تحذير من مادة سرطانية تدخل في صناعة أغذية و أدوية عدة !

تعتبر مادة E171 من المواد الغذائية التكميلية التي تدخل في صناعة مختلف المواد الغذائية الممتدة بين الجبنة (بما فيها الموتزاريلا) والشوكولا والمعلبات. فهي مادة تمنح المنتجات بياضًا خلابًا، وتزيد فترة بقاء المنتجات طازجة، إضافة إلى كونها مادة حافظة ملونة وملّينة للكثير من الأغذية والأدوية.

يبدو أن ثاني أوكسيد التيتان المذكور ليس “سليمًا” تمامًا، كما يعتقد العلم حتى الآن، لأن دراسة أسترالية جديدة تحذر من عمله على زيادة مخاطر إصابة الإنسان بالتهابات القولون المزمن وعلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطان الأمعاء.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “إيلاف”، ليست هناك دراسات عن أضرار مادة ثاني أوكسيد التيتان نظرًا إلى عدم وجود أدلة على أعراض جانبية أو مضاعفات قد تنجم من استخدامها، وهي صبغة معدنية شديدة البياض، تطلق في الجسم أحماضًا مذيبة، كانت سبب عزوف الصناعة عنه، إلا أن العلماء وجدوا طريقة لتخليصه من هذه الأحماض.

صعبة الامتصاص

تعتبر مادة E171 صعبة الامتصاص في الأمعاء، كما يعجز الجسم عن معادلتها أو التخلص منها بسهولة، وهذا قد يكون مصدر خطورتها. وفضلًاً عن كونها مادة ملونة ثابتة، فإنها قادرة على امتصاص الأشعة فوق الحمراء، وهذا سر جاذبيتها بالنسبة إلى شركات صناعة الكماليات والمواد الحافظة من أشعة الشمس، وبالنسبة إلى شركات صناعة الأغذية.

تتواجد مادة ثاني أوكسيد التيتان حاليًا، وتستخدم حاليًا بشكل أكبر في الصناعة، كمادة معدنية نانوية، إلا أنها تصبح شفافة في هذه الحالة، وتفقد قيمتها كمادة ملونة، لكنها تحتفظ بقدرتها على امتصاص الأشعة فوق الحمراء من ضوء الشمس.

تدخل هذه المادة في صناعة أكثر من 900 مادة غذائية ودوائية ومستحضر منذ أكثر من 50 عامًا. من خواصها الأخرى أنها تمنح المواد السائلة شكلًا، كما إنها تمنع تكتل المواد وتحافظ على سيولتها.

تأثير ضار على البكتيريا المعوية

توصل الباحثون من جامعة سيدني إلى أن E171 تؤثر سلبًا على بكتيريا الأمعاء الحميدة “الفلورا”، وأن هذا هو سبب مضاعفاتها الالتهابية الممكنة. وثبت للعلماء الأستراليين أن ثاني أوكسيد التيتان يتفاعل مع بعض أنواع بكتيريا الأمعاء، ويعبث الاضطراب بالتالي في وظيفة هذه البكتيريا.

كتب الباحثون في مجلة “Frontiers in Nutrition” المتخصصة أن ثاني أوكسيد التيتان يزيد مخاطر الإصابة بالتهابات القولون المزمنة، كما إنه يحفز على النمو السرطاني في الأمعاء.

أجرى الأستراليون الدراسة على الفئران المختبرية، وظهر أن جزيئات وكريات ثاني أوكسيد التيتان النانوية تترابط مع بكتيريا الأمعاء، وتشكل “شريحة” رقيقة غير حميدة تسمى “الفيلم البيولوجي”.

وذكر البروفيسور لورنس مايكا، المتخصص في علم المناعة، أن دراسات سابقة أثبتت أن مثل هذا “الفيلم البيولوجي”، الذي ينشأ عن ترابط البكتيريا والمواد الخارجية، تزيد مخاطر الالتهابات والنمو السرطاني في الأمعاء. والمشكلة، بحسب مايكا، أن العلم لا يعرف شيئًا عن التأثير البعيد المدى للمادة على الأمعاء، ولا بد من دراسات مقبلة تهتم بذلك.

قد تسبب أمراض المناعة الذاتية

الهدف من الدراسة هو وضع معايير أسترالية وعالمية جديدة في التعامل السليم مع ثاني أوكسيد التيتان، بحسب رأي البروفيسور فويتشيك كارزانوفسكي، الذي شارك في الدراسة. وحذر كارزانوفسكي من أن استخدام مادة E171 النانوية قد تزايد بشكل كبير في السنوات العشر الماضية.

وأشار الباحث إلى أن الدراسة ربطت أيضًا بين “الفيلم البيولوجي” الذي تكونه مادة E171 النانوية مع بكتيريا الأمعاء وجملة من الأمراض الأخرى التي تمتد بين الخرف والأكزيما وأمراض المناعة الذاتية والأمراض السرطانية والتوحد والربو.

هناك ترابط كبير ومعترف به علميًا بين وظائف البكتيريا المعوية (الفلورا) والصحة العامة للإنسان. وأكد كارزانوفسكي بدوره أن جزيئات ثاني أوكسيد التيتان تخل بوظائف الفلورا، وتعرّض الأمعاء إلى الإلتهابات المزمنة والأمراض السرطانية.

دراسات سابقة

جدير بالذكر أن دراسة سابقة لجامعة زيورخ السويسرية توصلت في سنة 2017 إلى أن ثاني أوكسيد التيتان قد يسبب التهابات القولون المزمنة. لذلك نصح البروفيسور جيرهارد روغلر، من جامعة زيورخ آنذاك، المعانين من اضطراب الفلورا المعوية، بتجنب المواد التي تحتوي على مادة E171.

ورغم عدم وجود دراسات فرنسية حول المادة، قررت فرنسا حظر المواد التي تحتوي على ثاني أوكسيد التيتان في صناعة الأغذية بدءًا من الأول من يناير 2020، إلا أن بقية البلدان الأوروبية لا تزال تتعامل معها كمادة حميدة لا ضرر من استخدامها في صناعة الأغذية والأدوية.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها