” فقراء ألمانيا ” .. ثورة فلاحي القرن السادس عشر

في صفحات لم تتجاوز المئة من القطع الصغير، قدم الروائي الألماني إريك فويلارد، بانورما «ثورة الفقراء الألمان في القرن السادس عشر»، وصورها لجمهور الحاضر في تناغم جمع بين السرد الروائي والنثر الأدبي، كلوحة مكتملة الأركان، تظهر معاناة الطبقة الكادحة في ألمانيا وأوروبا في فترة ما قبل اختراع الطباعة، أو فترة «الصمت والخرس» كما أطلق عليها في روايته «ثورة الفلاحين 1524» الصادرة عن دار (Acts Sud) في باريس باللغتين الألمانية والفرنسية.

حيث عانى بطل الرواية الواقعية «توماس مونتسر» الذي توفي عن عمر يناهز 35 عاماً، بعد معركة فرانكنهاوزن 1525 التي هي محور القصة، في مزج احترافي للخيال والواقع دون الإخلال بالدراما الحقيقية للقصة التاريخية.

مأساة

ليس مصادفة أن يقدم فويلارد، روايته في هذا التوقيت تحديداً، حيث أكد في حوار صحفي، أنه تعمد أن يصدر روايته التي عرضت في المكتبات الفرنسية ابتداء من يوم 15 يناير الجاري، وانتشرت سريعاً في العديد من الدول الأوروبية بينها ألمانيا، حيث خرج العمال يطالبون بالعدالة الاجتماعية، تماماً كما خرج الفلاحون في ألمانيا عام 1524 يقودهم «توماس مونتسر»، متحصنا بالمهمشين والضعفاء والفلاحين والمتسولين، في مواجهة جيش المشاة الألماني والنبلاء الذين تملكهم الجشع.

وعلى الرغم من مطالبهم المشروعة إلا أنهم «سحقوا» بكل قسوة، لينتصر الشر في النهاية، وأعدم مونتسير وسط الجموع بعد انهيار الثورة، وسبقه إلى الموت 4000 فلاح، في مأساة تجسد الوجه القبيح للانتهازية السياسية والجشع الطبقي.

سلاح السخرية

ورغم قتامة القصة الحقيقية لثورة الفلاحين عام 1524، تمكن الروائي إريك فويلارد، بعباراته الساخرة، وأبيات الشعر والنثر الأدبي التي تضمنت هتافات الفلاحين الغاضبين وسخريتهم من الواقع، أن يكسر قتامة المشهد ومرارة المأساة، كما قدم سرداً خفيفاً رشيقاً لحياة بطل القصة الذي ولد في قرية «شتولبيرغ» المتاخمة لجبال هارتس في تورنغن (في ألمانيا الحالية) لأبٍ حرفي ميسور الحال وأمٍ فلاحة.

ثم التحق عام 1506 بجامعة لايبزغ، وبعد التخرج انضم إلى جامعة فيادرينا في مدينة فرانكفورت ليحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة، وخلال دراسته أجاد اللغات «اليونانية والعبرية واللاتينية».

وفي عام 1513 أصبح كاهناً «بسانت ميشايل» في مدينة براونشفايغ في مايو من سنة 1514، وتأثر بأندرياس كارلشتات ومارتن لوثر، فاتفقوا على معارضة الكنيسة الكاثوليكية في بيعها لصكوك الغفران وإساءة استخدام السلطة.

وكان السلاح الأبرز في هذه المعركة هو «السخرية» في ثوب أدبي «شعر ونثر» تناقلته ألسنة المحتجين، بصورة وصفها فويلارد في نهاية كتابه بأنها «قطعة من الحاضر»، وفصل تمهيدي لرواية احتجاجات أصحاب السترات الصفراء، التي تمنى أن لا تنتهي بمأساة ثورة الفلاحين في ألمانيا عام 1525، مؤكداً أن «السخرية» سلاح موجع.

مريم بومديان – البيان الإماراتية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها