ألمانيا: مطالب بتعيين رجال دين مسلمين داخل الجيش
حوالي 1500 مسلم ومسلمة متطوعون داخل الجيش الألماني، واحدة منهم هي ناريمان راينكه التي وُلدت في 1979 من أب وأم مغربيين في ألمانيا وانضمت عام 2005 للجيش.
وخدمت ناريمان لفترتين زمنيتين مختلفتين في أفغانستان، وتقول بأن الظروف ليست دوماً سهلة داخل الجيش: “أتصور دائماً في مخيلتي أنني قد أموت خلال تدخلاتي العسكرية، ولكي أُدفن حسب تعاليم ديني، وليس كزملائي المسيحيين بالزي العسكري في تابوت، اتخذت بعض الإجراءات، ومن أجل غسل جثتي ولفها في كفن، اتخذت خلال تدخلاتي في أفغانستان جميع الإجراءات، وكنت أحمل كفني دائماً في حقيبتي”.
وبالنسبة إلى زملائها الكاثوليك والبروتستانت يعتمد الجيش الألماني على خدمات قساوسة. وهذه الخدمة ليست متاحة بعد للجنود مسلمين.
وتقول ناريمان راينكه التي تعمل كملازمة في البحرية بأنه غالباً ما سلطت الضوء على هذا النقص الحاصل، وتفيد بأن عدم الاستجابة لهذه المطالب يخيب أمل زملائها المسلمين.
“القانون الأساسي” (الدستور) الألماني لا يضمن فقط حماية حرية التدين، بل يشمل المساواة بين جميع الأديان أمام القانون وأن يمارس كل شخص شعائره الدينية بلا قيود، وبعد المسيحيين يشكل المسلمون أكبر مجموعة دينية داخل الجيش الألماني، وبالنظر إلى مبادئ القانون يطالب الجنود المسلمون بالتالي بتوظيف أئمة كمشرفين على الرعاية الروحية للجنود.
وراينكه هي أيضاً رئيسة جمعية “جندي ألماني” التي تضم جنوداً ألمان من خلفيات مهاجرة وتعمل من أجل اندماج ناجح داخل المجتمع. وكرئيسة للجمعية سبق وأثارت ناريمان الموضوع مع وزيرة الدفاع الألمانية، أورزولا فون دير لاين، إلا أنها تقول إنه لم يحصل تقدم في السنوات السبع الماضية.
وجواباً على سؤال من “DW” أفادت وزارة الدفاع الألمانية أنها تجري حالياً مفاوضات بهذا الخصوص مع “مؤتمر الإسلام الألماني” (DIK)، إذ يتم الحديث عن ضرورة توظيف أئمة مسلمين في الجيش الألماني وشروط التوظيف، إلا أن مؤتمر الإسلام الألماني يقول في المقابل إن الحكومة لا تولي القضية الاهتمام الكافي.
برهان كسيدجي، رئيس المجلس الإسلامي الذي هو أحد الاتحادات الإسلامية الكبرى المشارك في مؤتمر الإسلام الألماني أوضح أن الحكومة الألمانية طلبت تعيين أعضاء مجموعة استشارية تهتم بهذا الموضوع، وبعدها لم تفعل الحكومة أي شيء.
وتؤكد الحكومة باستمرار على أنها تدعم التنوع الثقافي لجنود الجيش الألماني وتدعم الجنود من أصل أجنبي، وحقيقة عدم إحراز الحكومة أي تقدم في توظيف أئمة يشرفون على العناية الروحية بالجنود يُقابل بانتقاد من أحزاب المعارضة، ويقول توبياس ليندنر، المتحدث باسم الخضر للشؤون الأمنية: “حان الوقت لقبول التنوع الديني والاحتفاء به”.
وحتى الحزب الاشتراكي الديمقراطي يساند قضية توظيف مشرفين على الرعاية الروحية للمسلمين في الجيش، وأوضح فريتس فلغينتروي، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي لشؤون الدفاع، بأن هناك حاجة لتوضيح بعض الأمور مثل من سيعين الأئمة ومن سيدفع رواتبهم، وقال بأن القضية الرئيسية تتمثل في “أين سيجد الجيش الأئمة الذين يثق بهم الجنود ويقبل بهم؟”، كما يقول فلغينتروي.
وذكر هذا المسؤول بأن هناك عقوداً رسمية مع الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية تسمح بتوظيف مشرفين على الرعاية الروحية للجنود المسيحيين، ويضيف بأن المسلمين ليس لديهم اتحاد واحد يلم شملهم، بل تتقاسم عدة منظمات تمثيلهم، وعلى هذا الأساس لا يمكن تطبيق النموذج المسيحي على المسلمين في الجيش ألألماني.
غالبية المسلمين المقيمين في ألمانيا ينتمون للاتحاد الإسلامي التركي (DITIB)، وهو أكبر منظمة سنية إسلامية في ألمانيا ظلت حتى قبل سنوات قليلة المُخاطب الأول للسلطات الألمانية في القضايا الهامة المطروحة، إلا أن العلاقات بين أنقرة وبرلين تدهورت مؤخراً، كما ازدادت الشكوك حول قضية أن الاتحاد الإسلامي التركي يتدخل أكثر في الشؤون السياسية ويخضع لتعليمات الحكومة التركية، وهذا كله أدى بالحكومة الألمانية إلى تجميد التعاون مع الاتحاد.
وتوافق المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ووزير داخليتها على تأهيل أئمة في ألمانيا بهدف الاستقلال عن أي تبعية أو ضغط خارجي، غير أن ناريمان راينكه تعتبر أنه لا يجب وقف مسألة توظيف أئمة داخل الجيش بسبب هذا النوع من النقاشات، وذكرت بأنه تم في السنوات الماضية تكوين العديد من الأئمة في جامعات ألمانية بالرغم من وجود تحفظات أمنية. (DW / ديغر أكال)[ads3]