علماء ينتجون الدم بكميات كافية في مفاعل بيولوجي

تصبح حياة الإنسان مهددة عادة حينما يفقد لترًا ونصف اللتر من الدم أثناء إجراء عملية جراحية أو بسبب حادث كبير، وهو ما يجعل عمليات نقل الدم ضرورية لإنقاذ الحياة.

المشكلة هي أن احتياطي الدم، في المستشفيات أو في بنوك الدم، تتناقص كل يوم، وترتفع معها نسب التلوث ومضي تاريخ الاستهلاك، وهذا قد يؤدي إلى كارثة في حالة تعرض العشرات إلى حادث خطير.

وطبيعي تتعقد الأمور وتزداد المشاكل خلال البحث عن فئات دم متطابقة في هذه الحالات. وربما أن الحل يكمن في انتاج الدم صناعياً في المختبرات، إلا أن العلماء لم ينجحوا حتى الآن في إنتاج الدم بكميات كافية.

وكتب العلماء الألمان من جامعة هانوفر في مجلة”نيتشر كوميونيكيشن” أنهم تمكنوا من إنتاج الدم مختبرياً بكميات كافية، وبحسب الحاجة أو الطلب، داخل مفاعل بيولوجي، وفق ما ذكرت صحيفة “إيلاف”، وهو دم يحتوي على كريات دم حمراء وبيضاء فاعلة مع كافة مكونات الدم البشري الأخرى.

وتنمو خلايا الدم داخل المفاعل في فترة أسبوع وتستمر في العطاء طوال أشهر، كما جاء في التقرير. وذكر نيكو لاخمان، من الجامعة الطبية في هانوفر، انهم توصلوا إلى تقنية تتيح لهم إنتاج الدم بكميات كافية وبسهولة.

خلايا جذعية متعددة القدرات

في إنتاجهم للدم الاصطناعي استخدم لاخمان وزميلته انتيه موندر الخلايا الجذعية متعددة القدرات المأخوذة من البشر. وهي خلايا جذعية في جسد الإنسان يمكن إنتاج مختلف الخلايا الأخرى منها.

وعمد الباحثان في البداية إلى إنتاج خلايا الماكروفيج (الملتهمة) من الخلايا الجذعية متعددة القدرات، وهي خلايا بيضاء تتخصص في مكافحة الجراثيم والأجسام الغريبة. وأثبتت هذه الخلايا قدرتها على التهام الجراثيم في تجارب أجريت لاحقاً على حيوانات مختبرية. ومن هذه الخلايا الملتهمة تمكن العلماء من إنتاج معظم خلايا الدم المهمة الاخرى.

وتمكنت هذه الخلايا، في التجارب على الفئران، من التهام بكتيريا سودوموناس التي تصنفها منظمة الصحة الدولية ضمن الخلايا الشديدة المقاومة للمضادات الحيوية. وفتح هذا النجاح الأبواب أمام طريقة جديدة لمكافحة بعض أنواع البكتيريا المقاومة باستخدام الماكروفيج من المفاعل البيولوجي الألماني.

ويكون علماء هانوفر بذلك قد ضربوا عصفورين بحجر. أي انهم انتجوا الدم صناعياً بكميات كافية، كما أنتجوا خلايا ماكروفيج عالية الفعالية ضد البكتيريا المقاومة.

حل لمشاكل الدم المحفوظ

جدير بالذكر أن هناك طرق سابقة بحثت عن بديل اصطناعي للدم واستخدمت مواد كيميائية بحتة في محاولة تأهيل المحلول لنقل الدم، لكنها فشلت. منها محاولة استخدام فلوريد الهيدروجين”بيرفلوركاربونات”، لكن هذه المادة لم تثبت كفاءة بالارتباط طويلاً بذرات الأوكسجين ونقلها، رغم أنها زادت من قدرة ذوبان الأوكسجين دم المتلقي. استخدام المحاليل الحليبية العالقة فشل أيضاً لأنها تقوى لفترة قصيرة فقط على نقل الدم ثم تفقد هذه الخاصية بسرعة بسبب التأكسد المستمر.

ويعتقد العلماء إن واحدة في الأقل من كل 2000 قنينة دم محفوظ تحتوي على لويحات دم Thrombocytes ملوثة بالبكتيريا، ولا وجود لفحص أكيد يمكن أن يؤكد وجود هذه الجراثيم في الدم. وكشفت دراسة بريطانية أجريت حول الموت بسبب الدم المحفوظ بين 1995-2000 ، إن 12.5% من هذه الحالات حدثت بسبب تلوث الدماء المحفوظة بالبكتيريا والفيروسات.

أما حالات الاشتباه في نقل الدم، أو نقل دم من فئة معينة إلى فئة مخالفة، فليس نادر الحدوث، لكن الدم الاصطناعي يمكن أن يقضي على هذه الظاهرة. وتنخفض نسبة هذا الاشتباه على المستوى العالمي إلى 1 لكل 10 آلاف حالة، لكنها تبقى خطرة حسب رأي العلماء.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها