صحيفة أمريكية : استراتيجية أمريكية جديدة لإخراج إيران من سوريا
حض رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي والمسؤول السابق في البنتاغون مايكل ماكوفسكي، الولايات المتحدة على تبني استراتيجية جديدة لإخراج إيران من سوريا، يتمثل جانب منها في زيادة الضغط على بشار الأسد حتى يشعر بأن وجود إيران في سوريا يهدد بقاء نظامه.
أما الجانب الآخر من الاستراتيجية، فيتمثل في مساعدة إسرائيل في جهودها لطرد إيران من سوريا.
واعتبر الكاتب أن هذه الاستراتيجية الجديدة يمكن تنفيذها من دون زيادة أعداد القوات العسكرية البرية الأمريكية في سوريا.
ويشير ماكوفسكي، في مقال بصحيفة “واشنطن إكزامينر” الأمريكية، إلى أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبقاء مئات من الجنود الأمريكيين في سوريا كان صائباً، ولكن هذه القوات ستظل في حالة دفاعية إلى حد كبير، لمنع الوضع من التدهور إلى الأسوأ، أي عودة تنظيم داعش الإرهابي، أو هجوم تركيا على الأكراد (حلفاء الولايات المتحدة) أو توسع النفوذ الإيراني بشكل أكبر.
وبحسب المقال، فقد شرعت إسرائيل في استراتيجية جديدة لطرد إيران من سوريا؛ إذ تشن منذ سنوات حملة مكثفة لتقويض أهداف طهران الطموحة في سوريا والمتمثلة في زيادة كفاءة الترسانة العسكرية لميليشيا حزب الله بشكل كبير وإنشاء قاعدة عمليات ضدها. وعمدت إسرائيل إلى شن مئات الغارات الجوية في سوريا ضد قوافل الأسلحة الإيرانية والقواعد والدفاعات الصاروخية ومصانع الصواريخ الدقيقة وحتى الأفراد.
ومع ذلك، ثمة حدود لما يمكن أن تحققه إسرائيل، ولا شك في أن الأخيرة حرمت طهران من تحقيق بعض الأهداف، ولكنها لا تستطيع بمفردها إنهاء الوجود الإيراني بالكامل من سوريا.
وينقل كاتب المقال عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى أن إسرائيل تبنت أخيراً نهجاً جديداً لطرد إيران من سوريا يعتمد على الاستمرار في استهداف الأصول الإيرانية مباشرة والضغط على بشار الأسد لطرد إيران من سوريا.
وترى إسرائيل أنه بإمكان الأسد إجبار إيران على الخروج من سوريا إذا اقتنع أن وجودها لن يخدم مصالحه. كما تراهن إسرائيل على رغبة الأسد في إنهاء هذا الصراع وإضفاء الشرعية على حكمه داخلياً ودولياً وجذب الدعم الاقتصادي والاستثمار الأجنبي للبلاد، وإذا بات ترسيخ الوجود الإيراني في سوريا عقبة أمام استقرار النظام السوري، فإن الأسد سيكون على استعداد لطرد إيران بمساعدة روسيا.
وانطلاقاً من ذلك، تتوسع استراتيجية إسرائيل تدريجياً لاستهداف أصول نظام الأسد، حيث هاجمت في يناير (كانون الثاني) الماضي مستودعات الأسلحة الإيرانية قرب مطار دمشق، وأسفرت هذه الضربة عن القضاء على تلك الأسلحة، ولكنها في الوقت نفسه كانت بمثابة رسالة للأسد عن حجم الدمار الذي يمكن أن يلحق بالحياة اليومية السورية بسبب الحملة الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا.
ويعتقد بعض المسؤولين الإسرائيليين أن هذه الاستراتيجية بدأت بالفعل تؤتي ثمارها؛ إذ أجبرت إيران على نقل مركز إمدادات الأسلحة من مطار دمشق إلى قاعدة جوية معزولة في عمق سوريا.
وعلاوة على ذلك، نقل فيلق القدس الإيراني مركز عملياته إلى حد كبير من سوريا إلى العراق، وهذا يبرر أهمية استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق والمعابر الحدودية إلى سوريا حول قاعدة التنف.
ويلفت كاتب المقال إلى أن ضغط إسرائيل المتزايد على الأسد يؤدي إلى زيادة الضغط أيضاً على روسيا التي تعتبر استقرار النظام العلوي من مصلحتها. وتسعى إسرائيل إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وهي مناورة محفوفة بالمخاطر الشديدة بالتأكيد، وبخاصة أن إسرائيل اختبرت مخاطر تغيير نظام الحكم في حرب لبنان عام 1982.
يذكر المقال أن إسرائيل لم تطالب بإطاحة الأسد عندما اندلعت الحرب، لأن الحدود السورية ظلت هادئة طوال أربعة عقود من حكم عائلة الأسد، ولكن إسرائيل شعرت بالقلق والتهديد، لأن ثمن بقاء نظام الأسد في السلطة كان ترسيخ الوجود الإيراني، مما جعل الصراع الإيراني الإسرائيلي أكثر احتمالاً من أي وقت لاسيما أن إيران تواصل تطوير برنامجها النووي، ولذلك تسعى إسرائيل الآن إلى تدمير انتصار طهران في تأمين بقاء نظام الأسد.
ويشير مقال الصحيفة الأمريكية إلى أن إسرائيل لا ترهن حملتها ضد إيران أو الأسد أو حزب الله ببقاء القوات العسكرية الأمريكية، لأن صانعي السياسة الأمريكيين يعتبرون أن النقاش حول نشر القوات الأمريكية ليس في محله، وبدلاً من ذلك ينبغي التركيز على استخدام جميع الأصول الموجودة في المنطقة لتحقيق الأهداف.
وتحض إسرائيل الولايات المتحدة على مساعدتها لضمان نجاحها في مواجهتها المتزايدة مع إيران، حيث إن هذا الأمر يخدم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وذلك من خلال تعزيز قدرات إسرائيل وإمدادها بالجزء الأكبر من المساعدات العسكرية الأمريكية البالغ قدرها 38 مليار دولار بدلاً من تقديمها على فترات متباعدة على مدار السنوات العشر المقبلة، إلى جانب تحسين تبادل المعلومات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتحديث الذخائر الأمريكية الموجودة في إسرائيل والتي يمكن للأخيرة استخدامها في الحالات الطارئة.
ويضيف كاتب المقال أنه يمكن الولايات المتحدة تعزيز موقفها والردع الإسرائيلي من خلال نقل مدمرات الدفاع الصاروخية الأمريكية من طراز “إيغيس” إلى ميناء حيفا في إسرائيل، ولكن على إسرائيل أولا معالجة مشكلة الصين، وعلى الولايات المتحدة أيضاً أن توضح لروسيا أنها تؤيد تماماً الضربات الإسرائيلية داخل سوريا.
ويختتم المقال أنه من الأجدر بالولايات المتحدة أن تدعم جهود إسرائيل في سوريا لتقويض التوسع الخطير للنفوذ الإيراني، وكذلك الاستعداد للمواجهة الأكبر مع إيران. (24.ae)[ads3]