متاجر تأجير أسطوانات الفيديو في ألمانيا تحتضر .. هذا هو السبب !

فجأة شعر الزبون بصدمة عندما توجه إلى متجر تأجير أسطوانات أفلام الفيديو، ووجه الرجل الذي يبدو في الأربعين من العمر سؤالا للعاملة التى ترد بإيماءة صامته”هل ستغلقون المتجر بعد ثلاثين عاما من النشاط ؟”، وواصل الزبون البحث عن فيلم يريد مشاهدته بين الأسطوانات العديدة المكدسة فوق الأرفف، وتلقى عرضا بأن يصبح سعر أسطوانة “دي.في.دي” يورو واحد، ليس مقابل التأجير لمدة يوم ولكن لامتلاكها مدى الحياة، الأمر الذي يشير إلى تراجع هذا النشاط الذي كان يلقى إقبالا في الماضي.

ويستعد هذا المتجر لإغلاق أبوابه بعد أن استمر طوال ثلاثة عقود في مزاولة نشاط تأجير أسطوانات الفيديو للعملاء، ويغمغم الزبون القديم بكلمات لنفسه تنم عن الانفعال وهو يبحث بين الأرفف عن الأفلام التي يريد شرائها للاستفادة من العرض المقدم، ثم يقول وهو يهز رأسه “إن مشاهدة الأفلام هذه الأيام أصبحت عن طريق البث المباشر عبر المواقع الإليكترونية، ولم يعد الأمر كما كان في السابق، فأسطوانات “دي.في.دي” لم تعد تجد من يؤجرها”.

وليس مصير متجر الفيديو هذا الكائن بغرب ألمانيا والذي يحمل علامة تجارية مؤجرة من شركة “فيديوتاكسي” أمرا نادر الحدوث، ففي جميع أنحاء ألمانيا تتهيأ عشرات من متاجر تأجير أسطوانات الفيديو للتوقف عن نشاطها التجاري كنتيجة للتغيرات العميقة، التي طرأت على أساليب مشاهدة الناس للأفلام والمسلسلات التليفزيونية.

ولا تريد الشركات التي تمارس ذلك النشاط التحدث عن هذا التطور، وتقول “فيديوتاكسي” إنها لا تستطيع الرد على أية أسئلة تتعلق بهذا الموضوع في الوقت الحالي، بينما التزمت شركة “فيديووورلد” الألمانية التي تمارس أيضا ذات النشاط الصمت إزاء هذه المسألة، ويمكن تفهم رد فعل الشركتين، فما الذي يمكنهما قوله عندما تتيح مواقع عرض الأفلام والمسلسلات على الإنترنت مثل “أمازون برايم” و”نتفليكس” مثل هذا البديل الجذاب ؟.

وتشير الأرقام التي أذاعتها رابطة تجار التجزئة لأسطوانات الفيديو والوسائط الإعلامية، إلى دلائل على شدة الاتجاه التنازلي في معدلات تأجير أفلام الفيديو، حيث تراجع عدد الزبائن من 4.8 ملايين عام 2015 إلى 2.6 ملايين عام 2017، كما تراجع عدد الأفلام المؤجرة بأكثر من النصف من 68 مليونا إلى 31 مليونا.

وتم رفع أسعار التأجير إلى حد ما لتعويض تراجع النشاط، غير أن الأرباح لم تتمكن من العودة إلى حالتها الطبيعية، وسجلت متاجر تأجير أسطوانات الفيديو في ألمانيا عام 2015 إيرادات بلغت 165 مليون يورو (187 مليون دولار)، وبعد ذلك بعامين سجلت هذه المتاجر إيرادات بلغت 84 مليون يورو، كما تقلص عدد المتاجر خلال الفترة من 2016 إلى 2017 من حوالي 900 إلى نحو 600 متجر، مما يعني أن متجرا واحدا من بين كل ثلاثة أغلق أبوابه خلال عام واحد.

وتقول رابطة تجار التجزئة لأسطوانات الفيديو والوسائط الإعلامية إن عمليات القرصنة هي السبب الرئيسي للمتاعب التي يعاني منها القطاع، وإنه لم يتم بذل جهد يذكر لوقف عمليات نشر المحتوى الفني على الانترنت بشكل غير قانوني، وكذلك مواقع الإذاعة المتدفقة للأفلام على المواقع الإليكترونية، وفي هذا الصدد يقول جورج فينريش المدير الإداري للرابطة “بدون جهد أكثر قوة لمكافحة عمليات القرصنة، فلن تعود الأمور إلى طبيعتها في أي وقت قريب”.

ويلقي خبراء آخرون باللوم على المواقع المنافسة على الإنترنت لتسببها في اختفاء متاجر الفيديو، ويقول فلوريان كيركاو من شركة “جولدميديا” للاستشارات إن مواقع الخدمات الإذاعية على الإنترنت أزالت تماما الحاجة لمتاجر التأجير.

ويضيف إنه “تم انتقال نموذج متجر تأجير الفيديو مباشرة إلى الإنترنت، فبدلا من الذهاب إلى المتجر لتأجير أسطوانة “دي.في.دي” ثم الاضطرار إلى إعادتها إلى المتجر مرة أخرى في وقت لاحق، فيمكن اليوم الاستعاضة عن ذلك بالنقر بضع مرات على جهاز الكمبيوتر لمشاهدة الفيلم المراد”.
ويرى هيرمان ديتر شرويدر من معهد هانز بريدوف بجامعة هامبورج الأمور بنفس الطريقة، ويقول إن “خدمات الإذاعة على الإنترنت حلت محل متاجر الفيديو”.

ويضيف إن ميزة متاجر تأجير الفيديو كانت تتمثل في إمكانية أن يختار الزبون الفيلم الذي يريد مشاهدته في الوقت المناسب له، بعيدا عن برامج التليفزيون المعتادة التي تقيده بأفلام معينة، ولكن “بفضل الإنترنت أصبح هذا الاختيار متاحا للجميع وبسهولة”.

كما يرى كيركاو أنه من المرجح ألا تتحسن الأوضاع، ويقول إن “سوق تأجير أسطوانات الفيديو سيستمر في التراجع ليصبح بلا معنى”.

بينما يرى شرويدر أن متاجر تأجير أسطوانات الفيديو ستختفي من ألمانيا في غضون عشر سنوات، ويقول “إن القطاع يحتضر حاليا”. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها