موجة غلاء تجتاح أسواق دول الخليج

اجتاحت الأسواق الخليجية موجة من الغلاء أدت إلى ارتفاع التضخم في المنطقة لمستويات أعلى، مقارنة بدول أخرى حول العالم في أغسطس / آب الماضي، لأسباب منها رفع الضرائب، وزيادة أسعار خدمات النقل والترفيه والأغذية.

وأظهر مسح أجرته “الأناضول” من واقع البيانات الرسمية وأرقام صندوق النقد العربي، أن معدل التضخم في منطقة الخليج سجل 4.8 بالمائة خلال أغسطس الماضي، وهو الأعلى مقارنة بأهم الشركاء التجاريين بعد الهند 5.6 بالمائة.

ووفق المسح، يأتي الارتفاع في معدلات التضخم خليجيا لأسباب متباينة، أبرزها ارتفاع أسعار خدمات النقل والترفيه والأغذية والمشروبات.

وجاءت معدلات التضخم في الإمارات بالمرتبة الأولى من حيث الأكثر ارتفاعا خلال أغسطس / آب الماضي بنسبة 3.86 بالمائة.

وسجلت الإمارات بذلك أعلى وتيرة صعود على أساس سنوي منذ فبراير / شباط 2018، مدفوعة بارتفاع نحو 10 مجموعات من بينها النقل والترفيه والمشروبات والسلع الغذائية.

وصعد التضخم في السعودية بنسبة 2.2 بالمائة في أغسطس، فيما تتوقع الحكومة ارتفاع التضخم بنسبة 5.7 بالمائة خلال العام الجاري، مع تحسن النشاط الاقتصادي وتطبيق بعض تدابير الإيرادات وهيكلة أسعار الطاقة.

فيما جاءت البحرين بالمرتبة الثالثة بارتفاع قدره 1.9 بالمائة، نتيجة زيادة أسعار السكن والمرافق بنسبة 1.2 بالمائة، فيما زادت أسعار النقل بـ 8.3 بالمائة بعد رفع أسعار البنزين المحلية مطلع العام الجاري.

وزاد في سلطنة عمان بنسبة 1.3 بالمائة مع ارتفاع مجموعة النقل بنسبة 6.24 بالمائة، فضلا عن ارتفاع السكن والمياه والكهرباء.

وجاءت الكويت في المرتبة الخامسة بارتفاع قدره 0.9 بالمائة، بسبب ارتفاع أسعار 10 مجموعات، تصدرتها مجموعة السجائر والتبغ بنسبة 13.51 بالمائة، تلتها الاتصالات بنسبة 5.12 بالمائة.

وبدأت الإمارات والسعودية مطلع العام الجاري تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمائة، فيما أجلت باقي الدول الست، مع توقعات بفرضها بدءا من الربع الأول 2019.

فيما طبقت العام الماضي ضريبة انتقائية على التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة بنسب بين 50 ـ 100 بالمائة.

** أثر كبير

وقال الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية العربية لأسواق المال أحمد يونس، إن هناك شكوكا حول استمرار دول الخليج في برامج الإصلاح المالي والاقتصادي، الذي سيكون له أثر كبير على معدلات التضخم بالعام الجاري، بسبب تحسن أسعار النفط.

وأضاف في اتصال هاتفي مع “الأناضول”، أن سعر برميل النفط وصل أعلى مستوى في أربع سنوات، والدول المنتجة أكبر مستفيد.

“إلا أن المخاطر الجيوسياسية والتجارية التي تجتاح العالم، قد تكون عرضية وفي أي وقت يمكن أن تستقر الأسواق مرة أخرى، وحينها ستكون الموازنات الخليجية عرضة لضغوط على جانب الإيرادات”.

وذكر يونس أن فرض الضرائب خاصة بالسعودية والإمارات (أكبر اقتصادين بالمنطقة)، ساهم في صعود معدلات التضخم، موضحا أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية كان لها دور كبير في ارتفاع الأسعار.

وتابع: “ارتفاعات التضخم في المنطقة ليست بالكبيرة، وتتوافق مع توجهات الإصلاح المالي المستهدف، وقد تساعد في استمرار الإصلاحات المالية”.

** أعباء التمويل

وقال الخبير الاقتصادي محمد العون، إن الزيادة التدريجية لأسعار الفائدة الأمريكية وتفاعل البنوك المركزية الخليجية معها، سيزيد أعباء الاقتراض المحلي، ويرفع تكلفة التمويل للشركات.

وحافظت خمس من دول مجلس التعاون الخليجي على ربط عملاتها بالدولار الأمريكي لعقود، فيما ظلت الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تربط عملتها بسلة من العملات.

وتقول بنوك استثمار كبرى، إن ربط سعر الصرف بالدولار الأمريكي يعتبر سياسة مناسبة لدول الخليج، إذ أنه يوفر الاستقرار لمعدلات التضخم والنمو الاقتصادي.

وأوضح العون أن ارتفاع أسعار النفط سيؤثر أيضا على ارتفاع مجموعة النقل ـ التي تعد إحدى المجموعات الرئيسية في المؤشر ـ خاصة أن هناك ثلاث دول خليجية (الإمارات، عمان، قطر) تغير الأسعار بشكل شهري بناء على تطورات الأسعار العالمية.

وتتبع الدول الخليجية الثلاث آلية لتعديل أسعار المشتقات المحلية بشكل شهري لتتواكب مع الأسعار العالمية، مضافا إليها ثمن خدمات النقل والتوزيع.

في المقابل، تغير دول السعودية والكويت والبحرين أسعار المحروقات كلما رأت أن هناك حاجة إلى ذلك.

** عوامل رئيسة

وقال صندوق النقد العربي، إن هناك عوامل رئيسية ستؤثر على ارتفاع الأسعار في دول الخليج، خاصة فرض الضرائب والإصلاحات الاقتصادية والمالية بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط العالمية.

وقال الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد العربي الصادر الشهر الماضي، إن التضخم الخليجي سيسجل نحو 3 بالمائة خلال العام الجاري.

وذكر الصندوق أن معدل التضخم سيتأثر بارتفاع مستويات الطلب الكلي على السلع جنبا إلى جنب مع العوامل الأخرى.

ويضم مجلس التعاون لدول الخليج العربية ـ التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها ـ كلا من السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان. (ANADOLU)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها