أول انقراض لحيوان ثديي بسبب التغير المناخي

أعلنت #أستراليا هذا الأسبوع رسمياً، عن انقراض القارض الصغير “برامبل كاي”، ليصبح بذلك الأول من بين الأنواع الكثيرة من الثدييات المتوقع انقراضها بسبب التغير المناخي، بحسب ما نشرت صحيفة Financial Times البريطانية.

عاش فأر “برامبل كاي” على جزيرة صغيرة بالقرب من الحيد المرجاني العظيم في أستراليا، يبحث عن الطعام بين النباتات المتناثرة، في بادئ الأمر، لاحظ علماء حكومة ولاية كوينزلاند الأسترالية اختفاء القوارض عام 2016، وعزوا الخسارة الكبيرة في المواطن الطبيعية واختفاء الكثير من أجناس الحيوانات إلى ارتفاع مستوى البحر، وزيادة شدة الظواهر الجوية وتكررها، ومن ضمن ذلك العواصف الشديدة.

ولم تتلقَّ خطة سنة 2008 لاستعادة القوارض أي تمويل حكومي، وهو ما يعني أن خطط تربيتها بصورةٍ ممنهجة لم تُطبَّق على أرض الواقع.

يقول جون ووينارسكي، عالِم الأحياء بجامعة تشارلز دارون، الذي درس هذه القوارض: “كان من الممكن الحيلولة دون انقراضها بسهولة، إذ إن عدم استقرار هذه الفصيلة كان معروفاً”، وأضاف: “من شبه المؤكد أن التغير المناخي سيؤدي إلى تسريع معدل انقراض الأنواع المختلفة”.

ففي تقرير صادر عن باحثين بجامعة كونيتيكت عام 2015، توقع الباحثون أن 8% من الأنواع العالمية ستنقرض بسبب التغير المناخي، وأن أكثر المناطق عرضة للخطر هي: أستراليا، ونيوزيلندا، وأمريكا الجنوبية. ووُجِدَ أن الأنواع المتوطنة في نطاقٍ محدود من المواطن الطبيعية ستكون هي الأكثر تعرضاً للخطر، لأنها تكافح من أجل التغلب على تغيرات درجة الحرارة، وفيض مياه البحار، والأحداث المناخية القاسية.

وفي دراسة منفصلة لـ17 ألف نوع من الطيور والمرجان والبرمائيات، أجراها الاتحاد الدولي لحفظ البيئة، تبين أن نسبة 6% إلى 9% من الطيور، و11% إلى 15% من البرمائيات، و6% إلى 9% من الشعاب المرجانية كانت شديدة التأثر بالتغير المناخي ومهدَّدة بالانقراض بالفعل.

يقول مارك أوربان، أستاذ علم الأحياء المشارك في جامعة كونيتيكت: “إن مصير القوارض ما هو إلا قصة تحذيرية، إذ من المرجح أن يختفي كثير من فصائل الجزر الأخرى، بسبب المد المتصاعد للتغير المناخي”.

وقال أوربان إن خسارة بعض الأنواع يعتمد على بعض العوامل؛ لكن العامل الأهم هو مقدار ما سيسمح به البشر من ارتفاع في درجات حرارة الأرض.

وأضاف، وفق ما اورد موقع “عربي بوست”: “الأغرب هو أن خطر الانقراض لا يرتفع خطياً مع كل درجة إضافية في حرارة الأرض؛ وإنما يتسارع. وإذا تابعنا مسارنا الحالي، فقد نفقد واحداً من كل 6 أنواع”.

يشكل الاحتباس الحراري خطراً على الحيوانات التي تستوطن أماكن باردة، حيث يغير كثير منها سلوكياتها من أجل التكيف. فمع ذوبان صفائح الجليد القطبي، تضطر الدببة القطبية إلى البحث عن مصادر جديدة للطعام في المستوطنات البشرية أو بالقرب منها في الغالب.

ويضطر البيكا الأمريكي -وهو حيوان يشبه الأرنب ويعيش في غرب الولايات المتحدة- إلى الانتقال إلى ارتفاعاتٍ أعلى، لضمان ألَّا يقتله فروه الدافئ بسبب الطقس الحار. ويحذر العلماء من مخاطر انتهاء الأنواع الموجودة في الأراضي المرتفعة والباردة.

إذ تمثل الحرارة الشديدة خطراً مميتاً مع ارتفاع درجة الحرارة خلال السنوات الخمس الماضية إلى مستويات هي الأدفأ في العصر الحديث، وفقاً لوكالة ناسا، فقد ماتت نصف الشعاب المرجانية في الحيد المرجاني العظيم منذ 2016، بسبب التبييض والإجهاد الحراري، وهي كارثة بيئية تهدد بيئات طبيعية لكثير من الأنواع، من ضمنها سمك المهرج والسلاحف البحرية.

يقول الخبراء إن أستراليا نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي، وواحدة من 17 دولة مسؤولة عما يقدر بـ70% من نباتات العالم وحيواناته. لكن حجمها، وبُعدها، وطقسها الشديد يجعلها ضعيفة أمام الانقراض المرتبط بالتغيرات المناخية.

يقول إيفان جوارتيرماين، من جمعية الرفق بالحيوان الدولية، وهي جهة خيرية مهتمة بالحيوانات المهدَّدة بالانقراض: “ماتت بعض الثعالب الطيارة حرفياً، بسبب غليانها حية تحت درجات الحرارة البالغة 42.5 التي ضربت كيرنز في نوفمبر/تشرين الثاني 2018”.

وأضافت في هذا الأسبوع كانبرا ذلك النوع إلى قائمتها للحيوانات المهدَّدة بالانقراض.

تعاني أيضاً الولاية الأسترالية الشرقية الجفاف الشديد الذي يدمر أكبر مجرى مائي لديها، وهو حوض موراي-دارلينغ، الذي يعتبر موطناً لأسماك الموراي، وهي أسماك تعيش في المياه العذبة عدَّها الاتحاد الدولي لحفظ البيئة ضمن الفصائل المهدَّدة بالانقراض بشكل خطير.

يقول العلماء إن أفضل الطرق للحد من خطر الانقراض الجماعي الناتج عن التغير المناخي هو خفض انبعاث الغازات الدفيئة، وإبطاء وتيرة الاحترار العالمي، ومنح الأنواع مزيداً من الوقت للتكيف مع درجات الحرارة المتزايدة.

وقالت رئيسة لجنة بقاء الأنواع بالاتحاد الدولي لحفظ البيئة، ويندي فودن: “تتكيف كثير من الأنواع بالفعل مع ارتفاع درجات الحرارة من تلقاء أنفسها، ولكن هذا يستغرق وقتاً، ومن الضروري أن نوفر لهم ذلك قدر الإمكان”.

وأضافت أنه بإمكان بيئات الحماية أن تبني مرونة الأنواع، مشيرةً إلى أن الانقراض يرجع إلى عوامل عديدة، وذكرت فودن أن الحاجة لمزيد من العمل لا تزال قائمة، لتحليل الأنواع الأكثر عرضة للخطر، وتنفيذ استراتيجيات الحفاظ عليها وإبقائها على قيد الحياة.

وأوضحت أن “الخطر هو أننا في الغالب لا نستطيع معرفة متى تكون الأنواع معرضة للخطر بسبب الظروف الجوية القاسية”. وتابعت قائلةً: “كنا نظن أن الثعلب الطيار المذهل آمناً حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2018”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها