خفض الضرائب في ألمانيا
إن ضعف الاقتصاد قد أعاد إحياء الجدل القديم المتعلق بما اذا كانت ألمانيا بحاجة لإعفاء ضريبي ملموس للقوى العاملة والمؤسسات فيها من اجل ان تحافظ على تنافسيتها على المستوى العالمي؟ أو رفع الضرائب من اجل توفير المزيد من الاموال للبرامج الاجتماعية والاستثمار العام؟
إن الضرائب الأعلى تتيح الفرصة لمزيد من الانفاق الحكومي بينما الضرائب الاقل تحد من قدرة الدولة على الانفاق والخيار في هذا الشأن هو خيار سياسي ولكن هناك نهج عام واحد قد يحظى بدعم كافة الاحزاب في المانيا وهو التحقق من ان حصة القطاع العام من الناتج الاقتصادي لن تزيد أو تنخفض في المدى المتوسط.
في واقع الأمر فإن نسبة الضرائب ومساهمات الضمان الاجتماعي للناتج المحلي الاجمالي في المانيا في ازدياد منذ سنوات. ان النقطة المرجعية من اجل اتخاذ قرارا يتعلق بالعبء الضريبي الاجمالي يمكن ان تكون سنة 2014، حيث انخفض في تلك السنة صافي الدين الجديد للميزانية الفيدرالية الى الصفر وفي ذلك الوقت فإن العائد الضريبي (بما في ذلك المساهمات) وصل الى 38،6% من الناتج المحلي الاجمالي وبحلول 2018 ارتفعت النسبة الى 39،8%. لكن ما هي الضريبة التي يمكن خفضها؟ ان الغاء ضريبة التضامن وهي ضريبة اضافية على ضريبة الدخل يمكن ان تشكل بداية طيبه لذلك فلقد تم فرض تلك الضريبة على اساس انها ستفرض بشكل مؤقت لتمويل اعادة بناء المانيا الشرقية بعد التوحيد والان بعد ثلاثين سنة فلقد حان الوقت للوفاء بالوعد.
ان الحجة بأن وقف ضريبة التضامن هو بمثابة «هدية للأغنياء» غير مرحب بها تنطوي على تلاعب بالحقيقة. إن الحقيقة هي ان فرض تلك الضريبة كان اجراء خاص أثر على غالبية «الاغنياء». ان اي حزب سياسي الماني متحمس لفرض الضرائب على اصحاب الأجور المرتفعة يجب ان تكون حملته قائمة على اساس اصلاح معدلات ضريبة الدخل وليس منع التخلص من ضريبة التضامن والتي تأخرت الدولة في التخلص منها.
إن الرأي القائل بأن من المنطقي اكثر توجيه الاموال التي يتم جمعها من ضريبة التضامن للاستثمارات العامة هو رأي غير مقنع وذلك لأنه لا يوجد نقص في الاموال المخصصة للاستثمارات وفي الوقت نفسه فإن نفقات الاستهلاك النهائي للحكومة قد ازدادت بشكل كبير وبرامج اعادة التوزيع عادة ما تفشل في استهداف الفقراء. ان فشل مشاريع البنية الأساسية في المانيا يعود الى عمليات التخطيط المطولة ومقاومة المجتمعات المحلية وليس لنقص الاموال.
ان هناك حاجة للقيام بعمل عاجل فيما يتعلق بضريبة الشركات، ففي المانيا تصل الضريبة القياسية على الارباح التي تحتفظ بها الشركات حاليا الى 30% وهو اعلى بكثير من الدول المشابهة وبين دول مجموعة السبعة الكبار فقط فرنسا (33%) لديها معدل اعلى علما انها ستنخفض الى 28% في السنوات المقبلة مع تخفيضات اضافية تم الاتفاق عليها بالفعل ليصل المعدل الى 25%. ان منع حصول انخفاض في العائدات الضريبية، وذلك بسبب قيام الشركات بنقل ارباحها للخارج ومن أجل إبقاء الاستثمارات والوظائف في المانيا يتوجب على الحكومة الفيدرالية ان تحذو حذو فرنسا، وذلك من خلال التخفيض التدريجي للعب الضريبي على الشركات ليصل الى 25%.
إن معارضي اصلاحات ضريبة الشركات يؤكدون ان الفائض المرتفع للصادرات الألمانية يظهر انه لا توجد حاجة لجعل اقتصادها اكثر تنافسية ولكن هذا خطأ فأي شخص يتبنى هذا الطرح يخلط بين امكانيات الشركات التصديرية وجاذبية المانيا كموقع للاستثمار والوظائف.
ان فائض الصادرات لألمانيا يرافقه صافي صادرات رؤوس الأموال، وذلك لإن هناك استثمارات اكثر في الخارج من المانيا نفسها وتخفيض ضرائب الشركات سيغير ذلك فطبقا للتقديرات الحالية لو انخفض معدل الضريبة من 30% الى 25% فإن الشركات في المانيا قد تزيد استثماراتها بنسبة قد تصل الى 14% والأكثر من ذلك وبسبب انخفاض التهرب الضريبي فإن الارباح المسجلة في المانيا سترتفع بنسبة 4% تقريبا. أي بالاجمالي فإن هذا يعني ان اصلاحات ضريبة الشركات لن يكون لها اي تأثير سلبي على الايرادات.
واخيرا هناك حجة مقنعة نهائية للاعفاء الضريبي وهي ان مثل هذا الاعفاء سيجبر السياسيين الالمان على اعادة النظر في الانفاق والاولويات الحكومية الحالية عوضا عن استعدادهم الدائم لتقديم برامج إنفاق جديدة وذلك بسبب ان الاموال الوفيرة تبدو متوفرة دائما.
كليمنس فوست – رئيس معهد أيفو وأستاذ الاقتصاد في جامعة ميونخ
* عن صحيفة الشبيبة العمانية.[ads3]