ألمانيا : هل ستتم مراقبة الأطفال الذين يتبنون فكراً متطرفاً أو يخشى من تطرفهم ؟!

أبدى وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، رغبته في أن يصبح من حق هيئة حماية الدستور ” الاستخبارات الداخلية” الاحتفاظ ببيانات الأطفال الذين يُخشى أن يتطرفوا في شبابهم، أو الذين يتبنون بالفعل فكراً متطرفاً، الأمر الذي لا يسمح به القانون في ألمانيا في الوقت الحالي.

فعلى الرغم من أن القانون يسمح حالياً بتسجيل الأمور الأمنية ذات الصلة بالأطفال في ملفات هيئة حماية الدستور، إلا أنه يحظر تسجيل هؤلاء الأطفال في نظام المعلومات الاستخباراتي.

كانت الفكرة وراء اعتماد سن 14 عاماً كحد أدنى للأشخاص الذين يُسمح حالياً بمراقبتهم من قبل هيئة حماية الدستور، هي أنه يجب ألا يكون التلقين الذي تعرض له شخص ما في طفولته من قبل والديه، أو رصده من قبل رادار هيئة حماية الدستور أثناء مروره بفترة من الاضطراب الفكري في مقتبل حياته، سبباً في تضرر هذا الشخص، على سبيل المثال عند تعامله مع سلطات الأجانب، أو عندما يتقدم كشخص بالغ لشغل وظيفة يتطلب شغلها إجراء تحريات أمنية بشأن المرشحين لشغل الوظيفة.

وعلى الرغم من ذلك، ترى هيئة حماية الدستور أن التخلي عن قيد السن أمر له ما يبرره، وضروري حتى تتمكن الدولة من مراقبة الأطفال الذين نشأوا في وسط إسلامي متشدد، وهم من ناحية أطفال السلفيين الأصوليين الذين تربوا في ألمانيا على كراهية “الكفار” المزعومين.

ولكن السلطات الأمنية تريد، من ناحية أخرى، الاستعداد للعودة المحتملة لعشرات الأطفال الذين التحق “آباؤهم الجهاديون” بتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في العراق وسورية، حيث إن هؤلاء الأطفال كانوا قريبين جداً من أحداث بشعة.

كما أن هناك مجموعة أخرى من الأطفال مستهدفة، وهم الأطفال الذين يتبنون الفكر المتطرف وحدهم، سواء عبر الإنترنت أو المساجد التي ظن آباؤهم خطأ أنها غير مشبوهة.

كما أنه لا يستبعد أن يكون للغرباء تأثير على الأطفال الأصغر سناً، وهو ما تبين على سبيل المثال من خلال التحقيقات بشأن الهجوم الإرهابي الذي وقع في سوق أعياد الميلاد بميدان “برايتشايد بلاتس” في العاصمة الألمانية برلين، حيث اتضح في أعقاب جريمة الدهس الإرهابية أن بلال بن عمار، أحد المعارف التونسيين لمنفذ الهجوم، التونسي أنيس العمري، قد “مثَّل” أثناء تواجده في معسكر للاجئين في مدينة برلين مع فتى وطفل عمليات قطع الرأس على غرار ما يفعله تنظيم الدولة.

وربما طالت اللائحة الجديدة في بعض الحالات الفردية أيضاً أطفالاً تم تلقينهم الفكر المتطرف على يد متطرفين يمينيين.

وكان قد تم خفض الحد الأدنى للرقابة من قبل هيئة حماية الدستور عام 2016 من 16 إلى 14 عاماً.

وأفادت الحكومة الألمانية في معرض ردها على طلب إحاطة من البرلمانية، أولَّا يِلبكِه، النائبة في البرلمان الألماني عن حزب اليسار، أنها حفظت منذ 27 أيار 2016 بيانات عن ثمانية فتية في سن 14 عاماً، و27 فتى في سن 15 عاماً، في إطار المراقبة من قبل هيئة حماية الدستور.

وقالت الحكومة إن ثلاثة من هؤلاء صنفوا ضمن أنصار الفكر اليميني المتطرف، فيما صنف الآخرون ضمن مؤيدي الفكر الإسلامي المتشدد والإرهاب الإسلامي.

وألغت ولاية بافاريا الحد الأدنى للسن المسموح بمراقبته من قبل هيئة حماية الدستور بالفعل في حزيران 2016.

أما التدبير الجديد المخطط له على مستوى ألمانيا الاتحادية كلها فهو جزء من مسودة قانون تقدمت به وزارة الداخلية بشأن “تحديث هيئة حماية الدستور”، وهي المسودة التي أحيلت لوزارات أخرى لإبداء الرأي.

ورأت النائبة اليسارية يلبكه أنه “ليس الأطفال، بل جهاز استخبارات داخلية خرج عن السيطرة، هو الذي يمثل خطراً على المجتمع”، مضيفةً: “لسنا بحاجة لزيادة تسليح هيئة حماية الدستور، بل لتعزيز الأنظمة الاجتماعية، بما في ذلك مكاتب رعاية الشبيبة”.

كما تنص مسودة القانون التي تقدم بها وزير الداخلية، هورست زيهوفر، على منح العاملين في هيئة حماية الدستور رخصة لاختراق منصات الرسائل الالكترونية، وبالتحديد إذناً للقيام بـ”عمليات تفتيش إلكترونية”، وهو ما يفهم منه الدخول المتخفي لأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالغير، وكذلك هواتف الأيفون وغيرها من أجهزة تقنية المعلومات، والاطلاع على بيانات هذه الوسائط.

ولكن الوزارة أكدت على أنها ستقيد استخدام هذا التفويض لكي لا يتجاوز الكشف عن “التهديدات بالغة الخطورة”، دون أن تفصح عما إذا كانت ستشتري في سبيل ذلك برامج حاسوبية خاصة أم أنها ستكتفي بوسائل تقليدية لتحقيقه.

وقال وكيل وزارة الداخلية، هانز غيورغ انجِلكه، يوم الثلاثاء، إنه يتوقع أن يكون عدد الحالات التي سيطبق عليها التفويض أقل من عشر حالات سنوياً.

ووفقاً لوزارة الداخلية، فإنه سيسمح لجهاز الاستخبارات الداخلية أيضاً استخدام ما يعرف بتقنية مراقبة الاتصالات، وهو ما يسمح بالتنصت حتى على الدردشات و الأخبار النصية التي يتم إرسالها بشكل مشفر.

كما تنص مسودة القانون على ضرورة أن توافق لجنة مجموعة العشرة بالبرلمان الألماني على أي إجراء أحادي يوصي به وزير الداخلية بعد أن تقدم له هيئة حماية الدستور طلباً بذلك.

يُشار إلى أن هذه اللجنة مختصة بالموافقة على إجراءات مراقبة الاتصالات.

وأكد تقرير مجموعة صحف فونكه، مستند إلى مصادر حكومية، الأربعاء، أن وزيرة العدل، كاتارينا بارلي، لا تؤيد هذا المسعى ولا توافق على مسودة القانون التي تقدم بها الوزير لخفض سن الأطفال الذين يسمح لهيئة حماية الدستور بمراقبتهم.

وبحسب التقرير، فإن وزارة العدل ترى أن هيئة حماية الدستور تجاوزت بوضوح حجم الرقابة الأمنية الواجب منحه لها لتقوم بمهامها.

كما أكد التقرير أن وزارة العدل ترى أن الرقابة البرلمانية على أنشطة هيئة حماية الدستور لم تتعزز بالشكل الذي تنص عليه الاتفاقية المنظمة لعمل الائتلاف الحكومي.

جدير بالذكر أن الاتفاقية التي تنظم عمل طرفي الائتلاف الحكومي في ألمانيا، التحالف المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، تنص على “أننا ندرك أن التوسع المعتدل والمناسب في صلاحيات هيئة حماية الدستور يتطلب توسيعاً متزامناً مع ذلك في نطاق الرقابة البرلمانية على عمل الهيئة”. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها