باحث سوري يمهد الطريق لأول هولوغرام ثلاثي الأبعاد بالعالم
في دراسة جديدة نشرت مؤخرا بدورية “نيتشر فوتونيكس”، أعلن فريق علمي من جامعة بيلكنت التركية، بقيادة الباحث السوري غيث مكّي، تمكنه من التغلب على بعض المشكلات الأساسية في فيزياء الهولوغرام، مما مكنهم من بناء أول نموذج لهولوغرام ثلاثي الأبعاد يمكن أن يُرى من جميع الاتجاهات.
ويقول مكي في حوار صوتي مع الجزيرة نت عبر تطبيق الواتساب “الهولوغرافيا هي فن التحكم في الضوء، يشبه الأمر أن تستخدم مرآة لعكس الضوء في الاتجاه الذي تريده، لكن الهولوغرافيا بالطبع أكثر تعقيدا من ذلك”.
كان دينيس جابور هو أول من اقترح فكرة الهولوغرام قبل أكثر من نصف قرن، بعدها انتقلت الفكرة إلى عالم السينما، واكتسب الهولوغرام ثلاثي البعد شهرة واسعة بسبب أفلام “ستار وورز” و”ستار تريك”، لكن رغم ذلك لم يتمكن أحد، إلى الآن، من صنع هولوغرام ثلاثي البعد يُمكن أن يُرى من جميع الاتجاهات.
كل الأشكال الهولوغرامية التي يراها الناس في الصور أو على المسارح هي هولوغرامات ثنائية البعد تُرى من اتجاه واحد فقط، في تلك النقطة يقول مكي في حواره مع الجزيرة نت “هناك مشكلة رئيسية تمنع العلماء من الوصول إلى هولوغرام ثلاثي البعد كما تظهر بأفلام ستار تريك”.
يوضح مكي أن تلك المشكلة تتعلق بآلية توليد الهولوغرام نفسه، لكي تصنع هولوغرام كهذا يجب أن تولد مجموعة ضخمة من الصور ثم بعد ذلك تدفعها للتراص بالترتيب لتصنع شكلا ثلاثي البعد، ليكن تفاحة على سبيل المثال، بحيث يمكن أن تدور حولها فتراها من كل النواحي.
مشكلات بحثية
“يشبه الأمر أن تقوم ببناء كتاب ما” يقول مكي في حواره مع الجزيرة نت، مضيفا “سوف تضع الصفحة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة وهكذا، حتى يكتمل الكتاب. لكن في أثناء بناء الهولوغرام لا يحدث ذلك، سوف توضع الصورة الأولى بوضوح لكن الصور القادمة ستتداخل معها وتشوهها”.
على مدى عقود حاول علماء الليزر من كل مكان في العالم أن يتوصلوا إلى حل لتلك المعضلة، لكن فريق مكي البحثي يعتقد بالفعل أنه قد توصل إلى الحل، والذي ظهر أنه لا يرتبط من الأساس بمشكلة فيزيائية محددة، بل بالرياضيات الخاصة بالموضوع.
وبحسب الدراسة، طور هذا الفريق خوارزمية يمكن أن تعبث، بشكل أو بآخر، أطوار الضوء التي تصنع الهولوغرام، فتضع ما يشبه الحاجز بين الصور المتتالية التي تصنع الهولوغرام، مما يمنعها من التداخل معا، فيظهر الهولوغرام ثلاثي البعد واضحا ودقيقا.
تطبيقات واعدة
ويقول مكي إنه بذلك يمكن أن تنحت الضوء بشكل ثلاثي الأبعاد يبدو واضحا من كل النواحي، مضيفا أن الميزة الكبرى لتلك الخوارزمية هي أنها تجعل الصورة أكثر دقة كلما ازداد عدد مكونات الصورة.
للهولوغرافيا ثلاثية البعد تطبيقات واعدة متوقعة، حيث ستطور من آليات التعليم في كل العالم، ولها مجال واسع من الاستخدامات في عالم الطب وتصوير الخلايا وأجزاء جسم الإنسان، كما يمكن أن تستخدم في إشارات المرور وفي المطارات.
وأنهى مكي الدكتوراه بدرجة الشرف في جامعة دمشق 2015، ثم انتقل في رحلة علمية إلى جامعة بيلكينت التركية وانضم لفريق واعد عمل على تطوير المنظومات الضوئية، ويأمل أن تساعد دراستهم الجديدة في تمهيد الطريق لأول هولوغرام ثلاثي البعد في العالم.
وما زالت، بحسب مكي، هناك مشكلة أخرى تتطلب الحل، وهي الكيفية التي يمكن من خلالها أن تعكس الهولوغرام ثلاثي البعد لعيون الجمهور فيمكن لهم الدوران حوله ورؤيته من كل الاتجاهات، وهي المشكلة التي يعمل فريقه عليها حاليا.
شادي عبد الحافظ – الجزيرة[ads3]