثر عند تناسل الاناث في جو بارد أو حار، الأمر الذي يعني ان الحيامن كانت ناقل هذه التغيرات الجينية في الأجنة.

وحينما جعل فريق العمل الفئران من مواليد الصيف يتناولون طعاماً مشحوناً بالدهون والسعرات، حافظت أجسام هذه الفئران على الكثير من رشاقتها، وبقيت بمبعد عن أمراض البدانة.

تغيرات وراثية اضافية

ركز الباحثون عملهم على الكشف عن التغيرات على حيامن الفئران، وتوصلوا إلى أن هذه الحيامن تعرضت إلى تغييرات وراثية اضافية (ايبيجينيتيك) بفعل الجو البارد. كما انتقلت هذه التغيرات من الآباء إلى الابناء واصبحت ثابتة.

تبدت هذه التغيرات الوراثية في الحيامن عن طريق تواجد المزيد من الميزات الميثالية Methal في المادة الوراثية.

ويري العلماء ان هذه التغيرات الميثالية تتطابق مع التغيرات الجينية التي تتعلق بالتغيرات البيئية. وكان فريق العمل يعتقد بوجود مثل هذه التأثيرات البيئية على بنية الحيامن الجينية، إلا أنه تسنى لهم الآن اثبات ذلك.

تستهلك الخلايا الدهنية البنية السعرات الزائدة في الجسم في عملية الحفاظ على حرارة الجسم عادة. ويعتقد البروفيسور فولفروم ان زيادة الخلايا البنية في أجساد الفئران قد تكون محاولة من الجسم لحماية هذه الفئران وأجنتها من البرد.

خلايا بنية أكثر في أجسام القطبيين

تنطبق نتائج الدراسة حول علاقة المناخ بعدد الخلايا الدهنية السمراء مع ملاحظات علمية سابقة رصدت وجود خلايا دهنية سمراء كثيرة في أجساد الناس الذين يعيشون في القطب أو المناطق الباردة. وكان المعتقد ان سبب ذلك يعود إلى الجو البارد، في حين ان الدراسة الجديدة، بحسب رأي فولفروم، تثبت ان ذلك يتعلق بالتناسل في جو بارد.

وربما تفسر العلاقة بين التناسل بجو بارد وعدد الخلايا الدهنية السمراء ما يجري في العالم المعاصر. إذ ان الانسان صار يعيش منذ عقود في درجة حرارة غرفة دافئة تنظمها المكيفات، وربما يفسر ذلك زيادة نسبة البدانة في الكثير من بقاع العالم، كما هي الحال في الولايات المتحدة. وأكد فولفروم ان نتائج دراسته قد تؤكد وجود مثل هذه “الآلية” كسبب في زيادة نسبة البدانة على المستوى العالمي.

على أية حال، بحسب رأي البروفيسور السويسري، هذه ليست دعوة للناس للتناسل في ماء البحر البارد أو في الثلاجة، ومن الضروري دراسة العلاقة بين نسبة الدهون البنية والتناسل في جو بارد عند البشر بشكل أعمق.

وربما ان التغيرات الوراثية الاضافية في الحيامن بحاجة إلى فترة تعرض طويلة لمناخ بارد، وان الممارسة الجنسية على الثلج لن تكفي. ويخطط فريق العمل إلى مزيد من الدراسات على البشر للتأكد من علاقة مناخ الممارسة الجنسية بالبدانة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها