صحيفة ألمانية : ركود الخطاب الألماني حول الهوية
كتبت الصحافية زونيا تسيكري، مقالة في صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ“، تحكي فيها عن ركود الخطاب الألماني حول الهوية.
وبدأت الكاتبة بالقول: “تبدأ المنظرة السياسية حنة آرنت، مقالتها الشهيرة (نحن لاجئون)، من عام 1943 بمرارة، وتنهيها بشكل جذري، (نحن لاجئون)، كما جاء النص في الترجمة الألمانية، بعد عقود من الزمان، يبدأ بموجة غريبة من حالات الانتحار بين المهاجرين اليهود.
وأضافت، بحسب ما ترجم عكس السير: “بالنسبة إلى يأس حنة آرنت، هذا هو المكان الذي يتحول فيه نص آرنت إلى قتال، ولا يعد تناقضًا، وإنما نتيجة استعداد أكثر من اللازم للتكيف، على سبيل المثال، مجرد إلقاء نظرة على معارفها، السيد كوهن من برلين الذي كان وطنياً ألمانياً عظيماً في ألمانيا، وكان وطنيًا تشيكيًا في جمهورية التشيك، واكتسب الوطنية النمساوية الضرورية في النمسا، وأصبح في النهاية هوية فرنسية في باريس، ولكن لم يحميه أحد من الاضطهاد، اللاجئون، وفقا لآرنت، هم طليعة للشعوب، ولكن فقط إذا حافظوا على هويتهم”.
وتابعت الصحيفة قائلة: “بعد أن خف النقاش حول مسعود أوزيل واعتماد قانون الهجرة، كانت التجربة الفكرية جريئة، إذا تجاهل المرء، للوهلة الأولى، الخصوصيات التاريخية للهوية اليهودية، وهو أمر ليس سهلاً للغاية، وإذا ركز المرء فقط على ظروف الهجرة والهجرة، ثم عممها ونقلها إلى الحاضر، فتخيل لثانية لو أن جملة آرنت قالها سوري يعيش في ألمانيا، كم من هؤلاء سيشهدون محاولة شرعية لتأكيد الذات، وكم منهم سيرفض الاندماج رفضاً عنيداً؟”.
وذكرت الصحيفة: “الشيء اللافت للنظر حول نص آرنت هو أنها لا ترى مساحة بين التطرف، فإما أن يستسلم اللاجئ إلى وهم الاستيعاب ويذوب في البيئة الجديدة، أو يحاول الهروب من الوعد المخادع للمجتمع المستقبلي بالإصرار على هويته، لا يوجد طرف ثالث”.
وأردفت قائلة: “غير أن هذا الثلث هو أكثر تماشيًا مع التصور الذاتي لأولئك العشرين مليون شخص الذين يعيشون في ألمانيا، ولكن ليس لديهم جذور ألمانية فقط، وهم أكثر بكثير من التطرف، وهذه الـ 20 مليون نسمة تقارب ربع السكان الألمان، لا تشمل فقط الأفغان والإريتريين من عام 2015، بل الإيطاليين والكروات والروس لذين يعيشون هنا منذ عقود”.
وأضافت: ليس كل المهاجرين لديهم العلاقة نفسها مع بلدهم الأصلي، والبلد الذي يعيشون فيه، حيث يقول البعض على سبيل المثال إن مسعود أوزيل، لديه ارتباط أكثر ببلد آبائه، إن الروابط العائلية المختلفة والتأثيرات الثقافية أو وجهات النظر الاجتماعية تنتج ثروة من المواقف المحتملة”.
وذكرت: “أيعد وصف هذا التمثيل الموصول بالقول إن الشخص لديه قلبان في صدره أو روحان، تبسيطاً شديداً وأحياناً يكون المهاجرون أو الأطفال المهاجرون أنفسهم الذين يتحدثون هكذا ولكنه وصف مضلل، الباحثون عن الهجرة والاندماج ليسوا بريئين تماماً من هذا، حيث إن صور القلوب المزدوجة أو النفوس أو الولاءات المقسمة تعطي الانطباع بأن هوية المهاجرين مربكة أو محزنة أو على الأقل ناقصة، حتى في الجيل الثاني والثالث”.
وأضافت: “من المحتمل أن كل شخص لديه خلفية مهاجرة قد سمع إطراءاً مسموماً مثل: أنت تتحدث اللغة الألمانية بشكل جيد، ويكون الجواب: شكرًا لك، أنت أيضًا، أو ما هو أسوأ، لا يغير الحقيقة الإيجابية الشاملة التي لا يستطيع الوصول إليها فقط، ولكن قد يكون هناك ثقافتان أو ثلاثة، حتى أنه قد يتكلم لغات مختلفة بشكل جيد، بحيث أنه يفهم بشكل طبيعي مجتمعًا آخر يمتلك، مثل الآخرين كالعلماء والصحفيين والسياسيين، ولا شيء من هذا هو ضمان للاندماج الناجح، مهما كان”.
وختمت الصحيفة: “ولكن من المدهش بعض الشيء أن يظل الخطاب الألماني راكداً على فكرة البداية والنهاية، إنه تخمين واضح يعكس التجربة التاريخية، مهدداً أدنى ضبابية في هذه المسألة، إن المنفيين الألمان بالتحديد في تلك السنوات، مثل حنة آرنت، وتوماس مان، كانت أوصافهم للوطن الجديد تتماشى مع الخسارة الكارثية للثقافة”.[ads3]