تجربة زرع مخ إنسان في رأس قرد تثير خلافاً أخلاقياً
حفر العالم البيولوجي الروسي “إيليا ايفانوفيتش ايفانوف”، اسمه في مجال التلقيح الصناعي، ومنح العديد من مرضى العقم آمالًا متجددة، لكنه لُقب أيضًا بـ ”فرانكشتاين الأحمر”؛ لاهتمامه الغريب والمخيف بمزج عالم البشر بالحيوانات، ففي العشرينيات من القرن الماضي، حاول دمج عقل حمار وحشي بشمبانزي، وأراد أن ينتقل لمرحلة متقدمة وهي دمج دماغ الشمبانزي بأحد من جنس البشر.
اليوم بعد مرور عشرات السنين، طبق فريق من العلماء التجربة الأخيرة السابقة، حيث أثارت دراسة جديدة حول التطور الفريد لتقدم البشرية طبيا وتكنولوجيا مخاوف أخلاقية، وذلك بعد أن زرع العلماء الصينيون جينات مخ إنسان في القردة؛ لتعزيز تطورهم وذكائهم.
بحسب ما نقلت صحيفة “القدس العربي” عن موقع “ديلي ميل” البريطاني، أدرج الباحثون جين “MCPH1” إلى 11 قردًا من فصيلة “ريسوس”، وهو أحد الجينات التي تعبر عن نفسها خلال عملية نمو مخ الجنين، ويعتقد العلماء أنه يلعب دورًا في تطور الدماغ البشري.
يعتقد الباحثون أن أدمغة هذا النوع من القردة استغرقت وقتًا أطول من البشر للتطور، فهي جيدة في أداء اختبارات الذاكرة، ولديها ردود فعل جيدة مقارنة بفصائل القردة الأخرى، لكنها لم ترق لتكون متطورة كفاية.
أججت سلسلة التجارب الطبية البيولوجية التي أُجريت في الصين بالتعاون مع باحثين أمريكيين في جامعة نورث كارولينا، المناقشات الأخلاقية الطبية، ورسمت بالفعل مخاوف أخلاقية ومقارنات بفيلم الخيال العلمي الشهير “كوكب القرود” “Planet of the Apes”.
نُشرت الدراسة في الشهر الماضي في مجلة “ناشيونال ساينس” “National Science Review”، مقرها بكين، وكتب المؤلفون “أن النتائج أظهرت أن الرئيسيات غير البشرية المعدلة وراثيا لديها القدرة على تقديم رؤى مهمة وفريدة من نوعها حول الأسئلة الأساسية حول ما الذي يجعل الإنسان فريداً في الواقع؟”.
وخضعت القردة لاختبارات الذاكرة التي تتطلب منهم تذكر الألوان والأشكال على الشاشة، وخضعوا لتصوير بالرنين المغناطيسي، وتجاوز 5 فقط من القردة مرحلة الاختبارات.
وقال المؤلفون إن هذه القردة وحتى إن كانت أقرب الفصائل إلى البشر فلا تزال بعيدة كل البعد عن مناقشات المخاوف الأخلاقية، ومع ذلك، شكك البعض في أخلاقيات التجربة.
قالت “جاكلين جلوفر”، المعنية بقواعد السلوك البيولوجية في جامعة كولورادو: “إضفاء الطابع الإنساني على القرود يمكن أن يسبب الضرر، أين سيعيشون؟ وماذا سيفعلون؟ لا يمكننا إنتاج كائن عاقل لا يمكن أن يكون له حياة ذات مغزى في أي سياق”.
من جهة أخرى، ناقش “لاري بأوم”، باحث في مركز العلوم الجينية في جامعة هونغ كونغ، تلك المقارنات العلمية قائلا: “يختلف هذا النوع من القردة عن البشر بنسب قليلة في المئة، هذا يعني ملايين الأحماض النووية الفردية المختلفة بين البشر والقردة، هذه التجربة غيرت عددًا قليلًا من هذه الملايين، فقط 20 ألف، الآن يمكنك الفهم أن لا شيء يثير القلق حيال ذلك”.
وأضاف “بأوم” أن الدراسة أيدت النظرية القائلة بأن “النضج الأبطأ لخلايا المخ قد يكون عاملا في تحسين الذكاء خلال التطور البشري”.
في يناير الماضي كان قد كشف العلماء الصينيون عن خمسة من قرود من فصيلة المكاك مستنسخة من قرد واحد مهندس وراثيا ليعاني من اضطرابات النوم، وهو ما أظهر علاقته بالمشاكل العقلية بما في ذلك الاكتئاب والقلق والسلوكيات المرتبطة بالفصام، وقالوا إن الدراسة تهدف إلى المساعدة في بحث لحل المشاكل النفسية البشرية.
وفي العام الماضي، صدم الباحث الصيني “هو جيان كوي” الأوساط العلمية بعد أن كشف أنه نجح في تعديل جينات توأم وُلد في نوفمبر؛ لمنعهم من الإصابة بفيروس نقص المناعة HIV.[ads3]