هل أصبح إنجاب طفل بمواصفات وراثية محددة ممكناً ؟
ذكرت مجلة “إكونوميست” أن شركة مايومي في ولاية #كاليفورنيا وشركة جينوميك بريديكشن في ولاية نيو جيرسي تأملان في إعادة بناء الأجزاء المهمة من جينوم الجنين باستخدام بضع خلايا مأخذوة بخزعة مع التسلسل الجيني للوالدين.
على أساس هذه المعلومات تستطيع الشركتان، نظريًا، تقدير خطر تعرّض الجنين لجملة أمراض مختلفة في حياته. ومما له أهمية بالغة أن الأمراض قد تكون شديدة التعقيد وترتبط بآلاف الطفرات الوراثية في مناطق مختلفة من الجينوم.
تحقق هذا التقدم بفضل إنجازين علميين، وفقاً لصحيفة “إيلاف”: الأول استخدام الغوريثمات قوية لإنتاج صورة دقيقة لجينوم الجنين؛ والثاني زيادة سرعة تحديد تسلسل الحمض النووي وخفض كلفة هذه العملية، الأمر الذي جعل كمية متزايدة من المعلومات الوراثية البشرية متاحة.
يستطيع الباحثون الآن تقدير احتمالات الإصابة بأمراض، مثل مرض القلب والسكري وسرطان الثدي وأمراض المناعة الذاتية وغيرها من الأمراض الشائعة. وبالاستناد إلى المعلومات المتوافرة عن الحمض النووي للشخص يمكن تقدير احتمالات الإصابة بمرض ما لأسباب وراثية متعددة بإضافة مساهمات من آلاف أو حتى ملايين الطفرات الوراثية الشائعة، كل واحدة منها تضيف خطرًا صغيرًا، ولكنها في المجموع تزيد بدرجة كبيرة احتمالات الإصابة بمرض محدَّد.
أشارت مجلة “إكونوميست” على سبيل المثال إلى أن اختبارًا متعارفًا عليه لسرطان الثدي يمكن أن يبحث عن طفرتين مؤذيتين في اثنين من الجينات. ومثل هذه الطفرات تحدث في نحو 1 من بين كل 500 امرأة في أميركا، ولكن حمل إحدى الطفرتين يزيد احتمالات الإصابة بالمرض خمس أو ست مرات.
وبدراسة نحو 5000 طفرة وراثية يمكن تشخيص الـ 1.5 في المئة من النساء اللواتي تزيد احتمالات إصابتهن بسرطان الثدي ثلاث مرات مقارنة بالمتوسط العام.
بالاختيار من بين جينات مختلفة، يستطيع الزوجان اللذان يحاولان الإنجاب بالتخصيب الاصطناعي رفع صحة ذريتهما إلى المستوى الأمثل بطريقة غير ممكنة في الإنجاب الطبيعي. وحين تكون هذه الطريقة متاحة، يستطيع الأثرياء القادرون على استخدامها أن يلجؤوا إلى التخصيب الاصطناعي، حتى لو كانوا قادرين على الإنجاب بصورة طبيعية.
على الرغم من أن الشركتين تقولان إن الأجنة لن تُفحص إشعاعيًا إلا لتقدير احتمالات المرض في المستقبل، فلا سبب يمنع اختيار صفات أخرى بالطريقة نفسها، مثل الطول أو نسبة الذكاء، ولو أن هذا الأخير أمر مثير للجدل.
لكن لهذه الطريقة تحديداتها، بما في ذلك تقدير احتمالات المرض مستقبلًا لذوي الأصول الأوروبية فحسب، بسبب قلة الأشخاص الذين جرى تحديد تسلسل جينوماتهم من الجماعات السكانية الأخرى. كما إن العلاقة بين الجينات وصفات، مثل الذكاء، تبقى علاقة مبهمة.
كل هذا يعني أن بناء جينوم طفل بمواصفات معيّنة يتطلب مزيدًا من التقدم في التحرير الجيني، ومزيدًا من العمل الشاق. لكن من لديهم القدرات المالية ستتاح لهم في عام 2019 إمكانية منح أطفالهم فرصة العيش حياة طويلة ومتعافية.[ads3]