دويتشه فيله : هل تصدق أن عدد المساجد مجهول في ألمانيا ؟

لا أحد يعرف العدد الحقيقي للمساجد وغرف الصلاة الخاصة بالمسلمين في ألمانيا، يبدو هذا الأمر عجيباً في بلد يتمتع بخبرة عريقة في الإحصاء ويلتزم بسيادة النظام. والسؤال، هل يغير مؤتمر الإسلام الألماني قريبا هذا الوضع؟

عدد البنايات الأندية التابعة للمساجد الموجودة في ألمانيا يبقى مجهولاً، ومنذ النزاع حول المسجد التابع للاتحاد الإسلامي التركي/ Ditib في كولونيا اشتعل النقاش مجدداً حول المساجد في ألمانيا، لأن الكثيرين يربطون مبنى المسجد الكبير هناك باستعراض القوة من جانب الدولة التركية.

وفيما يخص عدد المساجد وبيوت الصلاة أو النوادي المرتبطة بالمساجد لا توجد إلا تقديرات، ويعود هذا حسب رأي خبير الشؤون الإسلامية ميشائيل بلومه إلى سبب قانوني بسيط: ” الدستور الألماني لا ينص على واجب التسجيل بالنسبة إلى المجموعات الدينية، يعني مادامت هذه المجموعة الدينية أو الاتحاد الديني ليست هيئة عامة، فإنها لا تخضع للتسجيل”.

كما أنه لا أحد يعرف العدد الحقيقي للمعابد البوذية الموجودة في ألمانيا، والمساجد في ألمانيا يتم تسجيلها تماشياً مع قانون النوادي، ويبقى من اختصاصها الانضمام إلى اتحاد كبير مثل الاتحاد الإسلامي التركي أو أن تبقى مستقلة.

والمثال المعاكس لذلك هي الكنائس الكبرى التي يوثقها مكتب الاحصائيات الاتحادي في “كتاب سنوي”، وكذلك المجموعات اليهودية، كلاهما تربطه اتفاقيات مع الدولة، وفي هذا الكتاب السنوي للإحصائيات لا توجد كلمة واحدة عن الإسلام والمسجد أو المسلمون، كما يتم ضبط العدد الاجمالي للكنائس ليس فقط في ألمانيا، بل على مستوى العالم.

ورغم هذا الوضع، توجد إحصائيات حول المساجد في ألمانيا، فالمجلس المركزي للمسلمين “ZMD” أعلن بداية تشرين الأول عن وجود نحو 2500 مسجد، والكثير منها يوجد في فناءات خلفية، ونحو 900 يمكن التعرف عليها من خلال أسلوبها المعماري.

ويمكن تفسير انعدام الدقة في العدد من خلال مقارنة، فالإسلام يتميز بتنظيم هرمي أقل مقارنة مع الديانات التوحيدية الأخرى، وهكذا يمكن لبعض الأصدقاء أن يجتمعوا ويقيموا حجرة خاصة للصلاة، أو يمكن لامرأة متخصصة في القانون في برلين ان تفتتح “مسجداً ليبرالياً”.

وحتى شهر أيار من العام الجاري، اهتمت الخدمة العلمية للبرلمان الألماني “بتمويل المساجد ونوادي المساجد” واصطدمت بحاجز العدد الحقيقي للمساجد، وتوضيح الأمور يبقى صعباً، لأنه لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد الأبنية ذات الشأن الديني.

وتفيد تقديرات أنه يوجد بين 2600 و 2700 دار عبادة بأشكال مختلفة، لكن القليل منها يمكن تصنيفه كمسجد في المفهوم التقليدي. فقط الأبنية الجديدة الكبيرة تعكس أسلوباً معمارياً عثمانياً حديثاً، أو أبنية من الزجاج والإسمنت، وغالبية دور العبادة توجد في فناءات خلفية وفي أحياء صناعية أو في أبنية مصانع خضعت للترميم.

ويوجز خبراء البرلمان الألماني التقديرات المتوفرة في أنها تشمل من 2350 حتى 2750 مسجداً أو نادياً، ويذكرون أيضا عدداً إجمالياً للمسلمين في ألمانيا، يتراوح بين 4.4 و 4.7 مليون مسلم من عرقيات وتوجهات سياسية مختلفة، فقط أقلية من المسلمين بين 15 و 30% مؤطرة في مجموعات أو نوادي.

وانطلاقاً من النقص في العدد الملموس للمساجد، ينطلق خبير الشؤون الإسلامية بلومه إلى طرح السؤال، لماذا يتم تمويل المساجد القليلة التي تمثل مجموعات معينة من الخارج، أكان ذلك من قبل تركيا عن طريق الاتحاد الإسلامي التركي الذي يمثل أكثر من 960 نادياً عضواً أو من جانب العربية السعودية.

“المشكلة الكبيرة للجالية المسلمة هي أنها لا تتوفر على ما يكفي من المال”، “القليل من المسلمين أعضاء في نوادي المساجد”، كما يقول الخبير بلومه.

ومن أجل بناء مسجد صغير يمكن ربما جمع التبرعات، والإشكالية الكبرى تتعلق بمن سيدفع راتب الأئمة أو العاملين في حقل الشباب. “ولهذا يكون نفوذ الدولة التركية قوياً”، كما يلاحظ الخبير بلومه الذي يشير إلى أنها تمول الأئمة.

الخبير ميشائيل بلومه الذي صدر له كتاب حول الإسلام ينظر بسلبية إلى العدد غير المعروف للمساجد في ألمانيا، ويقترح أن تعين الحكومة والولايات الألمانية خبراء لوضع إحصائيات دقيقة، فلا أحد يعرف العدد الحقيقي للمساجد في ألمانيا ولا كيف يتم تمويلها. “هناك نقص أساسي في البيانات وإمكانيات المراقبة”، بحسب قول الخبير.

وفي هذا الخريف، يُتوقع أن يجتمع “مؤتمر الإسلام الألماني” لأول مرة منذ الانتخابات التشريعية في 2017، وقد يكون التفاهم من خلال إحصائيات أفضل موضوع نقاش في جلسات المؤتمر. (كريستوف شتراك – DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها