BBC : حكاية المسلمين مع الأندلس في ذكرى دخولهم إلى شبه الجزيرة الإيبرية

في أواخر أبريل/نيسان عام 711 م وصل طارق بن زياد إلى شبه الجزيرة الايبيرية لغزوها بعد الاتفاق مع حاكم سبتة، يوليان، الذي كان قد طلب مساعدة موسى بن نصير حاكم شمال أفريقيا ضد حاكم اسبانيا القوطي رودريك.

وقد استجاب بن نصير ليوليان فأرسل بن زياد على رأس جيش من 7 آلاف جندي، وما زال المكان الذي نزلت فيه قوات بن زياد تحمل اسمه “جبل طارق”.

وفي الواقع ليس هناك ما يدعم قصة المناشدة تاريخيا، وإذا كان غزو طارق بن زياد لإسبانيا حدثا لا شك فيه فإن مبرر ذلك قد يكون له علاقة برغبة الأموين في توسيع إمبراطورتيهم.

وقد هزم جيش المسلمين القوط بسهولة وقتل رودريك في المعركة.

وبعد النصر، استولى المسلمون على أغلب إسبانيا والبرتغال بقليل من الصعوبة، وقليل من المقاومة. وبحلول عام 720 م كان معظم إسبانيا تحت سيطرة المسلمين.

من بين أسباب نجاح المسلمين السريع في الغزو كانت شروط التسليم الكريمة التي يعرضونها والتي تتعارض مع الشروط القاسية التي كان يفرضها الغزاة السابقون من القوط.

وتركز الحكم الإسلامي في جنوب إسبانيا أو ما بات يعرف بالأندلس.

عرفت الأندلس استقرارا مع وصول الأمير عبد الرحمن الداخل الذي فر من جيوش العباسيين في الشرق وأسس لحكم الأمويين في الأندلس، الذي استمر بين عامي 756 و1031.

وكان عبد الرحمن قد أسس إمارة قرطبة ووحد جماعات المسلمين التي شاركت في غزو إسبانيا.

وفي القرن العاشر الميلادي كانت قرطبة عاصمة الدولة الأموية في إسبانيا وكانت معروفة في الشرق والغرب بثرائها وتطورها، كما مثلت جسرا بين الفلسفة اليونانية وأوروبا .

وتعرف فترة حكم المسلمين في إسبانيا بـ “العصر الذهبي” للعلم، إذ انتشرت المكتبات والمعاهد العلمية والحمامات العامة وازدهر الأدب والشعر والعمارة وأسهم المسلمون وغيرهم في هذه النهضة الثقافية.

وفي بعض الأحيان توصف هذه الفترة أيضا بـ “العصر الذهبي” للتسامح الديني والعرقي بين المسلمين والمسيحيين واليهود.

ولكن بعض المؤرخين يعتقدون أن هذه فكرة مبالغ فيها، وقد تدفع بعض القراء للاعتقاد بأن إسبانيا في العهد الإسلامي كانت متسامحة بمعايير بريطانيا القرن الحادي والعشرين.

في ظل الحكم الإسلامي تمتع اليهود والمسيحيون ببعض الحرية بشرط طاعة الحاكم. وبصفة عامة كان غير المسلمين في إسبانيا الإسلامية يعاملون أفضل من غيرهم من الشعوب التي تعرضت للغزو في ذلك الزمن.

ومن مظاهر ذلك: لم يُفرض عليهم العيش في أحياء خاصة “غيتوهات” – لم يُستعبدوا – لم يمنعوا من ممارسة شعائرهم الدينية – لم يُجبروا على التحول للإسلام – لم يُمنعوا من ممارسة أي عمل يريدونه – تميزوا في مهن بارزة مثل الصرافة وتجارة الذهب والفضة – عملوا في دواوين الحكام المسلمين – ساهموا بشكل إيجابي في الثقافة والمجتمع.

وتقول وجهة النظر الأخرى عن العصر الذهبي لغير المسلمين في إسبانيا الإسلامية إن اليهود والمسيحيين كانوا يعيشون في حالة “أهل الذمة”، والذمي لم يكن عبدا ولكن ليس له حقوق مكافئة لحقوق المسلم، وكان غير المسلمين ينعمون بالتسامح في إسبانيا الإسلامية إذا التزموا بالتالي: الاعتراف بالسيادة الإسلامية – قبول الحكم الإسلامي – دفع ضريبة الجزية للحكام المسلمين وهي أعلى قيمة من الضرائب الأخرى – تجنب التجديف – عدم استمالة المسلمين لدينهم – الالتزام بالقيود المفروضة على بناء الكنائس والمعابد – عدم حمل السلاح – لا يمتلكون عبيدا من المسلمين – لا يرثون المسلمين.

وكان كثير من المسيحيين في إسبانيا قد اندمجوا في الثقافة الإسلامية حيث تعلم بعضهم العربية و ارتدى بعضهم ملابس الحكام بل وارتدت بعض المسيحيات الحجاب وبعضهم حمل أسماء عربية. وقد حمل المسيحيون الذين اندمجوا في الثقافة العربية اسم الموزاراب أو المستعربين.

ولكن لماذا حظي غير المسلمين بالتسامح في إسبانيا الإسلامية؟

كانت هناك أسباب عديدة لذلك منها أن المسيحية واليهودية أديان توحيدية سماوية فهم يعبدون نفس الإله، كما كان عدد المسيحيين أكبر من المسلمين، كما أن الموالين منهم للحكام لم تكن لهم أية روابط بمختلف الجماعات المسلمة.

ومنذ منتصف القرن الحادي عشر تدهور وضع غير المسلمين إلى حد كبير مع تقلص مساحة الدولة الاسلامية في إسبانيا واستعادة الحكام المسيحيين للمزيد من الأراضي وبات الحكام أكثر تشددا فلم يعد يستطع المسيحي بناء منزل أعلى من المسلم ومنع من توظيف خدم مسلمين، أو إبراز أي رمز ديني بما في ذلك حمل الإنجيل لدرجة أنه كان يمكن أن يتعرض للمحاكمة والإعدام.

من الأسباب الرئيسية لانهيار الحكم الإسلامي في إسبانيا الخلافات بين الحكام المسلمين أنفسهم.

فمنذ بداية القرن الحادي عشر تمزقت الدولة إلى إمارات وكانت طليطلة أول المراكز الإسلامية التي سقطت في يد المسيحيين عام 1085.

وقد رد المسلمون بإرسال جيش من افريقيا بقيادة يوسف بن تاشفين الذي هزم المسيحيين عام 1086 وبحلول عام 1102 كان قد استعاد السيطرة على معظم الأندلس كما نجح في توحيد الجماعات المسلمة هناك.

وبعد وفاة بن تاشفين عام 1106 دبت النزاعات مجددا بين الحكام المسلمين.

وقد وقعت عمليات تمرد كبرى في عامي 1144 و1145 ورغم إخماد ذلك التمرد إلا أن الهيمنة الإسلامية على إسبانيا كانت قد وصلت إلى محطتها الأخيرة.

وفي عام 1492 فقد المسلمون بشكل نهائي آخر معاقلهم في إسبانيا وبحلول عام 1502 أصدر الحكام المسيحيون قراراً بتحول المسلمين للمسيحية وعندما أخفقوا في ذلك فرضوا قيودا مشددة على من تبقى من المسلمين الإسبان. (BBC)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

3 Comments

  1. كاتب المقال نسي محاكم التفتيش و إعدام المسلمين و اليهود الذين لم يتركوا بلادهم مثلما اعتبر أن الأندلس كانت جسراً بين الثقافه اليونانية و الغربية أي أنه حذف و بشكل مبالغ به الحضارات الأخرى و منها الإسلامية ذاتها.
    من الحقائق التي لا يعلمها من لا يعيش في الغرب أن الإعلام الغربي يتجاهل وجود حضارة المسلمين مثلما يتجاهل وجود حضارتي الترك و الفرس اللواتي سبقتا حضارة الأغريق أو اليونان, أما المؤرخين الغربيين فيتمادون أكثر و يعتبرون بناة الحضارة فقط هم الأغريق و الرومان.

  2. مثل كتب التاريخ التي درسناها تلميع فاشل و حديث افلاطوني عن التسامح و العدل و ووو