ألمانيا : تحديات أمام القابلات العاملات في مراكز إيواء اللاجئين

تقوم القابلتان غريت فايزه و كارلوتا فون كلينكوفشتروم كالعادة بزيارات لبيوت نساء حوامل في محيط منطقة هايده بشمال ألمانيا، وإلى جانب ذلك تعتني القابلتان بانتظام بالحوامل في مراكز الإيواء، لكن المهمة تبدو صعبةً للغاية.

وتستخدم غريت فايزه و كارلوتا فون كلينكوفشتروم أحياناً أساليب غير معتادة عندما يتم مثلاً فحص ثدي امرأة حامل، فإن واحدة منهما تقف في الخارج أمام الباب حتى لا يدخل أحد عليهن، فالنساء اللاتي هربن من الحرب والعنف والفقر وجب أن يشعرن بالأمان.

وتقول فون كلينكوفشتروم: “نحاول منحهن قدر الإمكان مجالا يشعرن فيه بالحماية أي مجالا يشعرن فيه بشيء من الدفء”.

وتحضر القابلتان المتطوعتان لمرة واحدة في الأسبوع لمدة نحو ساعتين إلى مركز إيواء اللاجئين في بلدة باد فالينغبوستل، وهذه المؤسسة في ولاية ساكسونيا السفلى الشمالية تحتضن بانتظام نحو 800 لاجئ، غالبيتهم من سوريا والعراق وتركيا وأفغانستان، وحالياً يتجاوز عدد اللاجئين 950 شخصاً.

وسبب الزيارة المنتظمة هو انتشار مرض الحصبة في مركز لاجئين مجاور، وبسبب الحجر الصحي تدخلت فالينغبوستل وتولت الاعتناء بعدد من القادمين الجدد.

ولا توجد إحصائيات حول عدد الحوامل بين سكان المخيم، ولكن نرى بعضهن في أزقة قطعة الأرض التي كانت قبل ثلاث سنوات ثكنة بريطانية.

وفي أحد البنايات الكثيرة يوجد القسم الطبي حيث ترعى القابلتان غرفة الفحص، وهي بسيطة جداً، إذ توجد طاولة مع كرسيين وسرير فحوصات والجدران بها صور رضع.

وتقوم القابلتان بالاعتناء بنحو خمس نساء في المتوسط خلال زيارتهما الأسبوعية مثل النيجيرية أولاسومبو آري البالغة من العمر 33 عاماً، التي تتوقع ولادة ابنها الثاني في تشرين الأول المقبل.

وتحصل جميع الحوامل على مواعيد عند القابلتين، وتقول بيرغيت غيرديس، مديرة مركز اللاجئين: “العناية المنتظمة بالحوامل هي خدمة عادية طبقا لقانون اللجوء تتمتع بها الأمهات كما هو منصوص عليه قانونيا للنساء في ألمانيا”، فالحوامل يتمتعن بذلك بوضع خاص مقارنة مع طالبي اللجوء الآخرين، ويحصلن على فحوصات أكثر.

وخلال التحقيق في طلب اللجوء لا يمكن للاجئين الانضمام إلى شركة تأمين صحي قانونية. إنها مهمة البلديات أن تنظم الرعاية الطبية لهؤلاء الحوامل، وهي تقتصر على ما هو ضروري طبقاً لقانون اللجوء في الشهور الخمسة عشر الأولى، وهي تشمل لقاحات إضافة إلى العلاج من أمراض مزمنة أو آلام.

النيجيرية أولاسومبو آري تجلس في إطار المعاينة مع القابلة غريت فايزه، وهي تعاني من مرض سكري الحوامل وبالتالي وجب عليها الانتباه إلى نظام التغذية، والتواصل يتم بدون تعقيدات مع النيجيرية، الأخصائية في علم الأحياء التي تتكلم جيداً الانجليزية، فتروي قصة هروبها من زوج عنيف في وطنها، وهو أب ابنتها زووي.

لكن الوضع يختلف عند غالبية النساء بخلاف أولاسومبو آري، إذ أنهن غير أكاديميات ولا يتحدث إلا لغتهن المحلية، “فالتفاهم يكون في الغالب مستعصياً”، كما تقول غريت فايزه، “وأحياناً لا نتعامل فقط مع لغات أجنبية، بل مع لهجات لا يمكن لأي مترجم أن ينقلها”.

وتملك القابلتان حافظة بها صور حول أهم الموضوعات بشأن فترة الحمل، وتوجد نصوص قصيرة بعدة لغات مثلاً العربية والداري أو الكردية، ويصبح الأمر صعباً عندما لا تكون النساء قادرات على القراءة.

ومن أجل التفاهم معهن ابتكرت غريت فايزه طريقة “بدون كتاب” وتستخدم إذا اقتضت الضرورة الأيدي والأرجل، والأهم هو الحصول على معلومات من النساء، مثلاً حول تطور الحمل أو الولادات السابقة.

وإلى جانب اللغة هناك مشكلة أخرى: ” إذا كن النساء متحدرات من مجتمعات جد محافظة مثل أفغانستان، فإنّ النساء غير متعودات على تلقي أسئلة مباشرة تتعلق أيضا بتفاصيل خاصة”، تشرح فايزه، “فبالنسبة إلينا يكون من المهم معرفة متى حصلت المرأة الحامل على فترة حيضها الأخيرة. وإذا كان المترجم رجلاً فإن ذلك يكون غير مريح لكلا الطرفين”.

هارون خان هو واحد من هؤلاء المترجمين الذين يعملون في القسم الطبي، فهو موظف لدى الصليب الأحمر الألماني الذي يتعاون مع مركز الإيواء. وجاء الرجل الأفغاني في 2012 إلى ألمانيا كلاجئ، وإلى جانب لغته الأم باشتو فهو يتقن الألمانية علاوة على لغات الدارية الفارسية والأوردو والعربية والانجليزية، وجميع هذه اللغات تعلمها لوحده، كما يقول بكل افتخار، لكنه لم يحصل على شهادة مدرسية.

وفي مركز الإيواء تقوم القابلتان بالتنصت على قلب الجنين وتتوليان اختبارات الحمل وتصدران ما يُسمى كتيب الأم الذي يُوثق فيه تطور الجنين، أما التشخيص بالموجات فوق الصوتية أو فحوصات أخرى فلا تتم هنا، إذ أن مركز اللاجئين تربطه علاقة تعاون مع طبيبة مختصة في أمراض النساء.

والمترجم هارون خان يتنقل في الغالب إلى العيادة. “أكون حاضراً فقط أثناء المحادثة الأولى، وعندما تفحص الطبيبة المريضة، فإنني أنتظر في الخارج”، ورغم الحوارات الحساسة فهو يشعر حتى الأن بأن النساء مرتاحات بوجوده، “الغالبية يهمهن بالأساس أن يكون أحد ما حاضراً للمساعدة في التفاهم مع الطبيبة”.

ومن أجل الوضع يتم نقل الحوامل إلى المستشفى المجاور، “نحن لا نرعى هنا في مركز الإيواء الولادات”، تشرح القابلة غريت فايزه، “باستثناء حصول الطلق بشكل مفاجيء إبان وجودنا في عين المكان”، لكن هذا لم يحصل إلى حد الآن.

يوقضي المقيمون في مركز الإيواء باد فالينغبوستل أكثر من أسبوعين، قد تصل إلى أربعة أسابيع، حتى يحصوا على إشعار من مكتب الهجرة واللاجئين على مستقبل إقامتهم، أي هل سيُنقلون إلى إقامة أخرى أو يُحالون على بلدية أخرى أو يجب عليهم العودة إلى وطنهم.

لكن فيما يخص النساء الحوامل وعائلاتهن قد تطول هذه الفترة، “كل نقل مرتقب لامرأة حامل يجب تنسيقه قبلها مع القسم الطبي”، تشرح مديرة القسم غيرديس، وإذا كانت امرأة تنتظر الولادة في أقل من ثلاثة أسابيع، فإنه لا يتم نقلها. وتقدر غيرديس بأن عدد النساء اللاتي يلدن خلال إقامتهن في مركز الإيواء يصل إلى نحو 25 امرأة.

وبعد الوضع، بإمكان النساء البقاء في المركز حتى لضمان المواظبة على مواعيد الرعاية الطبية.

وتشارك القابلتان في اتخاذ القرار بشأن نقل المرأة ومولودها الجديد، وبعد التأكد من الوضع الصحي الجيد للأم والابن يعطى الضوء الأخضر لعملية الانتقال. (Esther Felden – DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها