BBC : قصة رجل أعمال يخدم اللاجئين و يكسب الملايين

تحدثت بي بي سي إلى سكوت تشارلي ماكريغور، مؤسس مجموعة “تي أس أتش” لتوفير السكن للطلاب في أوروبا، والذي يروي تجربته في مساعدة اللاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية.

يقول سكوت تشارلي ماكريغور إنه لن ينسى أبداً مشاهدة القوارب المكتظة باللاجئين اليائسين والمهاجرين وهم يحاولون الوصول لساحل جزيرة ليسبوس اليونانية.

ويضيف ماكريغور، 27 عاماً: “بعض القوارب لم تعرف وجهتها، وهكذا ينتهي بها الأمر إلى التوقف عند مناطق صخرية، وبعض ركابها لم يصلوا إلى أوروبا أبداً. المحظوظون منهم كانوا يشعرون بالرعب، ليس فقط بسبب مخاطر الرحلة، ولكن بسبب خوفهم من المجهول الذي ينتظرهم”.

كان ذلك في أكتوبر عام 2015 عندما كان يصل إلى شواطئ ليسبوس أكثر من 2000 شخص يومياً على متن قوارب غير مرخصة، غالبيتهم سوريون فروا من الحرب الأهلية في بلادهم.

كان ماكريغور متطوعاً على الشواطئ يساعد في توجيه القوارب للوصول إلى بر الأمان، ومن ثم يُقدم للرجال والنساء والأطفال الماء والطعام وغير ذلك من المساعدات.

وقد انتقل إلى ليسبوس لتقديم المساعدة بعد أن نشر أحد أصدقائه معلومات على موقع فيسبوك عن الوضع في الجزيرة، قبل عدة أسابيع من سفره.

ويقول ماكريغور، وهو رجل أعمال أسكتلندي: “كأب لطفلين كان قلبي يخفق تأثراً بهذه العائلات التي كانت تحاول الوصول إلى الجزيرة. كانوا أطفالاً صغار السن، ونساء، كلهم في حالة من الصدمة والانكسار بعد الفرار من بلدان مزقتها الحروب”.

ولكي يتمكن من الذهاب إلى ليسبوس، استقطع ماكريغور جزءاً من وقت عمله اليومي كمؤسس ورئيس لشركة المساكن الطلابية “تي أس أتش”.

ويوازن ماكريغور حالياً وقته بين إدارة الشركة وبين المساعدة في إدارة وتوجيه الجمعية الخيرية التي تحمل اسم “موفمنت أون ذا جراوند” التي ساهم في تأسيسها عام 2016.

وتقوم الجمعية الخيرية بمساعدة اللاجئ “من لحظة وصوله إلى أوروبا وحتى يكون بأمان وسلامة في موطنه الجديد”.

ويقول ماكريغور الذي ولد وترعرع في إدنبرة باسكتلندا: “فكرة سكن الطلاب تسري في دمي”.

فقد شيد والده مساكن طلابية تابعة لجامعة إدنبرة خلال الثمانينيات، وبدأ تشارلي ماكريغور حياته العملية بالعمل في مواقع تشييد هذه المباني عندما كان في السادسة عشرة من عمره.

وبعد بضع سنوات استخدم قرضين أحدهما من البنك والآخر من والده لتأسيس شركته الخاصة به في اسكتلندا.

ومن ثم قرر عام 2003، عندما بلغ 27 عاماً من العمر، أن يعيش في الخارج. ولذلك باع شركته وأعاد دفع ما عليه من قروض وانتقل للعيش في أمستردام لتأسيس شركة “تي أس أتش”.

فكرة الشركة كانت هي إنشاء سلسلة مبان لتكون مساكن طلابية راقية على مستوى أوروبا وفي نفس الوقت تكون فنادق مفتوحة للجمهور.

وبينما غالبية النزلاء هم من الطلبة بعقود إقامة طويلة الأمد، فإنه بإمكان المسافرين من رجال الأعمال أو السياح استئجار غرف كما في أي فندق. كما تضم هذه المساكن الطلابية عددا من المطاعم، والحانات، والصالات الرياضية.

