من الصديق الأقرب لروسيا .. إسرائيل أم العرب ؟

انتهت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى روسيا، واندلعت موجة من التكهنات في الصحافة العربية حول العلاقات الروسية العربية.

السبب الأول لنبرة العتاب هو علاقة روسيا بإسرائيل، والتي “يفترض أن تكون أسوأ من ذلك”. السبب الثاني هو أن روسيا ليست الولايات المتحدة الأمريكية: فهي ليست بنفس القوة، ولا تنتقل بسرعة إلى إلقاء القنابل على أعدائها (أو أعداء حلفائها، وربما رفقاء الطريق!) كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية. بكلمات أخرى، روسيا لا تحارب من أجل الدفاع عن مصالح العرب، بعدما توقفت الحكومات العربية نفسها عن الدفاع من أجل مصالحها.

أبدأ من النقطة الثانية.

إن الأقلام التي تعاتب روسيا، وتقارنها بـ “سيّدها” الأمريكي، إنما تحاول التقليل من شأن “سادة آخرين”، انطلاقا من أن “سيّدها” أقوى. وهو ما نراه في الشأن السوري، حينما نهشت الألسنة الرد “الضعيف” من روسيا على الاعتداءات الإسرائيلية، وتزعّمت الهجوم أقلام حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، وليس أصحاب الشأن السوريين أنفسهم…

والآن عودة إلى إسرائيل. ذكرت آنفا أن زمن السخاء السوفيتي قد ولّى، وعلى الرغم من أن روسيا هي الدولة الأقل براغماتية في العالم، إلا أنها تمرّ اليوم بأوقات يتعين عليها فيها أن تفكر فقط في إطار المصالح القومية.

فما هي المصالح القومية لروسيا في الشرق الأوسط؟

وعلى عكس ما يتصور كثيرون، فإن المصالح القومية الروسية لا تدور حول مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي لا تتضمن أي صدام مع أي من الحلفاء الأمريكيين، بما في ذلك دول الخليج وإسرائيل. إن روسيا تركّز في الوقت الراهن على حلّ مشكلتها السياسية الداخلية الأساسية، وهي تحقيق قفزة اقتصادية نوعية، بينما تصطبغ كافة السياسات الخارجية الروسية بصبغة دفاعية من أجل توفير الظروف الخارجية المواتية لهذه القفزة الاقتصادية في الداخل. وبذلك تصبح الأولوية الرئيسية لروسيا هي التجارة وتعزيز الاتصالات مع دول المنطقة بلا استثناء. وأي عمليات لروسيا خارج هذا الإطار إنما تأتي دفاعا عن أمنها القومي ضد المخاطر والتهديدات التي يمكن أن تؤثر على هذه الاتصالات التجارية. فروسيا تحتاج إلى شرق أوسط مستقر وهادئ، وما تفعله في سوريا ليس دعما في صراع ضد أي قوة كانت، وإنما دعما للسلام والاستقرار في إطار المصالح القومية الروسية.

روسيا إذن، ومن هذا المنطلق لا تعتزم بإرادتها الدخول في أتون أي صراع، وحتما لن تسمح بتوريطها في أي صراع إيراني-إسرائيلي أو غيره. على العكس، روسيا تسعى إلى تجنب صراعات كهذه، وسوف تحاول دائما حلحلة هذه الصراعات على طاولات المفاوضات، ومن خلال الطرق السلمية. لذلك فإن علاقات الشراكة الطبيعية والمتّزنة مع كافة الأطراف في الأزمات المختلفة هي حجر الأساس لجلب السلام إلى المنطقة.

في الوقت نفسه، فإن روسيا بلا شك، وكما كانت دائما، تتمسك بموقفها المبدئي فيما يتعلق بضرورة الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، ولا تعترف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، وهي في ذلك تختلف، ليس فقط عن الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما عن الكثير من الدول العربية من حلفاء الولايات المتحدة، ممن يخافون التضحية بقدر أنملة من علاقاتهم مع واشنطن مقابل التضحية بحقوق الشعب الفلسطيني.

إن روسيا مستعدة للصداقة والتعاون مع كافة الدول في منطقة الشرق الأوسط: مع سوريا، وإسرائيل، وإيران، والمملكة العربية السعودية، ومع كل من يرغب في صداقتها إذا ما توفرت هذه الرغبة لديهم. لذلك فإن السؤال المطروح لابد وأن يكون: “من يسعى نحو روسيا؟”، وليس “نحو من تسعى روسيا؟”. وعلى كل من يريد دعما من روسيا، أن يبدأ بخطوة واحدة نحوها، وسيجدها تخطو نحوه خطوتين.

ألكسندر نازاروف – روسيا اليوم[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. ههههه .. وحربكم ومجازركم في الشيشان . .. واحتلالكم للقرم .. واقتطاعكم ابخازيا وانشاء دويلة فيها وتهديدكم ل سلوفينا .، واحتلالكم لشرق اوكرانيا .. و دعمكم لحاكم فنزويلا .. وحربكم في سوريا ودعمكم للاسد الذي قتل مئات الالاف .. كل هذا وتقول بانكم لا تريدون الدخول في اتون اي صراع وفوق ذلك لديكم الرغبة في حل كل الصراعات على طاولة المفاوضات .. صحيح ال استحوا ماتوا….

  2. فكرت شبيح كاتب المقال بالنهاية قرأت الاسم روسي يحاول أن يبعد عن نظامه محاولات كسب رضى إسرائيل…نظام بوتن ديكتاتوري هش داخليا ولايستطيع المنافسة وهو يريد إرضاء اسرائيل والغرب وبذات الوقت ان لايخسر مصالحه في الدول العربية… وهي مهددة بشكل كبير بفضل استمرار الربيع العربي والذي أخذ دفعا وقوة بانطلاق ثورة الشعب الجزائري والذي بذات الوقت أعطى دفعا وقوة للثورة السودانية وللروسيا مصالح مهمة وامتيازات مع النظامان الديكتاتوريان ولذلك تحرك الإرهابي الانقلابي حفتر بدفع من الروس وبعض ديكتاتوريات العرب لكي يعدلوا من ميزان القوى وعدم فقدان التوازن ولان الشعوب ان تحررت لن تقبل بنهب ثرواتها التي كان يضمن عملية نهبها الانظمة العسكرية والديكتاتورية الحاكمة مقابل دعم استمرارية سلطتهم في البلاد من الدول التي تمتص خيرات شعوبهم.

  3. نعرف التربية التي تربى عليها امثال هذا الكاتب منذ الحقبة السوفيتية وهي القفز فوق الحقائق او تزويرها وفي احسن الحالات تحريفها
    فروسيا ربما كانت حقا صديقاً لاسرائيل ولكنها لا يمكن ان تكون صديقة للعرب لان روسيا في علاقتها مع العرب لا تريد صديقا ولا حليفا بل تابعا وذليلا وليس ادل على ذلك من معاملتها لذيل الكلب في دمشق