ألمانيا تماطل في خطة التخلي عن الفحم لتوليد الكهرباء

اتهم حزب الخضر الألماني المعارض وزير الاقتصاد، بيتر ألتماير، بالمماطلة في الخطة المزمعة للتخلي عن الفحم في استخراج الكهرباء.

كان ألتماير، المنتمي إلى حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، أعرب السبت عن تأييده لتقييم التقدم في عملية التخلي عن الفحم بحلول العام 2030 لمراجعة أمن إمدادات الكهرباء. وقال: «بحلول عامي 2022 – 2021 سيتعين إحلال بديل لجزء كبير من الطاقة الكهربائية سيتم فقدانه بسبب التخلي عن الطاقة النووية».

وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، قال أنتون هوفرايتر، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الخضر: «السيد ألتماير يقف على طريق خاطئ في هذا الشأن، إذ إننا يتعين علينا أن نكون قد تخلينا بالفعل عن الفحم على نطاق واسع بحلول العام 2030».

وأكد هوفرايتر على ضرورة الوضوح وتوافر خطة زمنية محددة، ولا سيما بالنسبة للمناطق والقطاعات المعنية بالتخلي عن الاعتماد على الفحم في استخراج الطاقة، وقال: «السؤال يطرح نفسه حول مدى جدية الحكومة في الاضطلاع بمسؤوليتها إذا كانت ترغب في إرجاء حل المشكلات إلى المستقبل».

يذكر أن اللجنة المعينة من قبل الحكومة والتي تحمل اسم «النمو والتحول الهيكلي والتوظيف» تعتزم خلال الأيام المقبلة طرح خطة للتخلي عن توليد الكهرباء باستخدام الفحم، ومن المنتظر أن يتم التوصل إلى صيغة توافقية في هذا الشأن يوم الجمعة المقبل.

وتابع هوفرايتر: «الأمر يكاد يلامس حد السخرية الحقيقية عندما يقترح وزير الاقتصاد الآن أن تتحول نتيجة عمل اللجنة إلى تكليف بإجراء تقييم».

تجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلث الطاقة الكهربائية في ألمانيا يتم توليدها باستخدام الفحم البني والحجري.

ويعد قرار ألمانيا بإغلاق منجم «بروسبير هانيل» للفحم حجري بمثابة نقطة تحول، فمن ناحية سيؤثر سلبا على فرص التشغيل، لكن هذه الخطوة تمثل فرصة نحو الاعتماد بشكل أكبر على الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الحرارية.

وقال الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير إن إغلاق المنجم المعروف باسم «بروسبير هانيل» والواقع في مدينة بوتروب «يغلق ملفا تاريخيا وطنيا أسهم في تطوير البلاد طوال مائتي عام. ولولاه لما كانت ألمانيا قادرة على تلبية حاجاتها الطاقوية الحيوية لسائر أنشطتها الصناعية». وبإغلاق المنجم تختم حكومة برلين بالشمع الأحمر ملفا غنيا صناعيا وموجعا اجتماعيا، احتضن أكثر من ثلاثة آلاف عامل وترك آثارا أبدية في الصناعة الألمانية.

وفي هذا الصدد تقول الخبيرة الألمانية في الشؤون البيئية مارتا زوتر إن حوض الرور الذي يضم 50 مدينة، حيث توجد معظم مناجم الفحم الحجري، كان بمثابة الذهب الأسود لمجموعة «توسن كروب» الصناعية الألمانية التي تتألف من 670 شركة حول العالم. ومنذ إعادة الإعمار العام 1945 كان استخراج الفحم الحجري سوية مع صناعة الفولاذ بفضل اليد العاملة الرخيصة، قاطرة ألمانيا ولولاه لكان مصير ألمانيا، وحتى الدول الأوروبية المجاورة، مختلفا تماما عما هو عليه اليوم.

غير أنها تضيف أن «ألمانيا ستواصل استخراج الليجنيت (نوع من الفحم الحجري) لفترة محدودة. لكن المستقبل الصناعي لحوض الرور دخل برمته، سوية مع خمسة ملايين نسمة يقطنون فيه، في نفق المستقبل المجهول». لذا ينبغي على حكومة برلين العثور على بديل لسكان هذا الحوض الصناعي الذي ولّد أعجوبة اقتصادية أنقذت البلاد من الهلاك المحتم في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية وخروج ألمانيا مهزومة ومدمرة.

وتذكّر جانبا مهما قائلا: «يعتبر التخلص التدريجي والبطيء من الفحم الحجري والفولاذ من الأمثلة الأكثر رمزية في توحيد الألمان لتأسيس نظام جديد يجمع تحت سقفه السياسيين والصناعيين ورجال الأعمال ورجال الدين ونقابات العمال وتخطي أزمة هيكلية خالية من آثار جانبية جديرة بالذكر.

لكن في الماضي حيث كان استخراج الفحم الحجري في قمته بلغ حجم اليد العاملة في حوض الرور 600 ألف عامل وهوى في الأعوام الأخيرة، إلى ما دون خمسة آلاف. ما أدى إلى وصول معدل البطالة هناك إلى 10 في المائة، أي ضعف ما هي الحال عليه في مناطق أخرى ويمكن أن تزيد النسبة أكثر».

يقول الخبير الألماني الاقتصادي ميخائيل كراين إن حكومة برلين دعمت صناعة الفحم الحجري ماليا بما مقداره 46 مليار يورو منذ العام 1998.

ومن المتوقع أن يكون هناك دفعة أخرى إجماليها 2.2 مليار يورو بحلول العام 2022 فالتنظيف البيئي وإعادة التطوير الصناعي لحوض الرور بات واجبا وطنيا يحمل معه تكاليف تقع على عاتق الدولة. وتشمل الخطة الإنمائية والتطويرية لحوض الرور الجامعات والمعاهد البحثية وشركات التكنولوجيا الناشئة.

أضاف كراين: «خُمس الكهرباء المولدة بألمانيا مصدره الفحم الحجري المحروق. ولا يمكن لحكومة برلين متابعة هذا الخط الإنتاجي الطاقوي نظرا لعدم تطابقه مع سياسة تخفيض انبعاثات غاز الاحتباس الحراري. صحيح أن الليجنيت، وهو نوع من الفحم الحجري، لديه نسبة تلويث هوائي أعلى، بيد أن تكاليف استخراجه تظل رخيصة حتى في ألمانيا».

ويردف قائلا: «سيواجه أكثر من 400 منجم للفحم الحجري نفس مصير منجم بروسبير هانيل، نتيجة الضغوط الدولية الراغبة في مكافحة الاحتباس الحراري في العالم. مع ذلك يتخوف البعض بألمانيا من عدم قدرة مصادر الطاقة المتجددة على تلبية حاجات البلاد الصناعية، خصوصا أن حكومة برلين تخطط لإغلاق محطات إنتاج الطاقة النووية بحلول العام 2022… وبشكل عام، ولدت الطاقة الشمسية 40 في المائة من الكهرباء في العام 2018 مقارنة مع 38 في المائة للفحم الحجري و20 في المائة للطاقة الريحية».

اعتدال سلامة – الشرق الأوسط[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها