اكتشاف أقدم حفريات تعود للمخلوق الغريب ” المعقد “
تم التأكد من أن الحفريات التي عُثر عليها ويزيد عمرها عن 558 مليون سنة، تعود لأقدم حيوان في العالم، وفقاً لأبحاث حديثة.
وتظهر النتائج أن هذه الحيوانات كانت موجودة قبل 20 مليون سنة على الأقل من حدوث انفجار كامبري، حيث بدأت أنواع جديدة من الحيوانات بالظهور. ويعود تاريخ هذه الحفريات إلى حوالي 540 مليون سنة، حيث شهد ذلك العصر ظهور حيوانات ذات مظهر حديث مثل الحلزون وذوات الصدفتين فضلاً عن المفصليات، حسب صحيفة “The Guardian” البريطانية.
تمثل هذه الحفريات الجديدة التي تسمى “ديكينسونيا” بقايا أثر حيوي بيضوي الشكل وأجزاء من مجموعة قديمة وغامضة من كائنات حية تُعرف بـ الإدياكاران، وتعتبر هذه المخلوقات أول كائنات حية معقدة وُجدت على وجه الأرض، ولطالما أثار مكانها في شجرة تطور السلالات حيْرة العديد من العلماء، وتراوحت هذه الفرضيات بين إثبات أن هذه المخلوقات تنتمي إلى فصيلة الأشنيات والفشل في الوصول إلى أي نتيجة، وإثبات أنها تنتمي إلى عائلة البكتيريا.
أما الآن، ومن خلال التعرف على بقايا المادة العضوية الموجودة على متحجرات الإدياكاران، التي اكتشفت حديثاً، مثل نوع الكوليسترول القديم، تمكن العلماء من تأكيد أن حفريات ديكينسونيا تعود لحيوان، مما يجعلها أقدم حفريات حيوانية في العالم.
ويقول جوشن بروكس من الجامعة الوطنية الأسترالية، وهو أحد العلماء المشاركين في هذه الدراسة إن “نفس نوع وتكوين تلك الدهون ساعدنا في إثبات أن حفريات ديكنسونيا تعود في الواقع إلى حيوان”، وأضاف بروكس أن “هذه الدراسة حلت لغزاً قديماً يعود لعقود طويلة، ويعد هذا الاكتشاف بمثابة إنجاز عظيم بالنسبة لعلم الأحياء والحفريات القديمة”.
وقد اكتشفت هذه الحفريات على سطحي منحدر صخري في منطقة البراري النائية شمال غرب روسيا من قبل طالب الدكتوراه إيليا بروبوفسكي، وهو عالم رئيسي مشارك في هذه الدراسة التي نشرت في مجلة Science، وقد أفاد بروبوفسكي وفق ما اورد موقع “عربي بوست”: “أقلعت في طائرة مروحية لكي أتمكن من الوصول إلى هذه المنطقة النائية جداً من العالم، التي كانت موطناً للدببة والبعوض، وهو نفس المكان الذي وجدت فيه حفريات ديكينسونيا التي كانت توجد عليها مادة عضوية لا تزال سليمة”.
وأضاف بروبوفسكي “لقد كانت هذه الحفريات موجودة في منتصف منحدرات البحر الأبيض التي يتراوح ارتفاعها بين 60 و100 متر. لذلك اضطررت إلى تسلق هذا الجرف بالحبال وحفر كتل ضخمة من الحجر الرملي، ومن ثم رميها”، كما أورد بروبوفسكي قائلاً “لقد غسلت الحجر الرملي وكررت هذه العملية مراراً وتكراراً حتى وجدت الأحافير التي كنت أبحث عنها”.
وتقول شارلوت كينشيغتون، عالمة الأحياء القديمة من جامعة كامبريدج، إنه “من غير المعتاد حقاً بقاء المادة العضوية سليمة في حفريات الإيدياكاران، كما أن الأمر الرائع بخصوص هذه الدراسة هو أن العلماء حللوا كلّ الرواسب الموجودة حول وداخل الحفريات نفسها”، وأضافت كينشيغتون أن “المؤشر الحيوي للرواسب يختلف تماماً عن المؤشر الحيوي للمواد العضوية المرتبطة بالحفريات، الأمر الذي يمنحك قدراً كبيراً من الثقة في النتائج”.
وصفت إميلي ميتشل، وهي عالمة في جامعة كامبريدج أيضاً تُجري دراسات على حفريات حيوانات الإيدياكاران المحفوظة في المملكة المتحدة ونيوفاوندلاند، البحث بأنه “مثير للإعجاب بشكل لا يصدق”، ولكنها قالت إنه لا يزال هناك قدر كبير من المعلومات التي لا نعرفها عن حيوانات الإيدياكاران.
كما صرحت ميتشل “صرنا نعلم الآن أن الحياة الحيوانية قد بدأت قبل حدوث انفجار كامبري، أي في العصر الإدياكاري. وقد أصبح هذا الأمر واضحاً للغاية في الوقت الحالي أكثر مما كان عليه منذ 15 سنة، ولكن هذه الحيوانات تعتبر مختلفة جداً عن الحيوانات الحديثة”، وأضافت ميتشل أن “هذا التحول في أشكال الحيوانات في العصر الإدياكاري إلى العصر الكامبري يعتبر مهماً، ونحن لا نزال غير متأكدين كيف حدث ذلك”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشير فيها الدراسات إلى أن بعض حفريات الإيدياكاران كانت تعود لحيوانات. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن رانجيات الشكل، وهي عبارة عن مجموعة غريبة من الكائنات المتفرعة، كانت شبيهة بالحيوان، وفي هذا السياق، قالت ميتشل “من المثير جداً رؤية العديد من الأدلة المختلفة التي تشير جميعها إلى أن أنواعاً مختلفة من حفريات الإدياكاران كانت تعود لحيوانات”.
وفي النهاية، أشار بروكس إلى أنه “من الضروري محاولة معرفة أشكال هذه المخلوقات الغريبة التي كانت موجودة في العصر الإدياكاري إذا أردنا أن نفهم كيف ظهر وتطور أسلافنا الأوائل”.
[ads3]