كيف ستسهم استعاد حيوانات ” الماموث ” في الحد من الاحترار العالمي ؟
بدأت هجرة البشر إلى الأمريكيتين قبل 12 ألف عام قبل الميلاد، واكتشفوا الزراعة فيها بعد ألفي عام وبدؤوا ببناء المدن بعد تسعة آلاف عام، إذ بدأ الجنس البشري وقتها بكتابة قصة حضارته في الأمريكيتين، لكن نهاية جنس آخر في #سيبيريا قد بدأت.
تعاني السهوب العظمى -وهي إحدى أكثر النظم البيئية ثراءً في العالم- من خطر الاندثار، واستضافت هذه الأراضي العشبية القطبية منذ آلاف الأعوام مجموعة متنوعة من الثدييات الآكلة للنباتات الضخمة، وأبرزها الماموث الصوفي التي كفلت لفترة طويلة الانسجام البيئي حين منعت الأشجار من الانتشار في هذه المناطق، ما أتاح للأعشاب النمو بصورة أكبر والمحافظة على جميع الحيوانات في السهوب العظمى.
لكن كل شيءٍ تغير قبل 12 ألف عام قبل الميلاد إذ أدى ارتفاع درجات الحرارة العالمية بعد نهاية العصر الجليدي والنشاط البشري إلى انخفاض أعداد الماموث، ما أدى إلى إحداث تأثيرات كبيرة غيرت وجه سيبيريا، إذ ازدادت أعداد الأشجار فيها، ما أدى إلى تناقص المناطق العشبية وذوبان الجليد وإطلاق غازات الدفيئة التي سرعت رفع درجة حرارة الأرض.
ووفق ما ذكرت شبكة “مرصد المستقبل”، يواجه العلماء ارتفاع قياسيًا لدرجات الحرارة العالمية، ويدركون مدى أهمية النظام البيئي في العصر الجليدي، والذي قد نتمكن من استعادته، ويحاول سيباستيان مولر في الحلقة الثالثة من جليمبس -وهي سلسلة جديدة من الخيال العلمي ينتجها موقع فيوتشريزم بالتعاون مع منصة دست- استكشاف هذه الإمكانية.
يحاول جورج تشيرش عالم الوراثة الشهير استعادة النظام البيئي في العصر الجليدي، ونجح في العام 2015 مع فريق من الباحثين من جامعة هارفرد في ربط الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين للماموث الصوفي مع المادة الوراثية للفيل الآسيوي، واختار الباحثون 14 مورثة من أكثر مورثات الماموث تميزًا لهذه التجربة، وأعيد تنشيطها لأول مرة منذ انقراض الماموث، وكانت هذه التجربة مهمة جدًا لبرهنة قدرة العلماء على إعادة توليد الحيوانات المنقرضة، لكن التحدي الأكبر كان استعادة السهوب العظمى، التي تحتاج إلى 80 ألف ماموث على الأقل.
تعتمد المقترحات الحالية لاستعادة حيوانات الماموث على تلقيح إناث حيوانات تشبه الماموث، وكلما كانت المسافة التطورية أقصر-وهي مقياس لعدد الاختلافات الجينية- بين الأنواع المنقرضة والأنواع البديلة، كانت عملية استعادة الحيوانات المنقرضة أفضل، ما يجعل الفيل الآسيوي مرشحًا مثاليًا لحمل أطفال الماموث، إذ يختلف الفيل الآسيوي عن الماموث بأربعة وأربعين اختلافًا جينياً، لكن الفيل الآسيوي مهدد أيضًا بالانقراض.
شرح جورج تشيرش صعوبة استعادة حيوانات الماموث في لقاء مع بودكاست آفتر أون الذي يقدمه روب ريد: “لا يوجد عدد كافي من إناث الفيل الآسيوي لتوليد 80 ألف ماموث أو فيلة مقاومة للبرودة حتى إن وافقت كل الحكومات المعنية على الخطة”.
وقدّر تشيرش عدد إناث الفيل الآسيوي القادرة على الإنجاب بسبع عشرة ألف أنثى، وهو عدد لا يكاد يكفي منع انقراض الفيل الآسيوي، فهذا النوع يتكاثر ببطء، إذ تبلغ فترة الحمل 22 شهرًا، ما يجعل الاعتماد عليه لاستعادة الماموث أمرًا معقدًا، وحتى إن استخدم العلماء الفيلة الإفريقية أيضًا، فإن العلماء سيواجهون المشكلة ذاتها.
يرى تشيرش أن الحل الوحيد هو تطوير حيوانات الماموث باستخدام طريقة أرحام اصطناعية وإمدادها بالدم والمواد المغذية الضرورية، ولم يستطع أي عالم إنجاز ذلك من قبل، لكن تشيرش وفريقه يحققون تقدمًا كبيرًا في توليد أجنة للفئران ويخططون لإصدار نتائج أبحاثهم خلال هذا العام.
قال تشيرش “استطاعت أبحاثنا تحقيق تقدم في تحويل الخلايا الجذعية إلى بنى تشبه الأجنة وفي تزويدها بأوعية دموية، ما يساعد في توليد فئران، وإن استطعنا توليد فئران حقيقية، فسنحاول توليد حيوانات أكبر”، ويعتقد تشيرش أن توليد أول ماموث سيحدث خلال العقد المقبل.
يواجه تشيرش معارضة من بعض العلماء لأسباب أخلاقية، إذ يرى البعض أهمية التركيز على حماية الأنواع المهددة بالانقراض، لكن تشيرش ومن معه يرون أن الإيجابيات التي سيحققها هذا المشروع تستحق تركيز الجهود لإنجازه ودعمه ماليًا.[ads3]