الإسعاف الطائر .. مشروع رائد في ألمانيا لتحسين فرص إنقاذ مصابي السكتة الدماغية

اطلع أخصائي الأشعة العصبية بالفعل على صور الأشعة المقطعية المُحوسبة الخاصة بالمريضة، وكان يعلم مكان التخثر في المخ.

لم تمض سوى 35 دقيقة على انطلاق الطائرة العمودية من ميونخ، حتى أصبح الطبيب الجراح مستعدا لإسعاف المريضة في غرفة العمليات بمستشفى روزنهايم، حيث كانت المريضة بالفعل تحت تأثير التخدير، مما يعني أن باستطاعة الطبيب البدء في الجراحة العاجلة.

نجح الطبيب باستخدام قسطرة في استبعاد التخثر الدموي من مخ المريضة، وعاد الدم للتدفق إلى المخ.

كانت هذه المريضة واحدة من بين 60 مريضا حتى الآن، أسعفهم فريق السكتة الدماغية الطائر، التابع لمستشفى ريشتس دير إزار الجامعي ومستشفى ميونخ هارلاخينج.

يطير هؤلاء الأطباء بمروحيتهم منذ عام للمرضى بمستشفيات في مدن مجاورة بولاية بافاريا.

تبين التحليلات الأولية أن عملية الإنقاذ استغرقت 56 دقيقة في المتوسط منذ انطلاق عملية الإنقاذ وبدء التشخيص وحتى التدخل الجراحي، في حين أنه إذا نقل المرضى للأخصائيين في ميونخ فإن العملية تستغرق 166 دقيقة في المتوسط.

يقول هوبرت: “نعلم منذ سنوات أن الوقت مهم للغاية في معالجة السكتة الدماغية”.

في معظم حالات الإصابة بالسكتة الدماغية يحدث تخثر في الدم في الدماغ مما يحول دون تدفق الدم إلى المنطقة المصابة بالمخ بالشكل الكافي، ويؤدي إلى وفاة نحو مليوني خلية في المخ في كل دقيقة.

أضاف هوبرت: “كلما انتظرنا أطول حتى يتم فتح الوعاء المتخثر، كلما مات عدد أكبر من خلايا المخ”.

يعالج الأخصائيون المرضى المهددين بتخثرات كبيرة في الدم منذ سنوات عديدة من خلال استئصال الخثرة، حيث يدخلون قسطرة في الشريان الفخذي حتى مكان التخثر في المخ، حيث تتم إزالة الخثرة بأدوات خاصة، ولكن أطباء المراكز الطبية الكبيرة فقط هم القادرون حتى الآن على استخدام هذه الطريقة.

يؤكد فولف روديجر شيبيتس من الجمعية الألمانية للسكتة الدماغية أن إزالة الخثرة بالجراحة حققت نجاحات جيدة جدا في حالات بعينها “فعندما تنفذ هذه الطريقة بنجاح، يمكننا في الحالات المثلى تحقيق تحسن واضح في درجة الإعاقة في حالة من كل حالتي إصابة بالسكتة الدماغية”.

وأوضح شيبيتس أن 3 إلى 5% من هؤلاء المرضى يمكن أن يستفيدوا من القسطرة.

ويعتبر ذهاب الأخصائيين للمرضى في المستشفيات الصغيرة بولاية بافاريا أمرا جديدا في عالم الطب، حيث يؤكد هوبرت أنه لا يعرف أن هناك مشروعا مشابها، وقال إنه سمع حتى الآن عن حالة فردية فقط في الولايات المتحدة انتقل فيها طبيب جوا لإجراء جراحة لمريضة.

تبلغ تكلفة هذا المشروع عدة ملايين سنويا، ويتم بتمويل من شركات التأمين الصحي ودعم من حكومة ولاية بافاريا.

وتوقع هوبرت أنه من الممكن توفير النفقات العالية للرعاية الصحية التالية للإصابة عندما تتأكد مسألة اختصار الوقت، مضيفا: “علينا أيضا حساب نفقات الرعاية الصحية التالية للإصابة؟” وقال إنه من الضروري أولا تحليل نتائج المشروع على مدى العامين القادمين من أجل توفر بيانات أكيدة بشأن جدوى المشروع.

وأوضح شيبيتس أن المشروع يمكن أن يوفر علاجا بالغ الأهمية بالنسبة لحياة المرضى “حيث يمكن أن يؤدي إلى إغاثتهم بشكل أسرع، مما يؤدي لخفض الأضرار الناتجة عن الإصابة”.

غير أن الطبيب الألماني أشار في الوقت ذاته إلى ارتفاع تكاليف المشروع وقال إنه يحتاج أيضا لتضافر جهود الكثير من الجهات لعلاج مريض واحد فقط.. لذلك فأنا أعتقد أن هذا المشروع يصلح أكثر للمناطق ذات البنية التحتية الضعيفة والمناطق كثيفة السكان”.

ولكن شيبيتس توقع أن يطبق المشروع في مناطق قليلة في ألمانيا مبررا ذلك بتحسن فرص العناية الصحية لمصابي السكتة الدماغية، وقال إن هناك العديد من الأفكار الجيدة لاختصار الوقت الذي يفصل بين التشخيص والعلاج، مشيرا إلى أن انتقال الطبيب لمريضه يتم بالفعل بالسيارة في الوقت الحالي في مدن ألمانية مثل هايدلبرج وهامبورج، في حين أن هناك في ولاية برلين و ولاية زارلاند سيارات خاصة لمصابي السكتة الدماغية، يتم فيها معالجة المرضى فورا. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها