عن مورينو ” صائد الجوائز ” و خليفته .. و الإرث الجماهيري و التسويقي الذي لن يستمر بإنقاذ مانشستر يونايتد ( فيديو )

كنا ذاهبين لملاقاة فريق تبعد مدينته عن مانشستر حوالي 65 كم، وسألني لاعب عن إمكانية العودة وحيداً إلى مانشستر بعد المباراة، بدلاً من العودة مع الفريق، فأجبته بالقول إن هذا الأمر غير منطقي، لو كنا ذهبنا إلى لندن ورغبت بالبقاء هناك لكان ذلك أمر آخر، ولكننا قريبون هنا.. هذا ليس منطقياً.

كان مستاء بعد جوابي، وبعد أن فزنا بالمباراة، سألني مرة أخرى، على اعتبار أنني سعيد الآن (بسبب الفوز)، فقلت له على الأقل غادر الملعب مع الفريق في الحافلة، ثم اطلب من سائقك أن يقلك على بعد 10 دقائق من الملعب، ثم اذهب كما تشاء.. ومع ذلك لم يكن سعيداً في غرفة الملابس.

ذهبت للمؤتمر الصحفي، ومن ثم وصلت إلى حافلة الفريق، لأجد بجانبها سيارة رولز رويس مع سائقها.. السيارة جديدة وسعادته (يقصد اللاعب) يرغب بمغادرة الملعب بالرولز رويس.

كيف نتعامل مع هذا الموقف؟ لا يجب على الإطلاق أن تذهب بالرولز رويس، هل تعتقد أنه يمكنك الذهاب عندما أكون سعيداً؟ أو أنك تريد حل المشكلة بطريقة أخرى لترسلني في عطلة (يقصد تتسبب بإقالتي).

ما سبق هو تصريح حديث لمورينيو، واللاعب المقصود غالباً هو بول بوغبا، وهذه التفاصيل تقدم لك لمحة بسيطة عن مدى التغيير الذي طرأ على مانشستر يونايتد بعد رحيل سير أليكس فيرغسون.

المثال هنا ليس للدفاع عن مورينيو على حساب اللاعبين، هو أصل المشكلة، وخروجه كان الحل الأفضل بغض النظر عن البديل أو النتائج اللاحقة، مورينيو تحول بعد خروجه من ريال مدريد إلى bounty hunter (صائد جوائز) يبحث عن الإقالة بكل ما أوتي من أسباب منطقية أو غير منطقية، ويخرج وفي جعبته الملايين، وإقالته من مانشستر -برأيي- كانت أمراً أجبر الإدارة على فعله جبراً، وهي التي كانت قد جددت عقده قبل ذلك بوقت قصير.

منذ اعتزال سير أليكس، أفضل مدرب في تاريخ كرة القدم (برأيي، وشرح الأسباب يطول)، وحتى اليوم، ما زالت إدارة يونايتد تعتمد على الإرث الجماهيري والتسويقي الضخم للنادي الذي حافظ على كونه واحداً من أكثر الأندية جماهيرية وتحقيقاً للأموال، وبقي جذاباً لنجوم الصف الأول، إلا أن كل ما سبق لن يكون بالإمكان التعويل عليه على الإطلاق ابتداء من الموسم المقبل.

خليفة مورينيو..

كانت إدارة مانشستر في موقف لا تحسد عليه قبل إقالة مورينيو، والمدرب البرتغالي كان -كما ذكرت- يبحث عن الإقالة بشكل مستفز سواء بتكتيكه أو تصريحاته أو تعامله مع اللاعبين.. ما الحل إذاً؟

الإدارة التي تهتم بالمال والأعمال أكثر منها بكرة القدم، تحاول دائماً أن تجد شخصاً يشكل مزيجاً بين النجاح الفني والتسويقي، وإن غاب الجانب الفني فيجب على التسويقي أن يكون موجوداً على الأقل.. في ظل غياب البديل القوي فنياً وحساسية الفترة التي ستتم فيها الإقالة، ما هو أنسب خيار جماهيري وتسويقي؟ جيل التسعينيات الذهبي، من منهم يمكن أن نضعه كمدرب.. غيغز؟ ما زال منزعجاً بسبب طريقة خروجه كما أنه يدرب ويلز، سكولز؟ لا يصلح بشخصيته هذه كمدرب على الإطلاق وتجربته الأولى وقد تكون الأخيرة خير برهان، بيكهام؟ ليس بخيار وارد على الإطلاق، نيكي بات؟ ليس اسماً جذاباً، غاري نيفل؟ تجربته مع فالنسيا ستصيب الجماهير بالرعب.

لم يبق سوى سولشاير.. بل ربما هو الأنسب بالفعل، على الأقل من الناحية الجماهيرية، أسطورة سابقة مقربة من السير، المتسبب بالفوز بأحد أهم الألقاب في تاريخ النادي، مدرب سابق للفريق الرديف ومتوج معه ببطول، لن يكون هناك أي عائق يقف أمام التعاقد معه، وستستذكر الجماهير معه الأيام الخوالي وسيحبه اللاعبون وسينصحه السير ووو، وهكذا كان.

اختارت الإدارة أنسب توقيت لاستبدال مورينيو بسولشاير (سلسلة مباريات سهلة نظرياً)، وهي الخطة التي نجحت وتمكن صاحب الوجه الطفولي فيها من تحقيق أكثر مما كان متوقعاً، وأصبح حديث الساعة وكثرت الأخبار عنه وكثرت تصريحاته المتعلقة بالسير والذكريات والأيام الخوالي التي سيعمل على تكرارها كمدرب بعد أن كان بطلاً لها كلاعب، واختلف الفريق كثيراً عما كان عليه مع مورينيو وعادة الابتسامة للاعبين.. إلا أن الأدرينالين النرويجي والرقع الاسكندنافية لم تدم طويلاً ولم تستر العورات، وكما حقق أرقاماً تاريخية إيجابية غير مسبوقة بتاريخ النادي، فقد حقق أيضاً أرقاماً سلبية غير مسبوقة في سلسلة الخسائر الأخيرة.

ما الذي يحدث فنياً؟

الأمر بسيط جداً، المشكلة الرئيسية مرتبطة بالنوعية والجودة على صعيد العناصر، وليست مرتبطة بالتكتيك، الفريق قبل سولشاير كان سيئاً جداً، والمسؤولية يتقاسمها المدرب واللاعبون، ويتحملها الأول بدرجة أكبر.. والآن اختلف التكتيك قليلاً باختلاف المدرب، ولكن العناصر بقيت كما هي.

لكي نعرف حجم المعاناة الفعلية للفريق في هذا الصدد يكفي أن نعرف أن جائزة أفضل لاعب في الموسم، خلال المواسم الخمسة الماضية، فاز بها دي خيا (الحارس!) 4 مرات، وعندما فاز بها للمرة الأولى كان أول حارس في تاريخ النادي ينجح بذلك، ومع وصوله للرابعة، أصبح أكثر من حصل عليها.

في ثمن النهائي أمام سان جيرمان، لم يكن يونايتد يستحق التأهل على الإطلاق، وهذا لا يعني أن سان جيرمان كان يستحق، الفريقان كانا سيئين، ومانشستر تأهل في النهاية بضربة جزاء صحيحة، ولكنها لم تكن متوقعة على الإطلاق.

في مباراة برشلونة الذي ليس في أفضل أيامه أو مواسمه، ظهرت الفوارق واضحة جلية، فوارق الخبرة والجودة والنوعية.. أداء بدائي من قائد الفريق يونغ، الذي يعتبر مجرد كونه قائداً، وصمة عار في تاريخ يونايتد الذي قامت إدارته بتجديد عقده بدلاً من طرده من الباب الخلفي شأنه شأن سمالينغ وجونز وروخو ولنديلوف، وهم لا يلامون على ما يحصل على الإطلاق، فهذه إمكانياتهم ببساطة، ولا طاقة لهم بأكثر من ذلك.. ليس من المنطق أن تحضر طارق جبان من نادي الجيش وتضعه في برشلونة وتطلب منه أن يقدم مستوى مشابهاً لمستوى بويول.

اللقاءات الأخيرة، أظهرت مدى نفخ الانكليز المبالغ به لراشفورد ولينغارد، نفخ وصل لحد الترويج لاخبار اهتمام برشلونة وريال مدريد بالأول، واعتبار الثاني الفتى الذهبي الجديد للبلاد.. اللقاءت الأخيرة أكدت أيضاً أنه مهما كان حارس المرمى متميزاً وإن كان يصنف بين الأفضل في العالم، فإنه لا يستحق على الإطلاق راتباً يصل إلى 400 ألف في الأسبوع، وإن كان دي خيا مصراً على دلاله وخصوصاً بعد كارثة المباراة الأخيرة، فالأجدر بالإدارة بيعه، وهي التي تملك روميرو الذي اعتبره -إلى جانب سيلسن برشلونة- أفضل حارس بديل في العالم.

أما الأهم من كل ما سبق فهو بول بوغبا، اللاعب الذي دفعت الإدارة فيه ثمناً خرافياً لا يستحقه، وأحضرته على أنه “سوبر ستار” وهو ليس كذلك، وسولشاير الآن يريد البناء انطلاقاً منه وهو ليس مناسب.

بوغبا هو “لاعب منظومة” وليس لاعباً قادراً على حمل فريق كامل على كتفيه، ليس ميسي ولا رونالدو ولا نيمار ولا حتى دي بروينه، هو ليس كذلك كمستوى فني وكشخصية، وأضف إلى ذلك خصوصية المركز الذي يلعب به أيضاً.. هل هو لاعب سيئ؟ لا على الإطلاق، هو لاعب مميز ولكن ضمن منظومة صالحة وسط الملعب، منظومة يتطلب أن يوجد فيها من مثل هاريغريفز أو سكولز أو بيرلو أو ماتيتش بعمر أصغر بخمس سنوات.. حتى إن نظرت للمنتخب الفرنسي ستجد أن بوغبا جزء من منظومة، وليس صاحب السبق أو النجم الأول ولا حتى الثاني لدى الديوك.

المشكلة الأكبر (عودة لما ذكر مورينيو في الفيديو) هي شخصية بوغبا التي لا يعول عليها على الإطلاق، اللامبالاة التي نشاهدها منه داخل الملعب وخارجه كفيلة بجعله يتعفن -حرفياً- على الدكة لو كان سير أليكس موجوداً، أو أن يباع لريال مدريد مثلاً.

تثبيت سولشاير.. ومقومات العودة

هل كان قرار تثبيت سولشاير صحيحاً؟ الجواب ذاته كما ذكر أعلاه، سولشاير كان مفيداً على الصعيد الجماهيري والتسويقي، وكان مغامرة على الصعيد الفني، والأمر لم يختلف كثيراً.. والتثبيت تم برأيي لعدم وجود البديل الأكثر كفاءة من جميع النواحي.. والكرة الآن في ملعب النرويجي، فإن كان وافق دون شروط على رأسها “نفض” الفريق بشكل كامل، فهو بذلك وقع عقد فشله، وسيتبين حينها أن الإدارة ماضية في الاعتماد على الإرث وهدفها مادي بحت لا أكثر ولا أقل، والفشل سيكون النتيجة.. أما إن كان فرض شروطاً ووضع قائمة طلبات، فالحكم عليه وعلى الإدارة سيكون في فترة الانتقالات المقبلة التي سترينا إن كان هناك تغيير يلوح بالأفق أو لا.

ما الذي يحتاجه الفريق / النادي؟ عظمة سير أليكس تمكن بأنه كان المدرب والمدير الفني والمسؤول عن الصفقات وعن الأكاديمية وصولاً للحمامات العامة.. النادي اليوم بحاجة لمدير رياضي لشخص مثل ماتياس زامر أو على الأقل طيب الذكر بيتر كينون.. إلى جانب ذلك فإن على آل غلايزر فتح خزنة الذهب على مصراعيها، فاسم يونايتد الجذاب لن يعود كافياً لاستقطاب نجوم الصف الأول، لغة المال هي التي تتكلم اليوم ولا شيء سواها، وفي ظل وجود خزائن عامرة لدى سيتي وتشلسي محلياً، وريال وبرشلونة وبايرن وباريس ويوفي أوروبياً، فإن أي تأخر في المواكبة سيكون أثره كارثياً.

ما العناصر التي قد تحدث الفرق المطلوب؟ الفريق بحاجة للتخلص من خطه الخلفي بالكامل.. الدوري الانكليزي والألماني يعجان بالأظهرة التي إن كانت في أسوأ أيامها فستقدم أفضل مما يقدمه يونغ وشو.. أحضر كوليبالي وضع بجانبه بايي كحل إسعافي إلى أن تجد قلب دفاع مميز آخر.. في خط الوسط يجب أن يكون كروس أولوية وإن لم يكن هو ففايغل دورتموند كخطة بديلة.. في الهجوم لا بديل عن رأس حربة كلاسيكي بحت وليس هناك أفضل من خيار هاري كين وعلى يمينه سانشو، وكلاهما من الصفقات شبه المستحيلة.

توقعي للذي سيحدث؟.. نظرياً، لن يحقق مانشستر الدوري الإنكليزي مجدداً قبل 10 سنوات على الأقل إلا بمعجزة.

عمر قصير

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها