كيف تنظر إسرائيل إلى ” ضعف ألمانيا ” و أفول نجم ” الصديقة ” ميركل ؟
من بحث مؤخراً في «غوغل» عن كلمة «ميركل»، وجد قبل كل شيء اسم الوالدة السعيدة، الدوقة ميغان. أما المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل فعليها أن تنتظر إلى أن ينزل المتصفح الفضولي إلى الأسفل، ليجد موقفاً من تاريخها.
ولعل هذه كل القصة. أناس التقيتهم في برلين الأسبوع الماضي قالوا لي إنها على وعي جيد بذلك. فهي تفهم أنه بعد أن استقالت من رئاسة حزبها وأعلنت بأنها لن تتنافس في الانتخابات القادمة أصبحت «إوزة عرجاء».
وتعرف برلين بأن المستشارة القديمة تحاول أن تجد هذه الأيام توقيتاً مناسباً يسمح لها بالاعتزال بأكثر الطرق سلاسة.
الأسبوع الماضي، في اللحظة الأخيرة تماماً، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عن إلغاء لقائه مع ميركل. وبدلاً من ذلك ظهر بومبيو في العراق. يحتمل أن تلك الزيارة خدمت مصلحة أمريكية مهمة، ولكن في برلين لم يفهموا كيف تصفع هكذا.
هذه الخطوة لا تقف بحد ذاتها. ففي أوروبا أيضاً تشعر ألمانيا بانعزالية حادة. أزمة البريكزيت لا تهدأ، وبريطانيا تجد نفسها في ورطة لا يمكنها أن تخرج منها، ومع نهاية الشهر سيتوجه مواطنوها إلى صناديق الاقتراع فينتخبوا ممثليهم للبرلمان الأوروبي.
لا يوجد أي محور سياسي بين تريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا الآخذة في الذوبان وبين ميركل التي اختارت خليفتها منذ الآن، فاستقالت من رئاسة حزبها، وأعلنت أنها لن تتنافس في الانتخابات القادمة.
إيطاليا، التي يحكمها اليوم ائتلاف غريب جداً من اليسار المتطرف واليمين المتطرف، لا يمكنها أن ترتبط بألمانيا ميركل كي تتصدر خطوات مستقلة حيال الولايات المتحدة وروسيا. بينما فرنسا، بقيادة عمانويل ماكرون، لا تسارع إلى النزول تحت كنف ألمانيا ميركل.
وإذا كان يخيل في أثناء السنة الماضية بأن ماكرون يأخذ على عاتقه مسؤولية أن يكون التلميذ المخلص لميركل وأنه سيكون معاوناً لها في مساعيها لإعادة بناء أوروبا في أعقاب هجر بريطانيا لها، يتبين أن الخلافات بينهما كبيرة، بينما اللقاءات بينهما تقل وتقصر. ومع أن كليهما يؤمنان بأهمية وجود اتحاد أوروبي قوي، ولكنهما يختلفان في مسألة كيف تنفذ التغييرات (حين تكون أغلبية دول شرق أوروبا غير مستعدة لأن تنضم إلى الإجماع اللازم في هذا الموضوع)، وما هي السياسة المالية المناسبة لأوروبا. وبخلاف ميركل، التي تؤيد سياسة اقتصادية محافظة ومصرة جداً على بند النفقات، يعتقد ماكرون بأن ألمانيا أخطأت حين فرضت على دول ضعيفة نسبياً، مثل إسبانيا، واليونان وإيطاليا، سياسة تقشف.
هذه المرأة المؤثرة، التي رأى فيها الجميع الشخص الأهم في أوروبا في أثناء ولاياتها الثلاثة الأولى، قررت التنافس في المرة الرابعة، وارتكبت خطأ حياتها. فقد نال حزبها التأييد الأدنى في هذا الجيل، ووجدت صعوبة في تشكيل حكومة، وفي نهاية المطاف، أقام الحزبان الجريحان والضعيفان ـ الاشتراكيون والمسيحيون الديمقراطيون، حكومة مشتركة لا تنجح في إجراء الإصلاحات اللازمة في ألمانيا كي تبقيها قاطرة اقتصادية للقارة، بل وليس تجديد البنى التحتية المادية اللازمة.
وتتصرف ميركل نفسها كظل لنفسها، وتبحث أغلب الظن عن حدث مهم، ما يبرر انصرافها من الساحة السياسية. انغريد كرامب كرنباور، خليفتها المرشحة لا تعتبر في هذه الأثناء نجمة. ربما لأنها تعمل في ظل المستشارة وربما لأنها ليست هكذا حقاً.
ميركل هي صديقة إسرائيل وألمانيا هي الدولة الأهم في أوروبا. ودعمها لإسرائيل هو الثاني بعد دعم الولايات المتحدة لنا. إن ضعف ميركل وألمانيا هما إشارة لنا بأن نأخذها بالحسبان مع نزول المستشارة عن الساحة. من يعتقد أن مستقبل إسرائيل يمكن أن يعتمد على دول وسط وشرق أوروبا التي تصبح أنظمتها ديمقراطية أقل فأقل ـ يقع في الاختيار الأخلاقي المغلوط، ويعتمد على سند متهالك.
يوسي بيلين – اسرائيل اليوم (ترجمة : القدس العربي)[ads3]