مجلة ألمانية : هذه نتائج استمرار ” العقوبات الأمريكية على إيران ” في سوريا .. و بشار الأسد أمام خيارين
لا يحق للسوريين الحصول على البنزين، إلا بمقدار 20 ليتراً، عن كل خمسة أيام، وما عزز أزمة المحروقات في سوريا، العقوبات الأمريكية ضد إيران، وقد تغذي الأزمة الصراع بين الأسد والأكراد، لأنهما الطرفان المسيطران على آبار النفط في سوريا.
ذكرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية، يوم الخميس، بحسب ما ترجم عكس السير، أن الديكتاتور السوري بشار الأسد في أفضل وضع له عسكرياً في سوريا منذ سنوات، لكن الوضع الاقتصادي بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في الداخل هو الأسوأ منذ اندلاع الحرب قبل ثماني سنوات.
وأضافت المجلة أن تردي الوضع الاقتصادي يبدو جلياً بشكل خاص، من خلال أزمة المحروقات في سوريا، حيث أنه منذ شهر نيسان، لا يحق للفرد الحصول إلا على 20 لتراً فقط من البنزين، كل خمسة أيام.
وأشارت المجلة إلى أن سائقي سيارات الأجرة استثنوا من القاعدة السابقة، حيث يُسمح لهم بتزويد عرباتهم بـ50 لتر من الوقود، كل يومين، ولكن في كثير من الأحيان تكون محطات الوقود فارغة تماماً، فلهذا السبب يصطف الكثير من السوريين، لفترة طويلة، في الساعات الأولى من الصباح أمام محطات الوقود، حتى قبل أن تفتح الأخيرة، للحصول على أي مقدار من البنزين.
ويتجلى عمق أزمة الوقود، من خلال خروج متظاهرين أمام مبنى الحكومة في مدينة السويداء، يوم الأربعاء، عدا عن أن وسائل الإعلام المقربة من نظام بشار الأسد نفسها، قد نشرت تقارير عن وجود احتجاجات بسبب الأزمة.
وبحسب تقرير المجلة، فإن نقص الوقود، من ناحية، هو نتيجة للحرب في سوريا، حيث أن إنتاج النفط في سوريا، قبل الحرب، كان حوالي 350 ألف برميل يوميًا، وهو ما يكفي لتلبية احتياجاتها المحلية وتصدير حوالي 150 ألف برميل يوميًا، أما الآن، فانخفض الإنتاج إلى حوالي 25 ألف برميل يوميًا، وهو مقدار لا يغطي سوى ربع الاحتياجات، على الرغم من انخفاض عدد المقيمين في الداخل، نتيجةً لهروب الكثير من السوريين.
ومن ناحية أخرى، فإن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على إيران، الحليف الأهم لنظام بشار الأسد، عمق من أزمة الوقود في سوريا، حيث أن إيران، وهي التي غطت طوال السنوات الماضية فجوة نقص الوقود في سوريا، لم تعد تستطيع دعم حليفها في هذا المجال.
وأشارت “دير شبيغل” إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن عن فرض “أشد العقوبات على مدار كل العصور” ضد إيران، في تشرين الثاني، وتريد الولايات المتحدة الأمريكية بهذه العقوبات تقليص صادرات النفط الإيرانية إلى أقصى حد ممكن، ومنذ ذلك الحين، توقفت الشحنات النفطية من إيران إلى سوريا.
وبحسب معلومات من موقع “TankTrackers.com” المختص بمراقبة أخبار تجارة النفط العالمية، فإن سفينة إيرانية محملة بالنفط، كانت وجهتها إلى سوريا في كانون الأول 2018، كانت قد توقفت قبالة قناة السويس ولم تصل إلى وجهتها.
ونتيجة للعقوبات الأمريكية، جمدت الجمهورية الإسلامية حد ائتمانها للحكومة السورية، وبالتالي فإن دمشق لن تحصل على أي أموال جديدة من طهران.
وكان ينبغي على إيران أن تقدم للأسد إعفاءً من الديون شريطة أن يتخلى عن ميناء اللاذقية للإيرانيين، لكن على النقيض من ذلك، ووفقًا للمعلومات الواردة من صحيفة الأخبار اللبنانية، والتي ترتبط بنظام بشار الأسد، فإن فلاديمير بوتين أفشل إتمام الصفقة.
وبحسب تقرير المجلة، فإنه في حال لو كانت الصفقة قد تمت، وانتقل الميناء، الذي لا يبعد عن حيفا سوى حوالي 300 كيلومتراً، إلى سيطرة الإيرانيين، لأصبح هدفًا للجيش الإسرائيلي، ومن المعروف أن تعريض اللاذقية للقصف الإسرائيلي سيعرض المصالح الروسية في سوريا للخطر، لا سيما قاعدة حميميم العسكرية، التي لا تبعد عن الميناء سوى بضعة كيلومترات.
وئكر التقرير أن أزمة الوقود في سوريا دليل آخر على أن العقوبات الأمريكية ضد طهران، كما هو الحال في إيران نفسها، قد أصابت المواطنين في البلدين، وبالكاد أثرت على النظامين القائمين فيهما، ففي حين ينتظر سكان دمشق وحلب طوال ساعات من أجل الحصول على بضع لترات من الديزل أو البنزين، تبدو إمدادات جيش بشار الاسد غير متأثرة بالأزمة، وأكبر دليل على ذلك هو الهجوم الحالي لجيش بشار على محافظة إدلب، شمال سوريا.
وعلى المدى المتوسط، يمكن أن تؤدي أزمة النفط إلى اندلاع جولة جديدة من القتال داخل الحرب الأهلية في سوريا، فغالبية حقول النفط ليست في أيدي نظام بشار، بل تحت سيطرة المقاتلين الأكراد الذين يهيمنون على تحالف ميليشيات “قوات سوريا الديمقراطية”.
وبحسب المجلة، فإن قوات سوريا الديمقراطية تبيع النفط لنظام بشار الأسد، نظراً لاعتمادها على عائداته، تماماً مثلما كانت تفعل “داعش” الإرهابية، حين كانت تسيطر على حقول النفط في شرق سوريا، قبل سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها.
وختمت المجلة بالقول إن نظام بشار الأسد يقف أمام خيارين: إما إبرام صفقة مع قوات سوريا الديمقراطية، أو الدخول في مواجهة عسكرية ضدها/ والخيار الثاني يكون أكثر تهديداً، في حال نفذت الولايات المتحدة الأمريكية إعلانها المتعلق بسحب جنودها، البالغ عددهم حوالي ألفي جندي، بشكل كامل، من منطقة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، شمال شرقي نهر الفرات.[ads3]