وكان ماكريغور مقتنعاً بأن الفكرة ستنجح، لكن آخرين كانوا أقل حماساً منه.

ويقول عن ذلك: “عندما طرأت لي الفكرة وقدمتها في غرفة كانت تغص بالمقاولين والمستثمرين ضحكوا ساخرين منها”.

لكن ذلك لم يثن ماكريغور عن فكرته، وواصل العمل على تحقيق خططه، وفي نهاية الأمر قرر أحد البنوك أن يدعمه.

وقد تم افتتاح أول فندق طلبة في روتردام عام 2006، وتبع ذلك افتتاح عدة فنادق في مواقع هولندية أخرى.

بعد ذلك حدثت الأزمة المالية العالمية في 2008، وواجهت الشركة بعض الصعوبات.

يقول ماكريغور: “لقد سلمت مفاتيح الشركة للبنك ست مرات. لكن الذي أنقذ الوضع هو أنه لم يكن هناك في السوق من يستطيع أو يرغب في شراء المباني، لهذا حتى لو حاول البنك بيعها فلم يكن ليستطيع”.

ونتيجة لذلك، ظل البنك يمنح ماكريغور فرصة تلو الأخرى لإدارة شركته، وفي نهاية الأمر، تمكن من ماكريغور تجاوز تلك المحنة.

وتمتلك شركة “تي أس أتش” حاليا أحد عشر موقعاً في جميع أنحاء أوروبا، من برشلونة إلى درسدن الألمانية، كما يوجد 12 موقعا تحت التطوير والإنشاء، من لشبونة إلى روما.

كما يجري استكشاف مواقع جديدة لإنشاء فنادق تابعة للشركة في المملكة المتحدة. وقبل عامين، استثمر صندوق المعاشات الهولندي “إيه بي بي” 100 مليون يورو (115 مليون دولار، و87 مليون جنيه إسترليني) في هذه الشركة.

وتقول شركة “تي أس أتش” إنها تتوقع أن تصل عائداتها السنوية إلى 75 مليون يورو.

ويقول المهندس المعماري أندريه مارتن، وهو شريك في شركة “بي أل بي أركتكتشر” البريطانية إن شركة “تي أس أتش” تقود عملية تطوير مثيرة للدهشة في مجال الإسكان الطلابي، دافعةً هذا القطاع إلى مستويات أعلى وأكثر جذباً.

ويضيف: “شركات مثل ‘تي أس أتش’ التي تخدم في الغالب قطاع الشباب ولا تقتصر عليه، تعيد على نحو كبير تشكيل توقعاتنا ونظرتنا المستقبلية لقطاع السكن الطلابي”.

لكن إذا لم تكن إدارة “تي أس أتش” عملاً كافياً بالنسبة لماكريغور، فهو يقضي جزءاً من كل يوم عمل في المساعدة في أمور جمعية التحرك على الأرض ويقوم بزيارة ليسبوس أربع أو خمس مرات في السنة للمساعدة شخصياً في نشاطها الخيري.

في البداية وفر ماكريغور وأربعة آخرون ممن أسسوا معا الجمعية الخيرية التمويل اللازم للجمعية بأنفسهم، لكنها الآن تعتمد على متبرعين خارجيين.

وتشمل الأعمال التي قامت بها الجمعية الخيرية حتى الآن في مخيمات اللاجئين في الجزيرة العمل مع مؤسسات الصليب الأحمر، وأطباء بلا حدود، لإنشاء مراحيض عامة، وخيام محصنة ضد المياه.

كما أطلقت الشركة برنامج كرة قدم للأطفال، وأقامت معامل للتعلم الرقمي، حتى يتمكن اللاجئون والمهاجرون من استخدام الإنترنت، وتعلم الطباعة ولغة الترميز.

يقول ماكريغور: “كرة القدم وسيلة رائعة للتقريب بين الناس. وإذا تمكن الناس من مغادرة المخيم وهم يحملون مهارات الطباعة أو الترميز فسيمنحهم ذلك فرصاً أفضل”. (BBC)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها